هل اليمن أصبح دولة ممانعة؟

حميدي العبدالله

الممانعة تعني كمصطلح سياسي الوقوف في وجه سياسات التبعية والوصاية التي تعتمدها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وبدعم دول عربية تدور في الفلك الغربي، حيث تحول مثل هذه السياسات دون ممارسة السيادة واستقلالية الإرادة والقرار الوطني.

اليمن قبل التطورات الأخيرة كان من بين الدول الخاضعة للوصاية الغربية ووصاية الدول الخليجية، والحكومة المركزية في صنعاء تمّت تسميتها من قبل الدول الغربية والحكومات الخليجية على أساس ما عُرف «بالمبادرة الخليجية».

لكن اليمن اليوم يشهد تحوّلاً جذرياً، ليس فقط في توازن القوى الميداني، بين القوى التي تناهض السيطرة الغربية والوصاية الخليجية، وبين القوى الداعمة لهذه الوصاية، بل وأيضاً على صعيد إعادة تكوين السلطة المركزية في صنعاء.

فالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين القوى السياسية اليمنية بعد سيطرة حركة أنصار الله على العاصمة صنعاء وعلى مناطق واسعة من شمال اليمن ووسطه، تنصّ على تسمية رئيس حكومة جديد، وعلى تشكيل حكومة من الكفاءات تراعي التمثيل السياسي والحزبي، أي أنّ السلطة المركزية لم تعد بيد المجموعات ومراكز النفوذ الحزبية والعسكرية التي تؤيد سياسة التبعية للغرب والوصاية الخليجية، وأن ثقل القوى التي ترفع شعار «الموت لأميركا الموت لإسرائيل»، واضح في تركيبة جهاز الدولة الجديد، سواء في جانبه العسكري أو المدني أو على مستوى صناعة القرار.

ومن الطبيعي الاستنتاج أنّ سياسة اليمن في ظلّ مثل هذه السلطة تخرج اليمن من دائرة المنظومة التابعة للغرب والمرتبطة بالحكومة الخليجية، وبديهي أنّ هذا التحوّل ينقل اليمن إلى الضفة الأخرى، أي يجعله أقرب إلى منظومة المقاومة والممانعة في المنطقة إنْ لم يكن جزءاً لا يتجزأ منها، لكن هل هذا الاستنتاج سابق لأوانه؟

قد يكون الجواب نعم لو أنّ نفوذ حركة أنصار الله اقتصر على سيطرتها على مناطق في اليمن، أو حتى سيطرتها على العاصمة صنعاء ولكن من دون الإسهام في إعادة تشكيل مؤسسات الدولة. لكن الاتفاق الذي وقع بين حركة أنصار الله والرئيس اليمني والذي ينصّ على إعادة تشكيل جميع مؤسسات الدولة، بدءاً من مستشاري رئيس الجمهورية مروراً بمجلس الوزراء، وانتهاءً بالمؤسسات العسكرية والأمنية، يعني أنّ طابع الدولة اليمنية يتغيّر من الناحية السياسية ومن ناحية الخيارات تغيّراً جذرياً، وهذا التغيير هو الذي ينقل اليمن من دولة تدور في فلك الغرب والحكومات الخليجية، إلى دولة هي أقرب إلى منظومة المقاومة والممانعة إن لم تكن جزءاً منها، لا يغيّر من هذه الواقعة بشيء احتمال استمرار الاضطرابات السياسية، ولا سيما في جنوب اليمن، مع تنظيم «القاعدة» فترة قد تطول وقد لا يؤدي انبثاق السلطة الجديدة إلى عودة فورية للاستقرار في كلّ أنحاء اليمن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى