… وندوة بعنوان «الحرب على سورية» على هامش المعرض

«الحرب على سورية… أسئلة السياسي والثقافي» عنوان الندوة التي نظّمها اتحاد الكتّاب العرب ضمن فعالياته الثقافية المقامة في معرض دمشق الدولي للكتاب التاسع والعشرين، المقام حالياً في مكتبة الأسد الوطنية، وذلك بمشاركة باحثين ومفكرين.

استهل الندوة في يومها الأول، عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الدكتور مهدي دخل الله الذي تحدث عما سمّاها بالحروب المفصلية في النصف الثاني من القرن العشرين وأوائل القرن الحالي التي أدّت إلى إحداث تغيّرات في خريطة العلاقات الدولية، بدءاً من الحرب الكورية 1950/ 1953 ، وأدّت إلى فرط عقد التحالف ضد النازية، وظهور النظام العالمي ثنائي القطب. وحرب يوغسلافيا 1991/ 1999 وخلالها ظهر النظام العالمي أحاديّ القطب ممثّلاً بالولايات المتحدة الأميركية.

وأشار دخل الله إلى أن الحرب على سورية كانت إحدى أهم هذه الحروب المفصلية إذ أنهت نظام القطب الواحد وسمحت بظهور أقطاب متعددة تلعب دوراً في رسم خارطة العلاقات الدولية. مبيّناً أن هذه النتيجة لم تؤدّ إلى تفكك سورية وانقسامها على غرار ما حدث في يوغسلافيا، بفعل الصمود الذي أظهره الشعب والجيش والقيادة في سورية رغم إمكانات الدولة السورية المحدودة مقابل ما بحوزة الأطراف المعادية لسورية من ثقل ماليّ استخدمته في حربها ضدّ الشعب السوري.

ورأى الدكتور علي دياب في محوره أن الحرب على سورية لم تكن وليدة السنوات التي سبقت الأزمة، بل تعود جذورها إلى ماضٍ عميق، وترتبط بتأسيس كيان الاحتلال «الإسرائيلي» عندما طلب الصهيوني بن غوريون من أتباعه أن يؤجلوا فرحتهم بتأسيس هذا الكيان إلى حين تقسيم المنطقة إلى دول اثنية، وصولاً إلى السياسي الأميركي زبيغنيو بريجينسكي ودعوته إلى تغيير حدود «سايكس ـ بيكو».

وأشار دياب إلى أن المفكرين السياسيين الغربيين وضعوا العالم العربي على طاولة التشريح وكان الملف الديني هو وجهتهم المفضلة كوسيلة لخلق الفتن بين مكونات المجتمع العربي من أمثال برنارد لويس الذي دعا إلى تقسيم العالم العربي لجعل كيان الاحتلال «الإسرائيلي» أقوى من أيّ دولة عربية.

وتطرق الدكتور عبد الله الشاهر إلى أن خطورة الحرب على سورية تكمن في استهدافها الأخضر واليابس ولنشر الرعب وزرع العداوات واتخذت لتحقيق ذلك شكل القتل والسرقة والتدمير بصورة لا مثيل لها في التاريخ عبر جماعات اتخذت من ثقافة التكفير منطلقاً لها ولا ينفع معها الحديث عن حرية أو ديمقراطية.

وكان لتشكل سورية كدولة علمانية بالمعنى الحداثي بحسب الشاهر وقرارها السياسي المستقل السبب الأكبر في استهدافها ومحاولة الغرب لتفكيكها فضلاً عن كونها تشكل خطراً على مخططاته، لأنها تمتلك ثقافة اجتماعية قائمة على المواجهة. مبيّناً أن الغرب سعى في إطار الحرب على سورية إلى استثمار ما سمّاه الشاهر ثغرات موجودة في النسيج الاجتماعي والأخلاق،ي شغلها أشخاص روّجوا لمصطلحات غريبة عن روح المجتمع وسعوا إلى إثارة شريحة من الشباب غير المتعلم مع استقدام مرتزقة إرهابيين مارسوا أبشع أنواع الجرائم.

الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب الذي أدار الندوة أكد أن المؤامرة ضدّ العالم العربي حقيقة واقعة لا سبيل لنكرانها، من أجل تهشيم الجغرافية العربية. موضحاً أن الحرب على سورية جزء أساسي في هذه المؤامرة لأنها لم تستهدف مؤسسات الدولة السورية فحسب، بل سعت إلى نشر الخراب في أرجاء البلاد وتدمير هويتها وإرثها الحضاريين.

وفي اليوم الثاني، تناولت الندوة دور الدول الغربية في الحرب على سورية وضرورة إطلاق ثقافة التغيير بموازاة انتصارات الجيش السوري على الإرهاب، والتضليل الإعلامي الذي مارسته وسائل إعلامية معيّنة في إطار الحرب النفسية ضدّ سورية.

وتحدّث الباحث زبير سلطان مؤكداً أنه لا يجوز لأحد أن يخرج ما تتعرض له سورية من إطار المؤامرة لأنها جزء من تآمر قديم على خيرات سورية وحضارتها.

وأشار سلطان إلى أن ما تتعرض له سورية هو لعبة الدول الكبرى التي تعمل لصالح الكيان الصهيوني بهدف تدمير الدولة السورية ومجتمعها وحضارة شعبها دون أي تفكير بمصلحة الشعب السوري.

أما الدكتور راتب الحلاق في محوره «تغيير الثقافة أم ثقافة التغيير» فقال: المطلوب ثقافة التغيير التي تنبع من حاجات داخلية تقوم على النقد العقلاني الحازم لما يجب التخلص منه ولا يفيد مصلحة الوطن، لا سيما الشيء الذي انتهت صلاحيته الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية ولم يعد قادراً على تقديم إجابات العصر.

وتابع الحلاق: أما تغيير الثقافة فهو مطلب خارجي ظالم للتخلي عن قيمنا واستعارة قيم الأخرين وتغيير السلوك الجمعي لشعوبنا الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الاميركية.

ورأى الباحث نبيل نوفل في محوره أن الأطماع في سورية والعالم العربي وليد مؤامرة تاريخية أبعد من المرحلة الراهنة ولا بدّ للمثقف أن يقوم بدور أكثر فاعلية في التصدّي لها، لا سيما أن المؤامرة تستهدف المثقف بأول أولوياتها.

من جهته الباحث اسماعيل ملحم قال: إن الحرب على سورية وما خلفته كشفت أمرين رئيسين الأول هو أهمية أرض سورية وشعبها وموقعها والثانية الوحشية في التعامل معها من المتآمرين والأعداء إضافة للتضليل الإعلامي التي شاهدناه في الحرب والذي كان مليئا بالإفتراء على سورية.

ورأى رئيس اتحاد الكتاب الدكتور نضال الصالح أن المثقف الذي جاء متلوناً في موقفه لا يمكن أن يكون ضمن أي معيار فكري أو وطني لأن المثقف الحقيقي هو الذي يتحسس آلام وطنه وجراحه. لافتاً إلى أن البحوث التي قدمت موازية لمعرض مكتبة الأسد تدل على مواجهة اتحاد الكتاب وصموده في وجه المؤامرة والإرهاب.

ويختتم اتحاد الكتّاب فعالياته الثقافية في معرض الكتاب بتوقيع ستة من الإصدارات الجديدة لكتّاب وباحثين سوريين اليوم في جناحه في المعرض.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى