المقاومة: جاهزون لكل الحروب وهذه وجهة سلاحنا… أما سلاحكم؟ عملية المزارع تقطع الطريق على خطة تركية ـ «إسرائيلية» لنقل «النصرة»

كتب المحرر السياسي:

لم تكن قيادة المقاومة بحاجة هذه المرة إلى سبب مباشر كي تنفذ عمليتها النوعية في مزارع شبعا، فلم تتعرّض مواقعها منذ زمن لعمليات استهداف، تشكل العملية رداً عليه، على رغم تسميتها باسم الشهيد حسن علي حيدر الذي سقط أثناء تفكيك جهاز تنصت «إسرائيلي» قبل أسابيع قليلة في منطقة عدلون جنوب لبنان.

لم تتردّد قيادة المقاومة بالإعلان عن العملية على رغم مرور قرابة العشر سنوات على قيامها بالإعلان عن عملية مشابهة بعدما كانت ردودها تتم من دون بيان، ويتولى لاحقاً الأمين العام لحزب الله شرح أبعادها بعد مرور زمن عليها، كما جرى مع عملية اللبونة وعملية مزارع شبعا قبل شهور، رداً على الغارات التي استهدفت موقعاً فارغاً للمقاومة في خراج جنطا البقاعية على الحدود اللبنانية – السورية.

ليست عملية خطف جنود لمبادلتهم بأسرى، وجاءت اللحظة التي ينتظرها المقاومون، ولا هي عملية تذكيرية بالحق اللبناني بالمزارع وحق المقاومة بالعمليات.

هي عملية لإيصال رسائل متعددة، أولها جاهزية المقاومة لحربيها المتكاملتين والمتلازمتين، حربها ضد الإرهاب وحربها الأصلية مع «إسرائيل» التي تشكل رأس الأفعى وفقاً لتوصيف المقاومة في كل الحروب، فـ»إسرائيل» هي المشغل والظهير والسند للإرهاب الذي يخوض حربها بالوكالة.

هي رسالة لكل سلاح يشهر في الداخل العربي، من ليبيا إلى مصر والعراق وسورية، بوجه أبناء الوطن، والجيش، بأسماء تستعير المقدسات، تقول المقاومة للمنتحلين والمتحولين، ها هي الوجهة الوحيدة التي تمنح القدسية لسلاح، فما هي وجهة سلاحكم؟

وهي أيضاً رسالة للداخل المليء بالتحريض على المقاومة وسلاحها واتهامه بنسيان قضيته الأساس، للقول لكل هؤلاء ها هو السلاح وها هي بوصلته فماذا عساكم تقولون؟ هل ستتجرأون على دعم هذه الوجهة ومباركتها كما تزعمون؟ أم أنتم كما كنتم مشكلتكم الأساس مع هذا السلاح هي هذه الوجهة بالتحديد؟

لكن مع الرسائل ثمة وظيفة للعملية، ترتبط بالزمان والمكان، فالزمان هو تداخل التصعيد «الإسرائيلي» بتصعيد الهجمات التي يخوضها الإرهاب على المقاومة ولبنان، والمكان مزارع شبعا وليس قرب الناقورة ولا بعيداً قليلاً من مارون الراس ولا سواهما، المكان هو المقلب الآخر للجولان، حيث تتجمع «جبهة النصرة» برعاية «إسرائيلية» لتشكيل حزام أمني يقتطع جزءاً من الجغرافيا السورية لحفظ أمن «إسرائيل» وتشكيل رأس جسر لاختراق الداخل السوري، وحيث المعلومات المتوافرة تتحدث عن خطة تركية «إسرائيلية» يجري التحضير لها عبر تصعيد جبهة البقاعين الشمالي والأوسط، من قبل مقاتلي «النصرة» وصولاً لتفاوض ترعاه قطر يحقق الإفراج عن المخطوفين العسكريين، مقابل أثمان تقررها موازين القوى حينها، لكنه ينتهي بتأمين انتقال المسلحين من جرود عرسال والقلمون عبر الداخل اللبناني بمواكب محروسة ومصانة بضمانات تركية وقطرية ومواكبة ديبلوماسية، وصولاً لمرفأ بيروت ليتم الرحيل بحراً إلى تركيا، ومن هناك بدلاً من الدخول إلى سورية يجري التوجه إلى مرفأ نهاريا كما جرى عام 1976، مع دخول قوات الردع العربية إلى لبنان وانتقال قرابة الألف من مقاتلي القوات اللبنانية إلى نهاريا، ومنها إلى الشريط الحدودي المحتل آنذاك، وهكذا يتم تأمين تموضع هذه القوة في مزارع شبعا لتحويلها من أرض محتلة إلى حزام أمن «إسرائيلي» ورأس جسر للاختراق نحو الداخل اللبناني.

سقط المشروع وسقطت الخطة، فالمقاومة موجودة تحت كل صخرة في المزارع، ووراء كل شجرة، وليست الأرض سائبة ليتلاعب بها المحتل كيفما شاء.

استحوذت العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الإسلامية على الاهتمام الداخلي لناحية توقيتها ومراميها. وقامت مجموعة الشهيد حسن علي حيدر بتفجير عبوة ناسفة عند مرتفعات شبعا بدورية «إسرائيلية» مؤلّلة، ما أدّى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف جنود الاحتلال وآلياته. وعلى الأثر، ساد الارتباك لدى العدو الصهيوني الذي حمّل الحكومة اللبنانية المسؤولية، وردّ بقصف مدفعي محدود مستهدفاً تلال الهبارية وكفرشوبا ومحيط تلة السدانة ومرتفعات شويا وشبعا…

وأكدت مصادر أمنية لـ«البناء» أنّ العملية تأتي في سياق الردّ على الاعتداء «الإسرائيلي» الذي استهدف حاجزاً للجيش اللبناني في تل السدانة أول من أمس وأدّى إلى جرح جندي، مشيرة إلى أنّ الردّ مرتبط أيضاً بالحرب الإقليمية وحرب الاستنزاف التي تشنّ ضدّ المقاومة.

وأشارت المصادر إلى أنّ المقاومة في ردّها شاءت أن تقول إنّ عملها في سورية وفي جرود عرسال والسلسلة الشرقية لن يشغلها عن همّها الرئيسي وهو تحرير الأرض.

وتقول مصادر سياسية بارزة إنّ عملية المقاومة في هذا التوقيت مهمة جداً وتحمل الكثير من الرسائل، خصوصاً باتجاه العدو «الإسرائيلي» . وتضيف إنّ الأهمّ في هذه الرسائل أمران أساسيان: الأول أنّ أية محاولة من العدو لتغيير قواعد اللعبة ستكون مكلفة له، وذلك رداً على استشهاد المقاوم حسن علي حيدر الذي سقط في خلال تفكيك جهاز تجسسي زرعه العدو في منطقة عدلون قبل حوالى ثلاثة أسابيع. والأمر الثاني تحذير العدو من أية مغامرة لتسهيل انتقال المسلحين من الأراضي السورية إلى منطقة شبعا والعرقوب وذلك في ضوء المعلومات التي تتحدث عن مخططات «إسرائيلية» لدعم وتسهيل تحرك هذه المجموعات باتجاه لبنان.

ولفتت المصادر إلى وجود تنسيق بين «جبهة النصرة» التي حاولت التقدم في جرود بريتال يوم الأحد الماضي، والتقدم «الإسرائيلي» في الجنوب والذي يقع في إطار اختبار جاهزية حزب الله للحرب على جبهتين.

وأكدت المصادر أن عملية المقاومة كانت «موفقة ودقيقة جداً في الزمان والمكان وأدت المفاعيل المقصودة منها، فمن راقب إعلام العدو «الإسرائيلي» يتأكد له أن العملية أربكته».

كما لاحظت المصادر أن تحرك حزب الله يتزامن مع الذكرى السنوية لأسر الجنود «الإسرائيليين» والتي أدت إلى التبادل الكبير عام 2004.

وفي السياق، أوضح نائب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الشيخ نعيم قاسم أن «مزارع شبعا محتلة ومن حق المقاومة اللبنانية أن تقوم بعمليات في الأرض المحتلة من أجل تحريرها»، لافتاً إلى أن «العملية التي نفذها الحزب في مزارع شبعا لها خصوصيتها وعبرت عنها المقاومة عندما سمتها عملية الشهيد حسن علي حيدر».

وقال قاسم في حديث تلفزيوني: «على رغم انشغالنا في سورية فإن أعيننا مفتّحة ومقاومتنا جاهزة لمواجهة العدو الإسرائيلي»، مؤكداً أن «العملية حققت هدفها بالكامل وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجنود الإسرائيليين».

في المقابل ادعى رئيس وزراء العدو «الإسرائيلي» بنيامين نتانياهو أن «الجيش الإسرائيلي أحبط عملية تخريبية في مزارع شبعا، وسنرد بشدة على كل محاولة للمس بنا»، فيما حمل وزير حرب العدو موشيه يعالون، «حزب الله» والحكومة اللبنانية مسؤولية العملية.

وبالتزامن بقي الحذر مسيطراً على جرود عرسال اثر الهجوم الفاشل الذي شنته «جبهة النصرة» على المنطقة يوم الأحد الماضي. وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن المقاومة تتوقع أن تعيد «جبهة النصرة» الخرق مرة جديدة من موقعين آخرين: الأول الزبداني البقاع الأوسط، والثاني من منطقة UNDP باتجاه وادي جنعم البقاع الغربي، لكنها أكدت أن حزب الله مستعد لكل السيناريوات المحتملة.

إلى ذلك، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمام زواره، قبل الرد على سؤال عن عملية المقاومة في مزارع شبعا: «فليسأل عن الخروق «الإسرائيلية» والاعتداءات المستمرة والتي كان آخرها إطلاق النار على الجيش اللبناني على مقربة من يونيفيل». وأضاف: «المطلوب الإجابة عن هذه الخروق والتحقيق في شأنها، فعندما يجرح جندي «إسرائيلي» تقوم الدنيا ولا تقعد ولا تسأل «إسرائيل» عن اعتداءاتها على لبنان مدنيين وعسكريين».

من جهة أخرى، اعتبر بري ما حصل في بريتال «جزءاً من المخطط الكبير الذي تنفذه أدوات الإرهاب والذي يهدف إلى إقامة دويلات على أنقاض دول، وهو ما يجري العمل عليه في سورية في محاولة لتقسيمها إلى أربع دويلات إحداها خاضعة للنفوذ التركي وأخرى للنفوذ الإسرائيلي».

على صعيد آخر وصف بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حددها بعد غد بأنها «حرف لا يقرأ حتى الآن». وأشار إلى أن لا جديد في شأن الانتخابات النيابية، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس سعد الحريري مقاطعة الانتخابات لم يطرح للبحث الجدي. وأكد أنه إذا كان أحد المكونات اللبنانية لن يشارك في الانتخابات فلن يسير بها.

وكان الحريري بحث هذين الموضوعين مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في قصر الاليزيه في باريس. وقال بعد اللقاء: «المحادثات كانت جيدة جداً، وكان هناك وضوح في ما يخص وجهات النظر حول لبنان». ولفت إلى أنه أكد خلال اللقاء أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، «وقد شرحت هذا الشيء لهولاند كما شرحت له أيضاً ماذا نفعل بهبة المليار الدولار للجيش اللبناني المقدمة من السعودية».

وأضاف: «نحن ماضون في السياسة التي وضعناها أي أنّ انتخاب الرئيس يأتي أولاً ومن ثم انتخاب مجلس النواب». ورداً على سؤال، قال: «فلتجرَ الانتخابات من دون تيار المستقبل».

واعتبر أنّ ما يحصل في لبنان هذه الفترة هو شيء خطير جداً، مشدداً على وجوب تكاتف اللبنانيين في ما بينهم وإدراكهم أن لا شيء ينقذهم سوى وحدتهم.

ورداً على سؤال، نفى الحريري وجود عراقيل في ما يتعلق بالهبة السعودية المقدّمة للجيش اللبناني، لافتاً إلى أنّ المعدات المجهزة ستبدأ بالوصول إلى لبنان قريباً.

وفي موضوع العسكريين المخطوفين لم يطرأ جديد على هذا الملف الذي كان محور اجتماع لرئيس الحكومة تمام سلام مع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وقبلهما مع وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي رأى أن على الدولة القبول بالمقايضة معتبراً «أن لبنان ليس أهم من تركيا التي قامت بمقايضة التي حررت دبلوماسييها».

السلسلة: تقسيط 6 درجات على 3 سنوات

على صعيد سلسلة الرتب والرواتب، عقد لقاء تشاوري في المجلس النيابي، بدعوة من رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان وحضور وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، ورئيس نقابة أساتذة التعليم الخاص نعمة محفوض وممثلين عن الكتل النيابية. وأكد مصدر نيابي شارك في اللقاء لـ«البناء» أن الأجواء التي سادت الاجتماع تميل إلى مساواة أساتذة التعليم الرسمي بالتعليم الخاص، لافتاً إلى أن إحدى الأفكار التي يتم تداولها تقوم على تقسيط الدرجات الست على 3 سنوات كتسوية بين أصحاب المؤسسات والأساتذة.

وأشار النائب إبراهيم كنعان لـ«البناء» إلى أن اللقاء مع أساتذة التعليم الخاص كان جيداً، لافتاً إلى أن البحث شدد على ضرورة وحدة الحقوق بين أساتذة التعليم الرسمي وأساتذة التعليم الخاص لجهة الحصول على 6 درجات، وفق قاعدة سيعلن عنها قريباً.

وأعلن أن الوزير بو صعب أكد خلال الاجتماع ضرورة تفعيل الرقابة على الأقساط من قبل لجان الأهل، لافتاً إلى أن عمل وزير التربية يتكامل مع ما يقوم به في سبيل تحقيق المساواة ضمن إطار وحدة التشريع. وأشار كنعان إلى أنه أطلع رئيس المجلس النيابي على تفاصيل اللقاء التشاوري، وأنه سيلتقي في الأيام القليلة المقبلة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي للبحث في ملف العسكريين، مشدداً على ضرورة تطبيق مبدأ المساواة في التشريع، ومتوقعاً أن يدعو رئيس المجلس اللجان المشتركة إلى اجتماع للبحث في سلسلة الرتب والرواتب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى