الأحمد: قدر الثقافة أن تبقى قائمة مهما اشتدّت الأزمة
سامر الشغري ـ رشا محفوض
أطلقت المؤسسة العامة السورية للسينما، ضمن عرض خاص مساء أمس، أحدث إنتاجاتها للسنة الحالية، عبر الفيلم الروائي الطويل «ماورد» للمخرج أحمد إبراهيم أحمد وسيناريو سامر محمد إسماعيل عن قصة «من يقرع الجرس» للأديب محمود عبد الواحد.
الفيلم حكاية توغل في الرمز عن قرية يعيش أهلها على زراعة الوردة الشامية وتقطيرها ليسرد عبر مشاهده مراحل الحياة السياسية المعاصرة التي عاشتها سورية ضمن إسقاط لعلاقة حب ربطت المعلمين الثلاثة الذين تولوا تدريس الأطفال في مدرسة القرية بفتاة جميلة جذابة أسمها «نوّارة» ولكن الفتى اليافع «محمود» هو الذي أحبها ببراءة حتى أنه احتفظ بصورها عشرات السنين وخبأها من أيدي الإرهابيين التكفيريين عندما اقتحموا هذه القرية وأحرقوها وقطعوا ورودها.
وقال وزير الثقافة السوري محمد الأحمد في تصريح للصحافيين قبيل عرض الفيلم: قدر الثقافة أن تبقى قائمة مهما اشتدت الأزمة، وكانت السينما إحدى أهم مفرزات الثقافة خلال السنوات الماضية.
وحول تعاون مؤسسة السينما مع المخرج أحمد أوضح وزير الثقافة أن البعض كانوا يأخذون على مؤسّسة السينما اعتمادها على مخرجيها، وهي اليوم تدحض هذه المقولة عندما نستضيف مخرجاً قادماً من عالم التلفزيون له تجربة ثرية في الإخراج الدرامي. مشيراً إلى أن تاريخ المؤسسة يؤكد أنها لم تكن منغلقة على ذاتها حيث تعاونت مع مخرجين عرب أمثال الفلسطيني برهان علوية والعراقي قيس الزبيدي والمصري توفيق صالح.
ووصف الأحمد سيناريو فيلم «ماورد» بأنه من أفضل السيناريوات التي قرأها، وهو مكتوب بشكل مؤثر وفيه كل العوالم السينمائية المطلوبة. مؤكداً ترحيب مؤسسة السينما بكل من يمتلك تميّزاً ورؤية.
وخلال الكلمة التي ألقاها مراد شاهين المدير العام للمؤسسة العامة للسينما لدى عرض الفيلم قال: كان هم المؤسسة الدائم إنتاج أفلام سينمائية حقيقية تعالج قضايا حياتية واجتماعية وتعبر عن هويتنا السورية وتجمع في ثناياها حضارتنا وإرثنا وثقافتنا إلى أن حلّت علينا هذه الحرب الظالمة التي طالت كل واحد منّا، فأضحت للسينما مهمة جديدة تصدّت لها بأمانة طيلة سنوات هذه الحرب ولم تتخل للحظة عن الدفاع عن هويتنا السورية وعن حضارتنا العريقة في وجه التكفيريين الحاقدين.
وقال شاهين إن مؤسسة السينما صنعت من المأساة السورية أفلاماً سينمائية لتكون وثيقة وشاهداً للأجيال القادمة كي تستطيع على الدوام استحضار ماضيها والتعلم منه، وتغدو الدليل على أن هذه الأرض فيها رجال حقيقيون يذودون عنها ويقدّمون لها الغالي والنفيس. مشيراً إلى أن فيلم اليوم هو عن الجمال والحب والرائحة العطرة وفيه عبق تاريخنا و مرارته.
مخرج الفيلم أحمد إبراهيم أحمد تحدث في تصريح صحافيّ عن الاختلاف الكبير في طبيعة العمل الإخراجي بين التلفزيون والسينما من إخراج مسلسل يضم ثلاثين حلقة إلى فيلم تتراوح مدته بين الساعة ونصف الساعة إلى الساعتين، فيما تعتمد السينما مبدأ التكثيف. متمنّياً أن تكون الذهنية الإخراجية التي قدّمها في «ماورد» لامست السينما وأن تنال تعجب المشاهد.
وحول ابتعاد فيلم «ماورد» عن الأزمة خلاف الأفلام المنتجة حالياً أوضح أحمد أن الفيلم تناول الأزمة بطريقة الخلفيات ولم تكن هي مادته الرئيسية مثل باقي الأفلام وهو يرصد تاريخ سورية منذ الاستقلال لغاية الآن عبر عدة مراحل ومن الطبيعي أن تشكل سنوات الأزمة حيزاً أقل.
كاتب سيناريو الفيلم سامر محمد اسماعيل أشار إلى أن قصة «من يقرع الجرس» للأديب عبد الواحد استفزته ليحولها فيلما سينمائيا رغم صعوبة التعامل مع هذا النوع من الكتابة التي تتطلب حساسية مختلفة عن الكتابة للتلفزيون بهدف الوصول لبنية سينمائية تطل على الواقع السوري منذ خمسينيات القرن الفائت حتى المرحلة الراهنة.
ولفت إسماعيل إلى أن بطلة الفيلم امرأة جميلة تعمل في تقطير الورد الشامية يقع في غرامها ثلاثة رجال ينتمون لتيارات ايديولوجية مختلفة. مبيّناً أنّ «ماورد» يتضمّن إسقاطات على الواقع الحالي لنؤكد أن سورية هي الوردة الكونية التي تواجه الفكر الإرهابي ولا يمكن لعطرها أن يخبو.
بطلة الفيلم رهام عزيز تحدّثت عن دورها في الفيلم حيث تؤدّي شخصية «نوّارة» وهي فتاة ريفية بسيطة عفوية محبوبة، وفي الوقت نفسه يعجبها أن يغرم بها الجميع، وتستغلّ أنوثتها أحيانا بشكل بريء وذكي في آن، رغم معاناتها لأنها تعمل في زراعة الورود وتقطيرها وصناعة المربّى منها، مع العناية بشقيقها الأبكم بعد وفاة والديها.
وقالت عزيز: سعيت بالتعاون مع مخرج الفيلم وفريق العمل على أن تكون كل التفاصيل في شخصية «نوّارة» قريبة من الواقع من لون الشعر إلى غياب المكياج والملابس وتغيير حتى لون الأسنان لأظهر كفتاة تعيش في قرية نائية. معربة عن أملها في أن ينال الفيلم إعجاب النقّاد والصحافة والجمهور.
المخرج الفنان عبد اللطيف عبد الحميد الذي أدّى شخصية «الشيخ قحطان» تحدّث عن سعيه إلى إظهار الدور كما هو مكتوب مع إضافة تلوينات عليها تتلاءم مع سياقها العام، لأنها شخصية لها عالمها وخصوصيتها. مبيّناً أنه حاول أن يجسّد هذا العالم.
الفنان رامز الأسود الذي لعب دور أستاذ المدرسة «غانم» أوضح أن هذه الشخصية تحمل مفاهيم الاستغلال والانتهازية بصورة حضارية لطيفة، وهي تمثّل إسقاط مرحلة الاستعمار الأوروبي بألقها الزائف تجاه شعوب المنطقة. مبيّناً أنّ الفيلم يحاكي الواقع بذكاء من خلال تحليل حقيقي للمراحل التي توالت على سورية، ويكشف الأسباب التاريخية التي أدّت إلى الواقع الاجتماعي الحالي.
حضر العرض الخاص لفيلم «ماورد» وزير الإعلام المهندس محمد رامز ترجمان ومعاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض، ومحافظ ريف دمشق المهندس علاء منير ابراهيم.
يشار إلى أن فيلم «ماورد» هو من بطولة رهام عزيز وعبد اللطيف عبد الحميد وفادي صبيح ورامز الأسود ونورا رحال، وأمانة والي ووسيم قزق ويوسف المقبل ولجين إسماعيل ومحمد خاوندي.
أما فريق العمل في الفيلم فيضمّ: المخرجة المساعدة رشا عبد، والمخرج المنفذ نضال عبيد، ومدير التصوير عقبة عزّ الدين، ومدير الإنتاج باسل العبد الله. والصوت محمد هاشم، ومهندس الديكور أدهم مناوي، وماكياج مارلين شلفون، وتصميم الملابس سهى حيدر، ومونتاج وسيم مغربل، وإشراف عام محمد الأحمد.
«سانا»