«مرتجَلة الشرق»… السخرية من المأساة
تُعتبَر مسرحية «مرتجلة الشرق» تجربة مغايرة في الكتابة المسرحية، يُطلَق عليها مصطلح المرتجلة «l impromptu»، وهو صنف من المسرح يتّخذ من المسرح نفسه موضوعاً له. بمعنى أنه صنف دراميّ يعالج المشاكل التي تعترض المسرحيين في مختلف المجالات. فهي إذن معالجة فنية من الداخل.
وصنف المرتجلات غير متداول في الكتابة المسرحية العربية، بل هو صنف نادر حتى في الثقافة الغربية نفسها. وتأتي هذه المحاولة لتكون تجربة. وكلّ تجربة تظلّ مشروعاً بالقوّة، ولن تتحقّق لها صفة الفعلية إلا بمدى استجابتها أفقَ انتظار المتلقّي: قراءة على الورق أو مشاهدة فوق الركح.
بالطبع، المسرحية لا تقدّم درساً في المسرح، ولا تركّز على مشاكل المسرح في الجهة الشرقية من المغرب، إنما تعرض بعض هموم المسرح باعتبارها قضية لا تنفصل عن التناقضات السياسية والثقافية والاجتماعية التي عادة ما تحول دون تحقيق قيم الجمال والحق في مختلف تجلّياتهما، بأسلوب ساخر يرتكز على الكَروتيسك والسخف.
في «مرتجلة الشرق»، تحضر القراءة النقدية الإبداعية التي تتوسّل بأسلوب الكوميديا السوداء. وهو الأسلوب الذي يختزل القول المأثور: «كثرة الهمّ تُضحِك». ففي هذا العمل المسرحي نسخر من مأساتنا بالمسرح ومن داخل المسرح، نسخر من صراعنا المطّرد ضدّ ميثولوجيا اليومي، ضدّ ثقافة القبح والمحو والمصادرات.