ويل للمستسلمين الذين رفضوا الصراع فخسروا الحرية وسلموا انفسهم للذلّ والعبودية

اياد موصللي

اذا لم تستح فافعل ما تشاء..

ونأخذ من اقوال جبران خليل جبران استشهادات على مواقف المتخاذلين والمنحرفين: ويل للذين ينصرفون عن الدين الى المذهب.. والذين يكرهون الضيم في منامهم ويخنعون له في يقظتهم، والذين سياستهم ثعلبة وفلسفتهم شعوذة.. منطقة لبنانية أرضاً وشعباً وتخضع لسلطة الحكومة وسيادة الدولة.. احتلتها مجموعات خارجية ذات أهداف تدميرية تقسيمية تكفيرية تهديمية.. واعتدت على سلطة الدولة وأمن مواطنيها قتلت وخطفت جنوداً من الجيش اللبناني ولا تزال تحتفظ بالمخطوفين المجهولي المصير..

عوامل كثيرة كانت تحول دون قيام الجيش بعمل عسكري لطرد هؤلاء من أرضنا وتحرير المختطفين من جنودنا..

مجموعة لبنانية مدرّبة جابهت العدو الاسرائيلي ودحرته.. هذه المجوعة وهي جزء من الشعب تحرّكت لنصرة الجيش والوطن ضدّ المعتدين.. وقامت بالاشتراك والتنسيق مع الجيش بمهاجمة المجرمين وحرّرت البلاد والعباد وطردت الغزاة الطغاة رافعة راية الوطن ناشرة سيادته صدرها للعدو وظهرها للشعب وزندها متلاصق مع زند الجيش..

وبدأ الأطفال وأبناء المقاومين المجاهدين ينشدون في وداع الشهداء «بيّي راح مع العسكر حارب وانتصر وكتّر حارب بعرسال ودمه على أرضها سال..

هذا العمل البطولي الجبار حرّر وطهّر الأرض في عدة أيام.. وسط تهليل وزغردة وأناشيد الشعب..

هذا العمل أغضب وأزعج فئة سياسية تقول إنها من لبنان وتمثل جزءاً من شعب لبنان هذه الفئة لم يعجبها ما قامت به المقاومة.. ضدّ عتاة طغاة كفرة قتلة مجرمين.. مؤازرة الجيش ومساندة له احتجت وطالبت بنشر قوات من الأمم المتحدة والطوارئ الدولية على الحدود ومنع المقاومة من القيام بحماية أرضها وشعبها!!

ذكرني هؤلاء بأمرئ القيس الذي استعان بملك الروم لاستعادة ملك ابيه وسمّي أمير شعراء جهنم اشمئزازاً من عمله بالاستعانة بعدو العرب على قومه.. وتذكرت ابو رغال دليل ملك الحبشة في مهاجمة مكة عام 570م.

وتذكرت العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 وموقف هؤلاء ورئيسهم وهو موقف لا يختلف عن موقفهم اليوم.

عنوان الاستهجان على عمل هذه المقاومة منبعه ومبعثه حوافز ودوافع مذهبية طائفية واعتبروا انّ إيران هي الداعم والمؤيد للمقاومة والمستفيد من انتصارها.. وتذكرت المثل القائل أنا وأخي على ابن عمي وانا وابن عمي عالغريب.. فاذا كانت إيران مناصرة داعمة ضدّ عدو تكفيري قتل وذبح ودمّر وهدم البلاد وحارب الأديان وتدرّب وتسلّح من العدو وعولج في مشافيه وأزال وهدم الآثار والمتاحف والمعابد الدينية مسيحية واسلامية..

لم نسمع أصوات هذه المجموعة السياسية ترتفع ضدّ العملاء وجيش لحد وأعوانهم، لا بل دهشنا يوم كان العدوان الاسرائيلي على أشدّه والدعم الاميركي معلن له، يقيمون المآدب لوزيرة الخارجية الأميركية مرحّبين فرحين..

إيران كنا نعتبرها أحد خطرين على أمتنا وبلادنا الخطر التركي وهو لا زال قائماً والخطر الإيراني الفارسي الذي كان قائماً مجسّداً في الشاه ونظامه حيث تشكلت بداية «إسرائيل» مع الشاه، عندما عمل جهاز الموساد، بالتنسيق مع المخابرات البريطانية والأميركية، على إسقاط الزعيم الإيراني المنتخب ديمقراطياً، محمد مصدق، سنة 1953. وقد مكنت العلاقة التي أقيمت مع الشاه، إيران من أن تصبح المستورد الرئيسي للمنتوجات «الإسرائيلية» حتى ظهور الإمام الخميني. كما لعبت «إسرائيل» دوراً في تدريب السافاك، جهاز الاستخبارات الإيراني الوحشي الذي كان يحمي الشاه .

وعندما زال الشاه وزالت معه أطماعه العنصرية والقومية التوسعية ونشأت علاقات روحية بين بلادنا وإيران ووقفت ايران ضدّ «إسرائيل» في موقف مساند لشعوبنا وأصبحت حليفاً داعماً مسانداً مؤيداً وساهمت في دعم المقاومة ضدّ الإرهاب في الشام والعراق واليمن سلحت ضدّ من يعتدي وعمّرت ما تهدّم.. إيران حليف وصديق وعدو عدوي صديقي..

فهل من أجل ولاء سياسي لجهة عربية او أجنبية نقف ضدّ ما قامت به المقاومة اللبنانية في حربها ضدّ الإرهاب مساندة داعمة للجيش وسلطة البلاد وفق قاعدة شعب جيش مقاومة ضدّ كلّ إرهاب واعتداء، ولا زلنا نذكر في ظلّ حكومة هذه المجموعة قدّم مسؤول أمني القهوة والشاي في مركز حكومي في مرجعيون لضباط اسرائيليين ابان عدوان تموز عام 2006.

فهل هي سياسة متبعة لدى هذه المجموعة وانتماء ثابت وخط ولاء خارجي منحرف ام كما يقول المثل: «نكاية بالطهارة بوسّخ ثيابي».

انّ إرادة الحياة قد فرضت نفسها وأعلنت عن وجودها يوم ترجمت المقاومة في لبنان وعلى الأرض ما كنا نراه في أحلام النوم واليقظة وها هي المقاومة بكلّ عناوين العز والفخار جاثمة على صدر العدو… عدو الإرادة وعدو الوجود في الداخل وعلى الحدود… حاكم متخاذل وشعب مستسلم قانع، وعدو الوجود صهيوني متغطرس، بأرضنا ووجودنا في وجه هذا كله بصقت المقاومة وزغردت الصبايا وضحك الأطفال وقبل أن تلوح شمس العزّ كان وميض نور الكرامة يشعّ من جباه جيل آمن بانه ينتمي لأمة صنعت الحياة…

وأمام هذه المقاومة في لبنان كان هتاف الجراح يناديها من فلسطين نحن هنا رفقاء قضية رسالة حياة… توحدت إرادة العزّ ولاحت بيارقه، وأمام كلّ شهيد، يولد وليد منتش بدماء جديدة يتنشّق هواء نقياً مضمّخاً بأريج النبل والبطولة ويناديهم من بعيد صوت مدوّ يقول سيروا الى الجهاد وما أروع النصر الذي سوف تحققون…

انّ البطولة التي يسجلها ويجسّدها العاملون بصمت بعيداً عن الإعلام، بعيداً عن الضوء والضوضاء، تلك هي البطولة المؤيدة بصحة العقيدة والإيمان هي التي سوف تصحّح كلّ المفاهيم وتؤكد انّ فلسطين انتصرت والأعراب أفلسوا، انّ فلسطين العروبة انتصرت بالإرادات، والأعراب أفلسوا رغم القرارات… وانّ إرادات البقاء أقوى من القرارات والإملاءات… وكما هم في فلسطين كذلك هم يطهّرون أرض الوطن في الداخل من الإرهابيين التكفيريين..

تعرّضنا لكثير من الحروب والحملات وأثبتت أمتنا على مراحل تاريخها أننا ما خشينا الحروب أبداً، نحن لا نخاف الحرب بل نخشى الفشل لأنّ الفشل بداية الانهيار وأثبتنا أننا قادرون على الحياة ونحن أهل لها، فنحن الذين صنعنا حطين وطردنا الصليبيين وعادت لنا مقدّساتنا، نحن الذين طردنا الأتراك العثمانيين ووأدنا فكرة التنريك… نحن الذين لقنّا غورو وأحفاده الدروس في ميسلون، وسهول حمص وحماة، كما لقنّا كلّ محتلّ من عنجر، ومرجعيون… أخرج بلا أسف، وأنشد اطفالنا بيِّّ راح مع العسكر، حارب وانتصر بعنجر … مواقع العزّ كثيرة في بلادنا وترابط التاريخ متواصل…

نريد ان نعيد الوهج لعقائدنا القومية والروحية لتبقى بلادنا مدرسة الفكر الخلاق… انّ هذه المرحلة صحّت تسميتها مرحلة الاغتراب… حيث بعدت عنا كلّ قيم وفضائل أخلاقنا التي اشتهرنا بها في التاريخ… نجول في البلاد العربية فنرى أعرابا ولا نرى عروبة، نرى مسلمين ولا نرى إسلاماً، نرى مسيحيين ولا نرى مسيحيية، نريد ان نعيد الروح الى معتقداتنا الروحية والفكرية والقومية، ولنتذكر دائماً انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان… فهذا المال أغرق خليجنا واتخم ناسه فامتلأت الجيوب وفرغت النفوس وخنق وجدانهم وضميرهم… فابتعدوا عن كلّ معاني الإباء العربي وساروا طبّالين في مواكب أعداء الأمة، لقد نسي قادة وملوك الخليج وبعض من أقطار العروبة معنى الحرية والسيادة. نسوا فلسطين وأهلها. انّ خيرات الله جعلتهم ينساقون وراء غذاء الجسد ونسوا غذاء الروح… انّ أجيالنا القادمة أجيال الفاقة والحرمان ستكون غنية بالقيم والمثل الحقيقة التي ستفرض نفسها بالأخير، وهي حقيقة انتصار هذه الأمة العظيمة، انّ أجيالنا القادمة تتبرّأ من اولئك المستسلمين المستجدين الحق استجداء، لقد رفضوا الصراع فرفضوا الحرية وسلّموا أنفسهم للعبودية، فالحق ليس طلباً بل مطلباً تطلبه النفوس القادرة وتحارب في سبيله فتظفر وتسعد، كما أنّ الباطل تطلبه النفوس العاجزة فيجرّها الى التهلكة.

ولمن نسي نقول: علينا أن نعي حقيقتنا بشكلٍ عميق وواعٍ وأن نحدّد أعداءنا الداخليين والخارجيين ، فأعداء الداخل أخطر من أعداء الخارج فدرهمُ وقاية خيرٌ من قنطار علاج فلا نضيعنَّ الفرصة، نحن نواجه عدواً صهيونياً شرساً وعصابات شرسة مجرمة.

انّ تنظيف حدودنا وأرضنا شرقاً وجنوباً هو مهمة وطنية يؤدّيها جيشنا ملتحفاً تأييداً من الشعب الذي أنتج مقاومة مؤمنة بأنّ الحياة وقفة عزّ فقط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى