«إسرائيل» منشغلة بديمونا بعد تهديد نصرالله… والجيش السوري يتوسّع في جوبر ونحو دير الزور التوافق على قوانين تردم فجوات السلسلة والضرائب يحبط مساعي الفتنة بين بعبدا وعين التينة
كتب المحرّر السياسي
وقعت كلمات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى النصر في حرب تموز 2006 في مكانها على رؤوس «الإسرائيليين»، بما تضمّنت من تهديد باستهداف مفاعل ديمونا النووي في أيّ حرب مقبلة عبر الإشارة، لكونه أشدّ خطراً من حاويات الأمونيا في حيفا التي سبق وهدّد السيد نصرالله باستهدافها، وقرّر «الإسرائيليون» قبل أيام البدء بإزالتها، فحفلت القنوات التلفزيونية، خصوصاً الثانية والسابعة والعاشرة بتقارير وتحقيقات عن ديمونا وخطاب السيد وخصّص موقع «والا» الإخباري موضوعه الرئيسي للملفّ المتمثل بالمفاعل النووي ومخاطر استهدافه، إضافة لما خصّصته الصحف في صفحاتها الأولى للخطاب.
بالتوازي كان اللبنانيون قد وزّعوا عيونهم على السلسلتين، سلسلة الجبال الشرقية بانتظار الساعة الصفر لمعركة يقف كلّ الشعب والمقاومة فيها وراء الجيش اللبناني، لتطهيرها من وجود الإرهاب، بعد تنفيذ آخر حلقات سلسلة الانسحابات للمسلحين من جرود عرسال وفي المقابل مصير سلسلة الرتب والرواتب، التي حلّت على طاولة حوار وتشاور في قصر بعبدا وسط تجاذب بين طرفي المعادلة، حقوق الموظفين والمتهرّبين من الضرائب، وكلّ كانت حركته بقياس مقدراته، فالمتقاعدون والمياومون والمعلمون في الشارع، والمصارف والشركات المالية في مقدّمات نشرات أخبار قنوات ومحطات أرادت إشعال فتنة بين بعبدا وعين التينة بالحديث عن منتصر ومهزوم لتحريض فريق رئيس الجمهورية على إفشال التوافق الذي خرج به لقاء بعبدا لمجموعة اقتراحات قوانين تردم الفجوات بين قانونَيْ السلسلة والواردات وحقوق المعترضين على تجاهل خصوصياتهم التقاعدية، خصوصاً من عسكريين وقضاة وأساتذة جامعيين.
بين السلسلتين كانت سلسلة مواقف تتناول التنسيق بين لبنان وسورية وذكرى نصر تموز، وفي الجوار السوري القريب سلسلة إنجازات للجيش السوري تجعل دمشق أشدّ أمناً مع التقدّم على محاور جوبر وعين ترما، وتجعل معركة دير الزور أقرب مع التوسّع في سيطرة الجيش في البادية وعلى خطوط إمداد داعش وربط وحداته التي باتت مشرذمة مقطعة الأوصال بين ما تبقى بيدها من أرياف محافظات حمص وحماة والرقة ودير الزور.
رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو في موقف بذكرى نصر تموز اعتبر أنّ ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة هي خلاصة معاني النصر وثنائية التنسيق بين الجيشين اللبناني السوري قاعدة لا يجوز المسّ بها ولا التحريض عليها، خصوصاً على أبواب المعركة الفاصلة مع الإرهاب التي يستعدّ لها الجيش اللبناني.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو أن الانتصار في 14 آب 2006، أسّس لمعادلة جديدة في لبنان، تقوم على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وهذه المعادلة شكّلت قوة ردع بمواجهة العدو الصهيوني، وقد أدرك هذا العدو خطرها، وراح متهالكاً يحقق في أسباب هزيمته.
وأشار قانصو في بيان، أن نتائج حرب تموز 2006، رسّخت إنجاز التحرير الذي تحقّق في العام 2000، وثبّتت حق لبنان في تحرير ما تبقى من أرض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وبهذه النتائج يكون لبنان، جيشاً وشعباً ومقاومة، قد حقّق السيادة بمعناها الحقيقي.
ودعا قانصو جميع القوى في لبنان أن تدرك بأنّ مصلحة لبنان، هي في موقعه ضمن بيئته الطبيعية، وأنّ هناك ضرورة لعودة التنسيق والتعاون بين لبنان وسورية على المستوى الرسمي، ولا يجوز إطلاقاً ربط مصلحة للبنان واللبنانيين بمواقف البعض من اللبنانيين المنفصلين عن الواقع، لمجرد أنّ هذا البعض لا يعترف بوجود حكومة سورية.
وإذ جدّد موقفه بوضع القدرات في تصرّف الجيش اللبناني في المعركة المفصلية مع تنظيم «داعش»، أدان قانصو المواقف التي تحرّض ضدّ التنسيق في معركة الجرود بين الجيشين اللبناني والسوري، وقوى المقاومة التي تشاركهما في الحرب ضدّ الإرهاب والتطرّف.
عون لإقرار «السلسلة» وتعديلات الإيرادات
وتوزّعت الاهتمامات المحلية أمس، بين بعبدا والحدود اللبنانية السورية التي شهدت انسحاب الجزء الثاني والأخير من مسلحي «سرايا أهل الشام» وعائلاتهم الى منطقة الرحيبة في القلمون، بينما تمكّن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تكوين رؤية أوضح حول قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات الضريبية لحسم موقفه النهائي منها، وذلك من خلال ترؤسه الحوار الاقتصادي في بعبدا المخصّص لبحث السلسلة والضرائب وإن عكست النقاشات خلال اللقاء الخلاف في وجهات النظر ومقاربة المسألة بين طرفي الإنتاج.
ونقلت مصادر مقرّبة من رئيس الجمهورية عنه لـ»البناء» ارتياحه لـ»الخطوة التي قام بها ولنتائج اللقاء والنقاشات المثمرة التي دارت بين أطراف الإنتاج الذين عبّروا عن هواجسهم والتعديلات التي يرونها مناسبة في القانونين وأبدوا حرصهم على المصلحة الاقتصادية الوطنية وليس مصالحهم الخاصة فقط». ولفتت المصادر الى أن «الرئيس عون سيوقع قانون السلسلة، لكنه طلب إدخال بعض التعديلات على قانون الإيرادات الضريبية»، وكلف الرئيس عون بحسب ما علمت «البناء» رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان التواصل مع وزير المال علي حسن خليل للبحث عن المخارج القانونية في الاتجاه الذي حدّده رئيس الجمهورية الذي تمنى على الأطراف السياسية كافة الموافقة على أي تعديلات يطلبها على القانونين»، في حين أوردت قناة «او تي في» أن «الرئيس عون أخذ التعهدات اللازمة من السياسيين لتأمين التعديلات المطلوبة بسلاسة».
وستركز التعديلات على بعض الثغرات في القانون الضريبي على مخصصات الجمعيات الخيرية التي تكلف ملايين الدولارات والتحقق من عمل وإنفاق كل جمعية مسجلة بشكلٍ رسمي وتلك غير المسجلة، وعلى الأثاث والتجهيزات المدرجة ضمن موازنات الوزارات، وعلى الأبنية التي تستأجرها الدولة والاستعاضة عنها بإنشاء مبانٍ على الأراضي التي تملكها الدولة فضلاً عن إنصاف بعض القطاعات الوظيفية.
وأشارت مصادر «البناء» إلى إصرار بعبدا على أن تتحمّل الطبقة الرأسمالية جزءاً أساسياً من الضرائب لتحقيق التوازن بين الطبقات الاقتصادية، واستبعدت أن يتمّ «إدخال تعديلات على الضرائب التي تصيب أصحاب رؤوس الأموال»، كما رجّحت «تخفيض بعض الضرائب على الشرائح الشعبية وعدم فرض ضرائب جديدة عليها».
وأعلن الرئيس عون أن «النقاش أظهر وجود قواسم مشتركة بين الحاضرين، سيأخذها في الاعتبار خلال ممارسة صلاحياته الدستورية في ما خصّ قانونَي سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المستحدَثة، كاشفاً عن أن الثغرات التي برزت في القانونين ستتمّ معالجتها وفقاً للأصول الدستورية.
وأكد عون أن القوانين الجديدة يجب ألا تتناقض، وأن تتكامل مع القوانين المرعية الإجراء ولا تمسّ بأمور أساسية تؤثر على الاستقرار والنهوض في البلاد.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري أن اللقاء الحواري في بعبدا هو بداية، وأن الحكومة ستستمع الى القطاعات كلها لمواكبة الوضع الاقتصادي في البلاد، وسترسل مشروع موازنة العام 2018 إلى مجلس النواب ضمن المهل الدستورية.
وحضر اللقاء إلى جانب رئيسَيْ الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين، والنائب إبراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والعمالية والمالية، ونقباء المهن الحرة، والمدارس الخاصة، والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية. وأعلن وزير الإعلام ملحم الرياشي، بعد اللقاء أن «رئيس الجمهورية سيتخذ القرار المناسب على أساس الآراء التي أبداها جميع المعنيين»، وأشار إلى أنه «حصل تشاور في العمق حول أهمية إقرار السلسلة أو عدمه في أجواء صراحة تامّة، والكل أبدى وجهة نظره وأعطى وزير المال رأيه وكانت هوة بين بعض الآراء».
..وجلسة تشريعية غداً
وفي سياق ذلك، يعقد المجلس النيابي جلسة تشريعية صباحيّة ومسائيّة يوم غدٍ الأربعاء برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لاستكمال بحث بنود جدول أعمال الجلسة الماضية وتتمحور حول مشاريع قوانين مالية واجتماعية وإنسانية، على أن يُعيد البحث أيضاً بقانون السلسلة الذي سبق وأقرّه في جلسات سابقة. وقالت مصادر نيابية لـ «البناء» إن «المجلس سيعيد النظر ببعض الملاحظات التي سيطرحها الرئيس عون حول قانونَيْ السلسلة والإيرادات بعد لقاء بعبدا التشاوري. ومن بين هذه النقاط ما يتعلق بمطالب القضاة». ولفتت الى أن «الرئيس بري لا يمانع من إدخال أي تعديلات على القانونين، لكن بعد إقرار السلسلة، لأنها حق لأصحابها وتستفيد منها شريحة شعبية واسعة».
.. واعتصام لهيئة التنسيق
وعلى خطّ موازٍ، نفذت هيئة التنسيق النقابية، التي استبعدت من اللقاء، اعتصاماً أمام مقرّ جمعية المصارف في الصيفي، داعية رئيس الجمهورية إلى «توقيع سلسلة الرتب والرواتب وعدم ردّها، وإلى معالجة المواضيع الخلافية في أطرها الدستورية».
وقد تجمّع عدد كبير من الموظفين والمعلّمين والروابط أمام جمعية المصارف، حاملين لافتات، اعتبرت أنّ «السلسلة حقّ وليست هبة أو منة من أحد، وهي نتاج نضال الأساتذة والمعلمين والإداريين»، ودعت إلى «وقف الهدر والفساد».
جرود عرسال خالية من المسلحين
على صعيد آخر، انتهى أمس تنفيذ اتفاق ترحيل مسلّحي «سرايا أهل الشام» وعائلاتهم من شرق عرسال في اتجاه فليطة السورية، ومنها إلى الرحيبة في القلمون الشرقي. وبخروج آخر حافلة من وادي حميد، يكون الوادي، ومنطقة الملاهي المحاذية له، قد أصبحا خاليين من أي وجود مسلّح ومدني.
وأشارت المديرية العامة للأمن العام في بيان، أنه «بتاريخه الساعة 11,50 انطلقت أربع وثلاثون حافلة تقل المئات من مسلحي «سرايا أهل الشام» وعوائلهم باتجاه الأراضي السورية بمواكبة دوريات من الأمن العام بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني، وذلك حتى الحدود اللبنانية السورية، على أن تتولى السلطات المعنية في سورية تأمين وصولهم إلى منطقة «الرحيبة» داخل الأراضي السورية.
وأكدت المديرية إنجاز عملية إخراج مسلحين كانوا قد احتلوا جزءاً من الأراضي اللبنانية في جرود عرسال، وذلك بعد مفاوضات قامت بها المديرية مع المعنيين.
وعلى الأثر نفّذت وحدات الجيش انتشاراً في منطقة وادي حميد ومدينة الملاهي والمرتفعات المحيطة بهما، استكمالاً لعملية إحكام الطوق وتضييق الخناق على مجموعات تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع.
معركة الجرود
وقالت مصادر عسكرية لـ «البناء» إن «انسحاب ما تبقى من المسلحين من جرود عرسال الى الداخل السوري، أمّن الخلفية القتالية للجيش اللبناني وامتلك هامشاً أوسع من المناورة العسكرية وتثبيت نقاط ومواقع جديدة في التلال المحيطة بمنطقة انتشار داعش للاستفادة منها في الهجوم»، وأشارت الى أن «الجيش كان ينتظر إنجاز انسحاب المسلحين للبدء بالمعركة التي يملك هو وحده توقيتها المرتبط بالمعطيات الميدانية وحركة المسلحين على الأرض والاستفادة من عنصر المفاجأة».
وأوضحت المصادر أن «تنظيم داعش يتعرّض لحصار مطبق، حيث لا يستطيع إدخال محروقات او أسلحة ولا حتى مواد غذائية، وبالتالي قدرته على الصمود باتت شبه مستحيلة، لكنه يستطيع القتال والدفاع عن مواقعه حتى الموت، لأن طبيعة مقاتليه لا يلجأون الى الاستسلام عادة فضلاً عن أن لديه مشكلة في الانسحاب في ظل حصار الجيش السوري محافظتي الرقة ودير الزور وسقوط الموصل في العراق فضلاً عن الغموض الذي يلفّ مصير العسكريين اللبنانيين، ما يعقّد المفاوضات مع التنظيم».
ورجّحت المصادر أن يقاتل «داعش» في المعركة ليصل حد استنزاف الجيش وإرباكه وإيقاع الخسائر البشرية في صفوفه ومنعه من الدخول الى ثغور «التنظيم» وتحصيناته في الجرود وبعدها يفرض شروطه على الدولة. وهذه الاعتبارات الميدانية تفرض على لبنان التنسيق مع الجيش السوري والمقاومة والالتفاف على «داعش» من جميع الجهات والجبهات في الوقت عينه لتطويقه ودفعه للاستسلام المبكر أو الموت المحتوم، محذّرة من الاكتفاء بدخول الجيش من جبهة واحدة وترك الجبهة السورية هادئة».
ولفتت المصادر الى أن المفاوضات إن تمّت فستكون مع قيادة «التنظيم» في تلعفر على الحدود العراقية التركية حيث لا تزال أنقرة تدعم «التنظيم» في تلك المنطقة حتى الآن، وبالتالي ربط شروط «داعش» في الجرود بما يحصل على الحدود السورية العراقية التركية. وتخوّفت المصادر من محاولات «داعش» تحريك خلاياه في الداخل لنقل المعركة الى العمق اللبناني من خلال تنفيذ ضربات استباقية لأهداف مدنية وسياحية أو اغتيالات أو فتح جبهات جديدة عبر جماعاته التي تأتمر بأوامره في مخيم عين الحلوة، بهدف توتير الجبهة الداخلية وإرباك الجيش، وتخفيف الضغط والحصار المفروض على «التنظيم»، لكن المصادر أكدت أن الجيش والقوى الأمنية متنبهين لهذه الاحتمالات كافة، واتخذوا إجراءات استثنائية خلال المعركة»، كما أكدت أن «محاولات داعش لن تغيّر في المعادلة الميدانية التي بالتأكيد ستكون لصالح الجيش»، واستبعدت أن يتمكن «التنظيم» من فتح مواجهات مع الجيش في الداخل باستثناء الخطر الكامن في عين الحلوة.
وأفادت قناة «المنار» مساء أمس، إلى اصابات محققة بصفوف «داعش» في غارات سورية استهدفت تجمّعاتهم في معبر الزمراني ومرطبية في جرود قارة.
استشهاد ٣ لبنانيين في تفجير بوركينا فاسو
وفي سياق ذلك، لم ينقص اللبنانيين الإرهاب في الجرود حتى نالوا نصيبهم من التفجير الإرهابي الذي استهدف مطعم «اسطنبول» مساء أمس، في واغادوغو في جمهورية بوركينا فاسو، حيث استشهد ثلاثة لبنانيين بحسب بيان وزارة الخارجية «وهم احمد البلي ومحسن فنيش وزوجته الكندية الأصل، وهي حامل، حيث أصيبوا أثناء تبادل إطلاق النار بين القوى الأمنية والإرهابيين».
وأكد البيان أن وزارة الخارجية والمغتربين بتوجيهات من الوزير جبران باسيل تتابع مع السلطات في بوركينا فاسو الإجراءات اللازمة لنقل الجثامين الى لبنان.
كما تابع الرئيس عون تفاصيل الاعتداء الإرهابي وظل على اتصال بوزارة الخارجية للاطلاع على آخر التطورات وأعطى توجيهاته بالاهتمام بعائلات الضحايا والجرحى اللبنانيين وتوفير المساعدة الممكنة لهم بالتنسيق مع القنصلية اللبنانية في واغادوغو وحكومة بوركينا فاسو، كما ودان عون هذا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف أبرياء، معتبراً أن «هذا العمل الإجرامي يجب أن يشكل حافزاً إضافياً لتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب ومنع تمدده».