وقفة عزّ
سليمان بختي
للشريف الرضيّ هذا القول «الحياة وقفات على غرور». وفي التراث ربط وثيق ما بين الحياة و«متاع الغرور»، وهذا الأمر يربط الحياة بالشكل بالمظهر بالزينة بالذات بتجلّيات ما يقع في نطاق المُلك العابر الزائل.
الشاعر أحمد شوقي ذهب إلى أبعد في دعوته إلى الوقوف والجهاد في نطاق الصراع. وانطلاقاً من الإيمان بالمبدأ، بقوله:
«قف دون رأيك في الحياة مجاهداً
إنّ الحياة عقيدة وجهاد».
أما المفكّر الفرنسي بول ريكور، ففي رسالة إلى ماري تلميذته يقول: «من عمق الحياة تبرز قوّة تقول إنّ الكينونة هي الكينونة ضدّ الموت». وفي ذلك تعبير عن صراع أزليّ بأحد معانيه: أن تكون يعني أن تكون مع الحياة، موجوداً في هذا العالم. وألّا تكون، فهناك العدم والغياب والاندثار والموت. والصراع مفتوح حتى يقول الموت كلمته الأخيرة. وهل هناك انتصار في الحياة أبعد من الكينونة؟
أما الأخوان رحباني فقد اقتربا كثيراً من ربط الموقف بالشرف. في مغنّاة «زنّوبيا»، تصدح فيروز: «واللي بيبقى شرف الوقفة، صرخة بوجه الظلم».
وحده أنطون سعاده ربط الحياة برمّتها بالوقفة، وقفة العزّ، شرف الانتصار على الذات وعلى الحياة، وإعلاء قيمة المبدأ والفضيلة والحقّ فوق كلّ اعتبار. إنه نهج، ومفكّر يراهن على الأمل، والإيمان بقدرة الإنسان على السموّ والارتقاء نحو ذرى وآفاق جديدة، وأبعد من الشكل والوصف والصراع والحالة والظرف.
«إنّ الحياة كلّها وقفة عزّ فقط»، هذا التحديد الواضح للمفهوم، للوقفة، يتعدّى المقامات والجوانب والأحوال والشروط، ويجعل أيّ تأويل آخر أو مقترب مختلف أو تفسير للصراع دونه أهوال.
باحث وناشر