ذروة جديدة في الأزمة الكورية فهل تندلع الحرب؟
حميدي العبدالله
بلغت الأزمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة مرة أخرى ذروة جديدة، تبادل فيها الطرفان التهديد باللجوء إلى الحرب. كوريا الشمالية هدّدت بضرب جزيرة أميركية، في حين أنّ الرئيس الأميركي قال عن خيار ضرب كوريا الشمالية عسكرياً أنه خيار مطروح على طاولة البحث.
في ظلّ هذه التهديدات المتبادلة، برز من جديد السؤال عما إذا كانت تفاعلات الأزمة ستقود إلى اندلاع مواجهة عسكرية، أم أنها ستظلّ في إطار التهديدات التي لن تتعدّى التصريحات.
واضح أنه لو لم تكن كوريا الشمالية دولة نووية لكان الاستنتاج بسهولة أنّ الحرب هي الاحتمال المرجّح، وقد يقدم عليه الطرف الأقوى، وهو في هذه الحالة الولايات المتحدة التي تمتلك قدرات عسكرية تفوق قدرات كوريا الشمالية، فضلاً عن دعم غالبية دول العالم لها، ربما باستثناء روسيا والصين.
لكن كون كوريا الشمالية دولة نووية، وكونها تملك صواريخ تطال عمق حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل كوريا الجنوبية واليابان، وحتى تطال جزءاً من الأراضي الأميركية، فالواضح أنّ اللجوء إلى خيار الحرب هو دمار شامل أذاه لن يكون محصوراً في كوريا الشمالية وحدها، بل إنه سيطال حلفاء الولايات المتحدة، كما سيطال الأراضي الأميركية.
هذا الواقع يؤكد أنّ الأزمة لن تتحوّل إلى مواجهة عسكرية، على الرغم من تبادل التهديدات. ربّ قائل أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصية مضطربة، وهو سيقدم على خيار الحرب مهما كانت كلفته عالية. لكن من المعروف أنّ مفتاح الحرب ليس بيد الرئيس الأميركي.
في الولايات المتحدة مؤسّسات تمتلك القدرة على تقييد حرية تحرك الرئيس الأميركي، وبالتالي من الواضح أنّ الشركات الأميركية، وهي صاحبة الكلمة العليا في القرارات التي تتخذ على مستوى الإدارات الأميركية، ليس لها مصلحة باندلاع حرب على مستوى أدنى بكثير من الحرب النووية. من المعروف أنّ غالبية النخبة الأميركية باتت تعارض الانخراط في نزاع عسكري واسع النطاق بعد غزوها لأفغانستان والعراق وما آل إليه هذا الغزو حتى الآن. فإذا كانت غالبية النخبة الأميركية الحاكمة تعارض حرباً تقليدية محدودة تزجّ بها قوات برية، فهي بالضرورة تعارض حرباً نووية واسعة تحتاج إلى مئات آلاف الجنود ناهيك عن الدمار غير المسبوق الذي قد تسبّبه هذه الحرب.