المشنوق من بعبدا يتمنّى على رئيس الجمهورية إعادة مناقشة استراتيجية وطنية لتحديد سلاح المقاومة ودوره
شكّلت المستجدات الأمنية والعسكرية على الحدود اللبنانية – السورية قبالة جرود عرسال، والتدابير التي يتخذها الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ومنع تسلل المسلحين اليها محور بحث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، حيث جرى التداول في آخر التطورات الحدودية والوضع الأمني ككل، ومسألة الانتخابات النيابية الفرعية في كسروان وطرابلس.
وبعد اللقاء صرّح المشنوق: «هناك الكثير من الأحداث والظروف تستوجب التشاور مع فخامة الرئيس، سواء في الأمن أو في السياسة، وهو بحرصه ومسؤوليته على اللبنانيين كلهم، قادر على أن يكون ضابط توازن لكل ما نراه اليوم. وبصراحة، ما نراه في الأمن يطمئن قليلاً، لكن في السياسة لا يطمئن، لأن طبيعة النقاش وحشية هذه الأيام.
وقد تناقشنا في موضوع عرسال والمناطق الحدودية مع سورية ودور الجيش اللبناني والخلاف والنقاش حول قيام حزب الله بالعملية العسكرية الأخيرة في مواجهة تنظيم النصرة، وهو تنظيم مجرم وتكفيري.
النقطة الأولى التي أودّ تأكيدها بعد التكلم مع فخامة رئيس الجمهورية أن هذه الأرض بجزئها الأكبر، في جغرافيتها، مختلف عليها بين لبنان وسورية، كذلك المعركة الأخيرة، لأن المنطقة تاريخياً لم تشهد ترسيم حدود واضح وصريح لتحديد الواقع الجغرافي والمسؤوليات.
أما النقطة الثانية فتتعلق بالنقاش السياسي، وهنا عليّ أن أكون واضحاً بالقول إن هذه الطريقة في التعامل بين القوى السياسية والاتهامات والكلام الكبير، هذا كله لا يأتي بنتيجة. من حق اللبنانيين أن يكون حلمهم وأملهم وعاطفتهم ووطنيتهم ورغبتهم دائماً أن يكون الجيش اللبناني من يتولى الدفاع عنهم في كل مكان من لبنان. هذا حق وواجب، والذي يطالب بالجيش اللبناني لا يشتم الآخرين أو ينال من كرامتهم أو جهدهم، وبصراحة كل هذا سببه أننا منذ سنوات بدأنا بمناقشة استراتيجية وطنية لتحديد سلاح المقاومة ودوره في الاستراتيجية، ثم توقف النقاش ولم نتوصّل إلى نتيجة».
أضاف: «كذلك تمّنيت على فخامة الرئيس، وبرعايته، إعادة هذا الموضوع إلى الطاولة، لكونه يضع الأمور في إطارها الصحيح، بدلاً من تداول الشتائم. وأنا بصراحة سمعت كلاماً عن الرئيس فؤاد السنيورة في الأيام الأخيرة لا يقبله عقل، لا أريد أن أقول لا يقبله المواطن، بل لا يقبله عاقل، وهذه لغة قديمة لا تقدّم ولا تؤخّر في مكان، هناك جزء كبير من الجمهور اللبناني يعتبر تمدد القرار 1701 على الحدود اللبنانية السورية أمراً طبيعياً ووارداً وضرورياً. هناك خلاف سياسي حوله، لكن لا نناقش بالشتائم ولا تعطي الشتائم شرعية لأحد.
ولفت المشنوق إلى أن موضوع سلاح حزب الله، بصرف النظر عن الوقائع في الأيام الأخيرة، موضع خلاف بين اللبنانيين، ويجب أن يكون هذا شيئاً مؤكداً وواضحاً وضرورياً، لكنه خاضع للنقاش وليس للشتائم. إذا كان لدينا موقف كمجموعة سياسية من دور الحزب العسكري في سورية، ولنا الحق أن نعبر عنه، فهذا ليس بأمر معيب، بل يعبر عن وجهة نظر جزء جدي من اللبنانيين، مثلما هناك رأي آخر يعبّر عن رأي تيار كبير. لذلك يجب ألا نبالغ وألا نوصل الأمر إلى مكان لا عودة عنه».
وتابع: «هناك قواعد وضعت، سواء في ما يتعلق بسلاح حزب الله أو بالخلاف على دوره في سورية، وهي خاضعة للنقاش على طاولة حوار مثلها مثل أي موضوع خلافي. وهذا يجب ألا يكون عائقاً أو تخريباً لمسار الاستقرار السياسي. نحن لا نقدر النعمة التي نعيش فيها بالاستقرار، في منطقة كلها حرائق وقتل ودمار وأنهار من الدم. والدليل أنه عندما صار الموضوع يتعلّق بداخل الأراضي اللبنانية، بمواجهة التنظيم الأسوأ، داعش، أعلن الجيش اللبناني أنه قام بكل احتياطاته ويقوم بدوره في المواجهة، وهو مدعوم من جميع اللبنانيين. ولا أحد في لبنان يستطيع القول إنه مختلف على دور الجيش ووطنيته».
وأشار إلى أن «هناك قيادة جديدة للجيش تمارس مهماتها وقائد جيش يزور يومياً الثكنات لمتابعة هذه الأمور. وإن شاء الله في جلسة مجلس الوزراء المقبلة يكون فخامته قد وضع أطراً للقواعد الجديدة أو القديمة الجديدة التي يمكن أن تساهم في حماية الاستقرار السياسي».
ورداً على أسئلة الصحافيين حول إلى لقاءات الرئيس الحريري في واشنطن التي يراها البعض محرجة من خلال التصريحات التي أدلى بها الرئيس ترامب، فيما رأى البعض أن الوضع مريح قال «الموقف الأميركي ليس جديداً ولا مفاجئاً، ونحن لم نفاجأ، فلماذا تصرف البعض كأنه يسمعه للمرة الأولى؟ قبل الزيارة كانت هناك مواقف معلنة وكانت هناك عقوبات تحضر في الكونغرس. لكنْ هناك نقطتان أساسيتان لا أحد يريد الالتفات إليهما، فالزيارة نجحت أولاً في تأمين استمرار المساعدات للجيش اللبناني، والأمر الثاني هو تخفيف وطأة العقوبات على لبنان، بمعنى أنها لن تصيب كل اللبنانيين، بل جزءاً منهم فقط. ولا أحد يمكنه الادعاء أنه يستطيع تغيير السياسة الأميركية رأساً على عقب. وان شاء الله نستطيع مواكبة الزيارة بقدرتنا على حماية الاستقرار السياسي».
وعن الانتخابات الفرعية لفت إلى أن هذا الموضوع سيطرح على طاولة النقاش في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
الى ذلك، شهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات تناولت مواضيع سياسية وإنمائية. على الصعيد السياسي، استقبل عون ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة ومسؤول العلاقات السياسية في الحركة زياد حسن، وتسلّم منهما رسالة خطية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الرئيس اسماعيل هنية عبّر فيها عن الشكر والتقدير للموقف الذي اتخذه عون من الممارسات العدوانية «الإسرائيلية» ضد المسجد الأقصى، والدعوة التي أطلقها لعمل عربي شامل في وجه السياسة «الإسرائيلية» التي تهدف إلى انتهاك المؤسسات بعد اغتصاب الأرض.
وقال هنيّة في رسالته: «إننا إذ نتوجه إلى فخامتكم بالشكر والتقدير على جهودكم ومواقفكم الداعمة لقضية القدس وفلسطين، ومن خلالكم إلى الشعب اللبناني الشقيق، نزف إليكم الانتصار العظيم الذي حققه أهلنا في القدس في هذا اليوم بعد إجبار الاحتلال على إزالة المعوقات كلّها التي وضعها على بوابات المسجد الأقصى المبارك».
وقد حمّل عون وفد حماس تحياته إلى هنية، مؤكداً أن «القضية الفلسطينية كانت وستبقى من ثوابته الوطنية والقومية، والدفاع عنها واجب على جميع المسؤولين العرب، إذ لا قضية أخرى تعلو فوق قضية الشعب الفلسطيني وحقه في استرجاع أرضه وتحقيق السيادة الكاملة عليها».