لمن نهدي الانتصار يا سيّد المقاومة…؟؟؟؟
د. رائد المصري
صحيح أنَّه شاءت الظروف في لبنان أن نحيا ضمن صيغة العيش المشترك وأكذوبتها السَّمجة على مرِّ التاريخ الحديث، لكن الأصحَّ هو البدء في وضع المعايير الوطنية من دون خجل، والتي على أساسها وَجَبَت غربَلَة وتنقية وتعريب الناس ليدخل أغلبهم المحاجر السياسية الصحية الخاصة بهم، مع علاجات وأدوية غير منقوصة بإشراف مختصِّين مبشِّرين بسلوك وقواعد العمل الوطني المقاوم، ولو علمنا علم اليقين أنه علاج من دون نتيجة أو شفاء بسبب مرض عضال التآمر والخيانة، لكن علينا على الأقل المحاولة…
للدخول في صُلب الموضوع مباشرة ومن خلال معايناتنا لمنطقة جرود عرسال المُحرَّرة من نجَس إرهاب الرجعيات العربية والمستعمرين الغربيين، ومن خلال المشاهدات الحسِّية للواقع الجغرافي الذي يحكم هذه المناطق التي سطا عليها الإرهاب منذ خمس سنوات، يُدرك المرء ساعتها قيمة المقاوم المرابط على هذه الجبهات وعزمه وتصميمه وإرادته في المواجهة. والأهم أنه عندما تشتمُّ رائحة عرق المقاومين في أعالي الجبال وجرودها تحت نار الشمس الحامية الحارقة، تدرك ساعتها تصميم أدوات البنك الدولي وعملائه اللبنانيين لماذا سطوا على الـ 11 ملياراً منذ العام 2005 لعمليات قطع حساب الموازنة في لبنان سرقةً ونهباً، وتدرك حجم تآمر هؤلاء الوظيفيين واستهدافهم الدائم لرجال المقاومة وللعمل المقاوم.
لن أتحدّث هنا عن المقارنة، حيث لا تجب أو لا تجوز، بل أتحدَّث عن مشروعين متوازيين لا يلتقيان أبداً ولا يجب أن يلتقيا أصلاً، لمقاومين يخوضون بطولات أسطورية في وجه قوىً ظلامية تكفيرية اغتصبت الأرض والعِرض وعاثت فساداً وتدميراً وتخريباً على الأرض اللبنانية، ورئيس حكومة يتذلَّل السيِّد الأميركي على أبواب البيت الأبيض ويطيِّب خاطره وهو يهاجم المقاومة وأعمالها البطولية، بدلاً من أن يستخدمها كحصان جامح لتطويع الأميركي ونزع أنيابه ومخالبه التي شاخت وأكلها الصدأ، وللأسف إنها حال الذلِّ والذليل. وهي مدرسة ممنهجة كاملة الأوصاف والمعايير على كل حال.
حتى لو كان رئيس حكومة لبنان مغلوباً على أمره، بسبب الموتورين والراديكاليين المتحمْلقين حوله وعلى جنباته، فهذا يُدلِّل وبلا عذر على أسباب الخيانة منذ حرب تموز الى اليوم، ولن أسمّيها إلاَّ خيانة في المعركتين ضدَّ الصهيوني المحتلّ لأرض بلادي وضد التكفيري المحتلّ أيضاً، وكلاهما ينطبق الوصف ذاته عليهما ويصبَّان في صحن العمالة والتآمر والخيانة…
حين نتحدّث عن رباطة جأش المقاومين وحسن أخلاقهم ودماثتها ونحن لمسناها عن قرب وعبر الاحتكاك المباشر بهم ، والثقة التي يؤمن بها العدو قبل الصديق، ومعموديات الدم التي يقدّمها هؤلاء المقاومون في كلِّ مرة يتهدَّد الخطر لبنان، تدرك ساعتها حجم التآمر ولا تبرِّره من قبل هؤلاء المغول وتتار العصر من أدوات الاستعمار المعولم الناهب والسارق والمرتشي والعميل، وهو القيِّم اليوم على مقدراتنا والمُشرف على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا وأطفالنا وأرواحنا…. لا لن نقبل هذا الشرف بعد الآن… ولن نرضى…
أن تستأمن جبهة النصرة أو تنظيم القاعدة في بلاد الشام وترتاح قريرة العين في أن يسهر على أمن انتقالها واندحارها من جرود عرسال ومن الأراضي اللبنانية كلِّها إلى منطقة إدلب في سوريا قوات المقاومة في حزب الله، فتلك قصة كبرى وَجَبَ التوقف عندها وتحليلها. فها هو إذن العدو التكفيري الإلغائي الدموي القاتل والفئوي وصاحب مشاريع الإمارات الإسلامية والإلغائية يعترف بقدرة وحصافة وبثقة وشجاعة المقاومة ويستأمنها على أرواحه وحيواته، في حين نجد رموز تيار المستقبل وأمين عامه ورئيس كتلته متحيِِّنين الفرص لتقديم أوراق اعتماد جديدة في استثمارات سياسية رخيصة أمام أبناء عرسال الآمنين والذين غُرِّر بهم واستُخدِموا كطُعْم في معاركهم الضلالية طيلة فترة الأزمة السورية، والأنكى حين يتحدَّثون كقوى تحرُّرية شاركت في صنع النصر وبأنها أمُّ الصبي في كلِّ ما جرى، في حين أنهم أهل أولاد ضالين مشوَّهين بسبب الأدوية الفاسدة التي تمَّ تناولها أثناء فترات الحمل وأنجبت النصراويين والداعشيين ومن معهم.. هنا وجب التوضيح…
لمن سنهدي هذا النصر يا سيد المقاومة؟؟؟؟ لمن تآمر وما يزال على مشروع وحدة الدولة وكيانها المستقل وعلى قرارها السيادي المستقل؟ أم لمن خطف الحكم عنوة وخلسة من العام 2005 وقدّم نفسه كوصيٍّ استقلاليٍّ وكمنظِّرٍ للثورة وللثوار بهدف ضرب المشروع المقاوم؟ لمن نقدّم نصر الجرود في عرسال من جديد.. لمن أضاع 11 ملياراً في السرقة والمزاريب والمحسوبيات.. ولمن لا يزال يلاحق فقير الحال في لبنان من متقاعدين مُعدَمي الحال وعمال وموظفين لتشليحهم ما تبقى في جيوبهم هذا إذا بقي شيء في الجيوب بفعل سياساتهم الناهبة…؟؟؟
هل سنهدي النصر لمتآمرين جدد ولتجار الهياكل ولأمنائها العامين المتمترسين في وظائفهم التي وفَّر أمنها واستقرارها الدائم لهم مقاوم مرابط على الثغور طيلة هذه السنين..؟؟؟
يا سيّد المقاومين والشرفاء افعل ما تشاء واهدِ النصر لمن تشاء، فكما تقول هذا هو لبنان ونحن محكومون بالتعايش وبالتوافق. وهي مسؤولية كبيرة تقع عليك وتتحمَّلها ولو كنت مرغماً، لكننا لن نعترف بهؤلاء العملاء الخونة السارقين والمأجورين، ولن نقدر على التعايش أو العيش معهم بعد اليوم. ولكل طريقه في الحب والود، ولكلٍّ أسلوبه في التحليل وفي الرؤية، في الحياة وفي ثقافتها الجديدة المعتمدة، فنحن لسنا ممن نقول وداعاً بل نردِّد على الدوام كلمة «إلى اللقاء» في مواعيد مقبلة وانتصارات كبيرة وكرامات مرفوعة بطول علوِّ جرود التحرير… فلمن نهدي الانتصار…؟؟؟؟ موتوا بغيظكم… أيّها العملاء…
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية