خوري: لتكن ورقة التيار نقطة انطلاق لخطة وطنية شاملة نسناس: الحوار باب العبور الوحيد من الأزمة إلى الإصلاح
استضاف المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مقرّه في وسط بيروت أمس، جلسة حوار بعنوان «أزمة الاقتصاد والإصلاحات العاجلة»، نظمها بالاشتراك مع وزارتي العمل والاقتصاد والتجارة وبالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت، بحضور النواب غسان مخيبر، الآن عون، ميشال موسى، الوزير السابق ناصر السعيدي، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، رئيس غرفة التجارة الأميركية ـ اللبنانية سليم الزعبي، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان نبيل فهد، رئيس غرفة التجارة الدولية وجيه البزري، ممثلي نقابات عمالية وحشد من الخبراء الاقتصاديين وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
بداية، تحدث رئيس المجلس روجيه نسناس فقال: «في احتفال السراي بإطلاق «نهوض لبنان، نحو دولة الإنماء» وذلك قبل أسابيع ثلاثة من انتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، كنا وعدنا بتنظيم ورش عمل تسهم، مع انطلاقة العهد، في النهوض والإنماء. وستلي هذه الجلسة في الأشهر المقبلة سلسلة ورش مع المسؤولين والخبراء المختصين. نحن لا نتحدث عن أزمة كي نبقى فيها. هذا هو المعنى المراد من الإصلاحات العاجلة. وفي هذا الاتجاه، أطلق معالي الوزير الصديق الاستاذ رائد خوري مؤتمراً حول المؤسّسات الصغرى والوسطى أطلقه وأطلقت الورقة الاقتصادية «للتيار الوطني الحر» التي ركزت في مؤتمره الصحافي برئاسة الوزير جبران باسيل على الإجراءات الفورية والمتوسطة. وفوق ذلك، نادى فخامة الرئيس العماد ميشال عون الجميع منذ توليه سدة الرئاسة، إلى تفعيل الاقتصاد وإلى إرساء الأمان الاجتماعي، وشدّد على مشاركة المجتمع المدني في ورشة النهوض والإنماء. كما شهدنا النداءات المتكررة التي أطلقها دولة الرئيس نبيه بري، ودولة الرئيس سعد الحريري، وكل المواقف التي سجلتها الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام وسائر الأحزاب والاتحادات والنقابات والجمعيات في القطاع الخاص وفي المجتمع المدني».
وأضاف نسناس: «أردناها ورشة جامعة للعبور إلى النهوض. هذا ما شئناه من مبادرتنا قبل عشرة أشهر، عندما اقترحنا رؤية علمية وعملية، مع مجموعة من الخبراء والمسؤولين والأكاديميين، تعتبر أنّ النهوض ليس مسؤولية الدولة وحدها، وليس مسؤولية القطاع الخاص بمفرده، بل هو ثمرة تعاون وتضامن وتكامل بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، واعتبرنا نهوض لبنان ورقة حوار مع الجميع لبلورة هذه الرؤية تعديلاً أو تطويراً من أجل الوصول إلى رؤية مشتركة. وهنا يكمن دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي نتطلع بثقة إلى إعادة تشكيله لكي يسهم، مع انطلاقة العهد، في استنفار الإمكانات والطاقات والكفاءات والمهارات: من المبادرة الحرة إلى المقومات الاقتصادية الداخلية، إلى الطاقة الاغترابية اللبنانية، إلى اجتذاب الاستثمارات مع الدول الشقيقة والصديقة».
وتابع: «في هذا الإطار، رابطة المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية التي أرأسها، أكدت سبل الدعم للبنان لا سيما في مسألة نزوح السوريين الأشقاء التي باتت تفوق قدرة لبنان على تحمل أعبائها ومضاعفاتها. وحول هذا الموضوع نبحث مع الاتحاد المتوسطي تنظيم ندوة هنا في بيروت بمشاركة البلدان العربية والأوروبية، ولا سيما المتوسطية لمساعدة لبنان والأردن والبلدان المعنية».
وأكد أن «ليس أمامنا إلا الحوار باباً للعبور من الأزمة إلى الإصلاح. إنها مرحلة تحتاج في الوقت نفسه إلى تفعيل الداخل والى توظيف علاقاتنا مع الأشقاء ومع أوروبا ومع الدول الصديقة. هذه العلاقات التي ساهمنا في إرساء ركائزها منذ سبعة عشر عاماً عبر الاتحاد الأوروبي للمجالس الاقتصادية والاجتماعية وجمعية المجالس الاقتصادية والاجتماعية الدولية والأورو متوسطية. بتضامننا ننجح لأنّ نهوض الاقتصاد هو نهوض للجميع ولأنّ سقوط الاقتصاد هو سقوط للجميع. كما أنّ الأمان الاجتماعي هو ركيزة للاستقرار الاقتصادي والوطني».
وفي الختام، شكر نسناس شركة غوبا على تنظيمها مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي هذا اللقاء.
ممثل لاسن
ثم تحدث ممثل رئيسة بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان السفيرة كريستينا لاسن رئيس قسم العمليات لدى البعثة ألكسيس لوبر، فأكد «التزام الاتحاد دعم الحوار الاجتماعي الثلاثي في لبنان كجزء من الجهد المبذول من أجل إيجاد الظروف الملائمة لحوار اجتماعي شامل ومنصف على المستوى الوطني، يؤدي إلى تنشيط المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان بهدف تأدية دوره المنصوص عليه في الدستور».
جابر
بدوره، رأى النائب ياسين جابر أنّ «التخاطب في الأيام والسنوات الأخيرة كان يحصل في الساحات وعبر أثير محطات التلفزة، وبات كأنه حوار طرشان بدل أن يجري في هذه القاعة بين جدران المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أنشئ لهذه الغاية»، آملاً «أن يعود إلى لعب دوره قريبا كي لا تبقى الساحات ووسائل الإعلام المكان الوحيد المتاح».
وتحدث عن دراسة للبنك الدولي عن الأوضاع الاقتصادية في لبنان معدداً 10 إصلاحات سريعة لها ألاولوية وفق الدراسة، هي «إقرار موازنة سنة 2017، إقرار قانون المناقصات الموجود في مجلس النواب منذ عام 2013، تطبيق كل القوانين، إجراء اصلاحات مالية سريعة بدءاً من الكهرباء، إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إطلاق المناقصة لاستيراد الغاز لإنتاج الكهرباء، تكليف مجلس الإنماء والأعمار التفاوض وإطلاق النقل العام، العمل على إنشاء شبكة أمان اجتماعي إقرار قانون لمعالجة النفايات الصلبة والعمل على تحسين بيئة الأعمال في لبنان».
وزير الاقتصاد
وتحدث وزير الاقتصاد رائد خوري مؤكداً أهمية هذا الاجتماع «في ظلّ الأوضاع المحلية والاقليمية وتداعياتها على الاقتصاد اللبناني الذي بات بحاجة إلى خطة إنقاذ لإعادة تحريك عجلته».
وقال: «نعمل لاقتصاد أكبر» شعارنا لهذه المرحلة وهو تتويج لدعوة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للعمل على تحويل اقتصادنا من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. وورشة العمل اليوم هي الأولى من نوعها من تنظيم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدعم من مشروع تعزيز الحوار الاجتماعي الذي يموله الاتحاد الأوروبي، وهي تهدف إلى تعزيز الحوار حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه لبنان وبناء فهم مشترك حول الحلول الممكنة».
ولفت إلى أنّ الاقتصاد اللبناني «يعاني مشكلات ومعوقات اقتصادية داخلية جوهرية، ويتعرض في الوقت نفسه لتحديات خارجية، تجعل معالجة المعوقات الاقتصادية أكثر إلحاحاً».
وذكر أهم هذه المعوقات وهي:
ـ «النمو غير المستدام للاقتصاد المعتمد اعتماداً كبيراً على أموال المغتربين والتي بدورها باتت تشهد انخفاضاً مع تراجع أسعار النفط علماً أنّ أغلبية الأموال تأتي من دول الخليج.
ـ تداعيات خطيرة للأزمة السورية على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية.
ـ تفاقم معدلات البطالة وتزايد في الفقر وخاصة مع نزوح أكثر من مليون ونصف سوري منذ العام 2011.
ـ انعدام المنافسة في الأسواق وبالتالي تدني الإنتاجية ورفع الكلفة.
ـ تفشي الفساد وما يتسبب هذا من هدر للمال العام وتفاوت في الفرص الاستثمارية للمواطنين.
ـ نظام خدمة مدنية يتصف بالمركزية الشديدة والبيروقراطية المفرطة.
ـ بيئة تنظيمية وتشريعية لا تسمح للقطاعين العام والخاص من التمتع بالمرونة والحركة اللازمة للتكيف مع المتغيرات.
ـ هجرة العقول اللبنانية وعدم عودة الخبرات الموجودة في الخارج ما يؤدي إلى قصور في المعرفة والقدرات العلمية وفي القدرة التكنولوجية وبالتالي إلى ضعف الإنتاجية والقدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
ـ قدرة تصديرية ضعيفة وتفاقم العجز في الميزان التجاري».
وأضاف خوري: «إلى جانب هذه المشاكل الداخلية، يتعرض الاقتصاد اللبناني لتحديات خارجية تفرض عليه العمل المكثف والسريع لزيادة قدرته التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية. وبالتالي يطرح السؤال نفسه: من أين يبدأ الإصلاح الاقتصادي؟ ويكون الجواب المنطقي: يبدأ الإصلاح الاقتصادي من رؤية مستقبلية واضحة تقوم على محاور استراتيجية تتناول المعوقات الهيكلية وتطرح حلولاً وإصلاحات ضرورية لمعالجتها. وهذا في الواقع هو ما نقوم به في وزارة الاقتصاد والتجارة منذ تسلمي لمهامي كوزير خاصة أننا شدّدنا على ضرورة الاستفادة من الأجواء الايجابية السائدة في البلاد مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل حكومة وحدة وطنية».
وتابع: «أطلقنا في وزارة الاقتصاد والتجارة في 11 تموز المنتدى اللبناني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تحت عنوان «احتياجاتك، تحدياتنا» وهو بمثابة ظاهرة اقتصادية هدفها تحقيق إقتصاد أكبر، توفير فرص العمل وارساء استقرار اجتماعي مستدام. وهو يندرج من ضمن خطة عمل أطلقناها في آذار 2017 تشمل مجموعة كبيرة من النشاطات والمبادرات. كما أطلقنا في 13 تموز ورقة التيار الوطني الحر الاقتصادية وهي خطة عمل تهدف الى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتحاكي توجهات الكثير من اللبنانيين».
ودعا «لأن تكون هذه الخطة نقطة انطلاق لخطة اقتصادية وطنية شاملة تحدد هوية لبنان الاقتصادية، وأن تترجم خطة عمل على المدى القصير، المتوسط والطويل».
وتحدث عن وضع وزارة الاقتصاد والتجارة «الخطوط العريضة لخطة الإصلاح الاقتصادي وللاستجابة لمتطلبات التنمية المستدامة»، مشيراً إلى أنها تقوم على المحاور التالية:
«أولاً: خلق المناخ المحفز للاستثمار وتوفير الفرص المتكافئة للجميع. ويكون ذلك عبر توفير التحفيزات الضريبية وغير الضريبية علماً أنّ تأمين الاستقرار السياسي هو ضرورة حتمية لتعزيز الاستثمار في لبنان.
ثانياً: تحفيز مبادرات القطاع الخاص والاستفادة من قدراته، لا سيما لناحية التمويل والنهوض بمشاريع البنية التحتية، بالأخص في قطاعات الكهرباء والمياه والطاقة المتجدّدة والطرق والبيئة وغيرها من المجالات مما يساهم في تحسين مناخ الأعمال في البلاد وإعادة الثقة بالكيان الاقتصادي.
ثالثاً: الحفاظ عل شبابنا داخل الوطن من خلال توفير المناخ اللازم لهم للاستثمار والعلم والإبداع والابتكار. فهؤلاء الشباب هم المستقبل ولبنان بأمس الحاجة إليهم.
رابعاً: الحد من العجز في الميزان التجاري عبر تعزيز الصادرات اللبنانية إلى أسواق جديدة هذا مع التشديد على ضرورة توفير حمايات معينة للمنتجات اللبنانية.
خامساً: منع الممارسات الاحتكارية وتعزيز المنافسة في الأسواق من خلال إقرار قانون المنافسة».
وختم خوري بالإشارة إلى «أنّ تحقيق الإصلاح الاقتصادي لا يتطلب التأييد السياسي له على أعلى المستويات فقط وإنما يتطلب أيضاً التعاون الجدي بين القطاعين العام والخاص ومشاركة المجتمع المدني في إعداده»، لافتاً إلى «أنّ عملية الإصلاح الاقتصادي المترافق مع التنمية الاقتصادية والبشرية والتكنولوجية هي الحلّ الذي سيساعدنا على تجاوز عقبات التنمية المحلية وتسريع وتيرتها وهو الذي سيساعدنا على الاندماج في الاقتصاد العالمي وتعزيز تنافسية الاقتصاد».