الأسد ليس حليفاً… لكنه المستفيد الأوّل!
عامر نعيم الياس
احتارت الصحف الغربية في توصيف الحرب التي يخوضها أوباما ضدّ تنظيم «داعش». أسئلة كثيرة طرحت بدايةً، عن شكل التحالف وأدواته، مروراً باستراتيجية الضربات الجويّة ومدى نجاعتها، وليس انتهاءً بالخيارات البديلة للإدارة الأميركية والطرف المستفيد من الحرب الأميركية على الإرهاب الجديد. وبينما كان الخلاف ميزة الأسئلة السابقة التي طرحت، أجمعت الصحف على مسألة الطرف المستفيد من الحرب الأميركية بشكلها الحالي، وهو «الأسد». فالرئيس السوري الذي صار رمزاً لحرب كونية على سورية على مدى ثلاث سنين ونصف السنة، اختُصر في شخصه تحديداً، يعود اليوم إلى واجهة حدث الحرب على «الإرهاب» بنسختها السورية العراقية وبقيادة باراك أوباما. فواشنطن تملك هامش مناورة ضيق في ضرباتها الجوية وهي تحاول المواءمة بين الهدف الأساسي المعلن للحرب وهو إضعاف «داعش»، وبين قطع الطريق على الدولة السورية للاستفادة من هذه الضربات. فهل تستطيع الإدارة الأميركية المحافظة على هذا التوازن الدقيق في المدى المنظور؟
الصحافة الأميركية الممتعضة من حرب رئيسها، وإن رفضت الاعتراف بوجود تنسيق من نوع ما بين الإدارة الأميركية والدولة السورية بحسب «نيويورك تايمز»، إلّا أنّها تعترف بأنّ «الضربات الأميركية قدّمت الغطاء السياسي للسيد الأسد. وعلى الجانب الآخر، عبّر حلفاء أوباما في الخليج الفارسي عن استيائهم من إحجام الولايات المتحدة على ملاحقة الرئيس الأسد مباشرة، إذ تضغط كل من قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على واشنطن منذ سنوات من أجل الانضمام إلى القتال «لطرد الرئيس السوري»، الأمر الذي تعترض عليه الولايات المتحدة».
فيما رأى روبرت فيسك في «إندبندنت» البريطانية أنه «ومع بدء الهجمات فإن الأسد يستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران وحزب الله والأردن ودول الخليج الثرية للإبقاء على نظامه على مبدأ عدوّ عدوّي هو صديقي. وبإمكانه أيضاً أن يقول أنّ أقوى دولة على الأرض، والتي رغبت بقصفه في الماضي، تحاول الآن القضاء على أخطر أعدائه. لذلك فإن هذه العملية العسكرية وإن أدّت إلى شيء، فإنها ستؤدّي إلى تعزيز سلطة الأسد وبقائه في السلطة»، فهل تخلّت الولايات المتحدة عن أولوية إسقاط الأسد؟
خلال كلمتيهما في افتتاح أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ركّز كلٌّ من الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني على ضرورة الحل السياسي في سورية، والقائم على التوصّل إلى اتفاق بين المعارضة المرتبطة بالغرب، وتحديداً «الائتلاف» من دون سواه، وبين الدولة السورية، لكن مع الإصرار حتى اللحظة على مسألة «تنحّي الأسد»، وهو ما يرى المراقبون أنه هدف من أهداف أوباما في حربه الحالية، أي الضغط على الدولة السورية بهدف دفعها وحلفائها إلى القبول بتسوية لتقاسم السلطة من دون وجود الأسد، فهل يبدو ذلك ممكناً في ضوء الاعتراف باستفادة الرئيس السوري دون غيره من مغامرة أوباما الجديدة في سورية وحتى في العراق؟ وهل يندرج تطوير الموقف التركي المتماشي مع «الإسرائيلي» في ما يخص المناطق العازلة في خانة المحافظة على التوازن الدقيق لخطة أوباما العسكرية لمنع استفادة الجيش السوري وبالتالي الرئيس الأسد من تداعيات القصف على «داعش» و«النصرة» داخل سورية؟
كاتب سوري