كيف عالج رئيس الوزراء الأسترالي قضية البرقع؟

كتب بيتر هارتشر، في صحيفة «سدني مورننغ هيرالد» الأسترالية: «هل أستراليا مع حرّية المرأة أم ضدّها؟ كدولة، نواجه بربرية ما يسمى بـ«داعش»، الجواب على هذا التساؤل يجب أن يكون واضحاً وصريحاً من قبل رئيس الوزراء طوني آبوت.

كان أمام رئيس الوزراء فرصة ذهبية ليظهر قيادته بتأكيد قوي على حرّية المرأة، لكن عندما سئل عن مسألة منع ارتداء البرقع، أضاع الفرصة، إذ اتخذ الموقف نفسه كأنه زعيم للمعارضة، كزعيم قبيلة لا كزعيم وطني. مضيفاً: قلت سابقاً إنّ لبس البرقع يشكل تحدّياً، وبصراحة أتمنى ألّا يُرتدى.

عندما استخدم آبوت هذه الصيغة للمرّة الأولى، لم يكن العالم قد سمع بـ«داعش»، ولم يعرف أنّ هؤلاء البرابرة ملتزمون ذبح كل من يخالفهم الرأي ومن دون تمييز. لم يكن العالم يعرف أنهم سيستولون على مساحة من الأرض تعادل مرّتين مساحة سويسرا. ولم يكن العالم يعرف أنهم يتصرفون بطريقة للحطّ من قدر النساء كما قالت وزيرة العائلة المصرية السابقة مشيرة خطاب.

إنّ ما يسمّى «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» مارس وبوحشية اغتصاب النساء جماعياً، والاستعباد الجنسي، والختان وإقامة سوق لبيع النساء في الموصل، إذ بيعت المرأة بمئة ألف دينار عراقي أي ما يعادل 90 دولاراً.

هؤلاء البرابرة هم أسوأ أنواع الظَلَمَة. أستراليا ذاهبة إلى الحرب لهزيمتهم فيجب على رئيس الوزراء الأسترالي أن يدافع عن الحرّية وبقوّة، ومن ضمنها حرّية المرأة في أستراليا لترتدي ما تشاء سواء كان البرقع أو لباس البحر البيكيني .

رئيس الوزراء طوني آبوت أدلي ببيان يدافع عن الحرّية من حيث المبدأ قائلاً: لكن نحن بلد حرّ، نحن مجتمع حرّ وليس من مهمة الحكومة أن تقول للناس ما يجب أن يرتدوا.

للأسف، توانى آبوت عن اتخاذ موقف حاسم مّرة أخرى إذ قال: الواضح أنّ الأمر مختلف قليلاً، هناك حالات حيث هوية الأشخاص مهمة، وبحسب معرفتي أنّه في المحاكم على سبيل المثال، يمكن أن يُطلب من المواطنين إظهار وجوههم، أيضاً في بعض المباني قد يُطلب الكشف عن الوجه. وأعتقد أن هذا الأمر مناسب تماماً.

لماذا قال رئيس الوزراء هذا الكلام؟ لأنه يريد أن يتعاطف مع اثنين من نواب المقاعد الخلفية لحكومته، كوري برنادي وجورج كرستنسن اللذين يطالبان بمنع البرقع في مبنى البرلمان، مع العلم أنّ جميع الزوّار يخضعون للتفتيش عبر الأجهزة الكاشفة. ومع العلم أيضاً أنه لم يحصل في تاريخ البرلمان أن يُطلب من عامة الناس إثبات هوياتهم. وهنا نشير إلى أنّ دائرة تسجيل السيارات في غرب سدني لديها إجراءات للتحقق من هويات اللواتي يرتدين البرقع عند الحاجة ومن دون ضجة ولا إساءة.

النائبان برنادي وكريستنسن يجادلان بأن منع البرقع ضروري لأسباب أمنية، فإذا كانت هذه مخاوفهما فما هي إذن مقترحاتهما الإضافية لتحسين الأمن في البرلمان؟ إذا كان لديهما أيّ اقتراحات.

آبوت وببساطة شجّع ضمناً حقارتهما مسبّبة الخلاف والانقسام لاستراضائهما بدل أن يتغاضى عن سماعهما. الزعيم الحقيقي كان بمقدوره إسكاتهما وقت الأزمة.

ألم يكن من الأفضل لرئيس الوزراء لو سمع كلام المدّعي العام في حكومته السيناتور جورج برنديس، الذي قال في نادي الصحافة الوطني: في مواجهة خطر الإرهاب، ليس هناك من خطأ أكبر من أن يقوم الأستراليون بشيطنة مواطنينا المسلمين.

إنّ التناغم الاجتماعي في أستراليا في خطر، ومسؤولية رئيس الوزراء لا اللعب بها، بل حمايتها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى