تهديدات ترامب ضدّ كوريا لا تؤخذ على محمل الجدّ

حميدي العبدالله

تعليقاً على إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً متطوّراً عابراً للقارات وتصريح الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل بأنّ هذا الصاروخ أثبت «قدرة بلاده على ضرب كلّ البرّ الرئيسي الأميركي»، هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب كوريا الشمالية بالقول إنّ «كلّ الخيارات متاحة للتعامل مع بيونغ يانغ». عادةً عندما تطلق هذه العبارة يفهم منها أنّ من بين الخيارات، الخيار العسكري، ولهذا يقال كلّ الخيارات متاحة لعدم استثناء الخيار العسكري.

في تفاصيل تصريحات ترامب لم تتمّ الإشارة إلى الخيار العسكري، بل إنّ ما قاله الرئيس الأميركي حرفياً «تهديد العالم، هذه الأسلحة والتجارب تزيد من عزلة كوريا الشمالية، وتضعف اقتصادها، وتحرم شعبها». معروف أنّ ما هدّد به الرئيس الأميركي كوريا الشمالية استخدم في السابق، حيث فرض الحصار على بيونغ يانغ، وتمّ عزلها دولياً، وفرضت عليها عقوبات لإضعاف اقتصادها، وبديهي أنّ هذه العقوبات كان لها تأثير سلبي على حياة الشعب في الكوري الشمالي. لكن كلّ هذا عمره أكثر من ثلاثة عقود، وبالتالي لا جديد يهدّد به الرئيس الأميركي حكومة كيم جونغ إيل، فالعقوبات والحصار والعزلة تكيّفت معها الحكومة والشعب هناك، وبالتالي ما هدّد به الرئيس الأميركي كوريا الشمالية مجرّد كلام لا طائل منه.

أما الحديث عن أنّ كلّ الخيارات مفتوحة، فقد أظهرت التجارب أنّ الخيار العسكري الذي يشار إليه في عبارة كلّ الخيارات مطروحة أو متاحة، لم تستخدم إلا ضدّ الدول الضعيفة التي لا تقوى على الوقوف في وجه الولايات المتحدة وحلفائها. مثلاً قيل هذا الكلام ضدّ إيران أكثر من مرة، ولكنه ظلّ مجرد كلام لرفع معنويات حلفاء الولايات المتحدة، وبرهنت التجارب أنّ الولايات المتحدة لا تريد أن تغامر بمواجهة عسكرية مع إيران ستكون كلفتها عالية في مناطق عديدة تقع في محيط إيران.

أما في مواجهة كوريا الشمالية، فمجرد الحديث عن أنّ كلّ الخيارات متاحة، هو أقرب إلى المزحة منه إلى أيّ شيء آخر، لأنّ المغامرة بإطلاق الخيار العسكري، سيعني استخدام أسلحة دمار شامل من كلا الطرفين، كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها، وهذا ما لا يقبله العالم، وليس لأحد مصلحة فيه.

لكلّ هذه الأسباب فإنّ عبارة كلّ الخيارات متاحة لا يحمل على محمل الجدّ من قبل أيّ جهة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى