مباحثات تركيّة روسيّة حول إدلب.. وأكثر من 40 شهيداً بعد غارات لطائرات التحالف في الرقة ودير الزور
أكّد الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين، أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاءهم في المنطقة يخالفون قانون حظر الأسلحة الكيميائيّة عبر دعمهم التنظيمات الإرهابيّة الموجودة على الأراضي السوريّة وتزويدهم للإرهابيّين بالمواد السامّة إلى جانب الأسلحة بكلّ صنوفها.
وقال المقداد، إنّ فريق تقصّي الحقائق حول ملف الأسلحة النوويّة في سورية سيصل إلى دمشق خلال الأيام المقبلة، مضيفاً أنّ الحكومة ستقدّم له كلّ التسهيلات.
وكشف المقداد، خلال لقاء عقده مع عدد من الصحافيّين في مكتبه أمس، أنّ الحكومة السوريّة استخدمت نتائج تحاليل منظّمات أجنبية غير حكومية ضمن تحقيقها حول هجوم خان شيخون. وتابع قائلاً، إنّ «مخرجي مسرحية الهجوم الكيميائيّ في خان شيخون يدركون أنّه سابقاً أو لاحقاً سيتمّ أخذ عيّنات للتربة من مكان الحادث، رغم امتناع منظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة من زيارة موقع الحادث بحجّة انعدام الأمن».
وتساءل كيف يمكن لمنظّمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تضمن أنّ العيّنات التي نقلها إلى تركيا مسلّحون من خان شيخون، أُخذت فعلاً من الحفرة التي قيل إنّها ناجمة عن إسقاط قنبلة كيميائيّة، وأنّ هذه المواد الكيميائيّة ناجمة عن قنبلة جويّة فعلاً؟ وأضاف أنّ هناك معلومات عن إغلاق هذه الحفرة لمنع أخذ عيّنات منها مرة أخرى.
ولفت الدبلوماسي السوري إلى أنّ لا أحد من الدول الغربيّة يتحمّس لزيارة وفد منظّمة الأسلحة الكيميائية لبلدة خان شيخون، وأوضح قائلاً: «سورية استقبلت لجنة تقصّي الحقائق التابعة لمنظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة، وفتحنا لهم كلّ الأبواب في سورية للتحقيق بما تمّ، وقلنا لهم شيئين الأوّل هو أنّه بإمكانهم الذهاب إلى خان شيخون، وأنّ الحكومة السورية ستقدّم لهم كلّ التسهيلات حتى آخر حاجز للجيش العربي السوري، وبعد ذلك يبدأ الجزء الثاني من المهمّة وهو ضرورة الضغط على الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابيّة في خان شيخون لضمان أمن محقّقي منظّمة حظر الأسلحة الكيميائيّة عند دخولهم إلى مناطق هؤلاء الإرهابيّين في خان شيخون».
وفي السّياق، استنكرت المتحدّثة بِاسم الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا توريد ذخائر كيميائيّة أميركيّة وبريطانية للإرهابيّين في سورية، معتبرةً أنّ تلك الأعمال «خارج نطاق ما يستوعبه العقل».
ونقلت وسائل إعلام روسيّة عن زاخاروفا، قولها اليوم: «هذا هو مدى التزامهم بالقانون الدولي وانتصار الديمقراطية.. توريد مواد سامّة للإرهابيين مع تقديم صور أطفال قتلى كتغطية. إنّه أمر خارج نطاق ما يستوعبه العقل».
ويؤكّد العديد من التقارير حصول التنظيمات الإرهابيّة في سورية على معدّات وموادّ إنتاج المواد الكيميائيّة والغازات السامّة بتسهيلات من النظام التركي وبعض الدول الغربيّة الداعمة لهذه التنظيمات، كما كشف عدد من البرلمانيّين الأتراك أنّ التنظيمات الإرهابيّة فى سورية، ومنها «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما، حصلت على غاز السارين من تركيا واستخدمته في أماكن مختلفة من سورية.
على صعيدٍ آخر، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس، إنّ قائد الجيش الروسيّ سيزور تركيّا لمناقشة الوضع في محافظة إدلب السوريّة التي تسيطر عليها «جبهة النصرة». وأضاف أوغلو في مقابلة مع قناة «TRT» الإخباريّة التركيّة، أنّ «روسيا أكثر تفهّماً لموقف تركيا بشأن «وحدات حماية الشعب» الكرديّة السورية من الولايات المتحدة».
وتزوّد واشنطن «وحدات حماية الشعب» بالسلاح في قتالها تنظيم «داعش»، ممّا يثير قلق تركيا التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي بدأ تمرّده في جنوبها الشرقي منذ ثمانينيّات القرن الماضي.
وحذّر وزير الخارجية التركي من إجراء عمليّة الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، قائلاً إنّ إجراءه قد يفاقم الوضع في المنطقة وقد يؤدّي إلى «حرب أهليّة».
وأعلن إقليم كردستان العراق أنّه سيُجري استفتاءً على الاستقلال في 25 أيلول، متجاهلاً بذلك تحذيرات دوليّة، بما في ذلك تحذيرات من تركيا وأميركا وإيران.
ميدانياً، سقط العديد من مسلّحي تنظيم «داعش» قتلى، بينهم سعوديّون وكويتيّون في عمليات نفّذتها وحدات من الجيش السوري مدعومة بسلاح الجوّ ضدّ تجمّعاتهم ومحاور تحرّكهم في دير الزور.
وأفادت وكالة «سانا» بأنّ وحدات من الجيش خاضت اشتباكات مع تنظيم «داعش» على محاور الحويقة والرشدية ومحيط المطار، وانتهت بمقتل وإصابة العديد من عناصر «داعش» وتدمير كمّية من الأسلحة والذخيرة كانت بحوزتهم.
وأشارت الوكالة إلى أنّ سلاح الجوّ في الجيش السوري نفّذ غارات مكثّفة على مقارّ وخطوط إمداد لـ«داعش» في منطقتَيْ البانوراما والموارد وأحياء الرشدية والحويقة وخسارات، وفي قرى الحسينية والبغيلية وحطلة وحويجة صكر وعياش والمسرب.
وأسفرت الغارات الجوّية عن تدمير عدّة مقارّ لـ«داعش»، والقضاء على العديد من مسلحيه، من بينهم الكويتيّان عويد البراك وعايد الدخيل، والسعودي «أبو عائشة الجزراوي» والماليزي المدعوّ «أبو مريم».
وفي سياقٍ متّصل، كشفت مصادر أهليّة من ريف دير الزور الغربي لـ«سانا»، عن هروب مجموعة من عناصر «داعش»، من بينهم أحد المتزعّمين الأمنيّين في «داعش» المدعوّ «جليبيب التونسي» إضافةً إلى «أبو طلحة البلجيكي»، وبحوزتهما نحو 39 مليون ليرة سورية ما يوازي 70 ألف دولار أميركي .
إلى ذلك، أعلن المرصد السوري المعارض استشهاد أكثر من 40 شخصاً نصفهم من النساء والأطفال بقصف لطائرات التحالف الدوليّ بقيادة واشنطن ضدّ «داعش»، استهدف مدينة الرقة خلال الـ48 ساعة الماضية.
وأفاد المرصد بأنّ عدد الشهداء مرشّح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم في حالات خطرة ووجود مفقودين، فيما تسبّب القصف بمزيد من الدمار في البُنية التحتيّة للمدينة.
كما ونفّذت طائرات التحالف الأميركي غارات يوم أمس الأربعاء، استهدفت قرى بريف دير الزور أدّت إلى وقوع ضحايا في صفوف المدنيّين.
وبحسب قناة الإخباريّة السوريّة، فإنّ غارات التحالف استهدفت قريتَيْ الطيانة والجلاء في ريف دير الزور الشرقي، وأشارت إلى أنّها أدّت إلى إصابات في صفوف المدنيّين إضافةً إلى وقوع أضرار مادية.
وارتكب التحالف مجزرتين بحقّ مدنيّين سوريّين في مدينة الميادين والريف الشرقي من مدينة دير الزور وأخرى في الرقة في 8 آب الحالي، ذهب ضحيّتها عشرات الشهداء والجرحى بينهم أطفال ونساء.
كذلك ارتكب التحالف الأميركي مجزرة في غارات شنّها على المنازل السكنيّة في مدينة الميادين بدير الزور السورية في 24 تموز، ما أدّى إلى وقوع عشرات الشهداء والجرحى.
وتأتي هذه المجازر بعد توجيه وزارة الخارجية السورية رسالتين لكلّ من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس مجلس الأمن الدولي، تطالب فيهما بالحلّ الفوري للتحالف الدولي لارتكابه مجازر في مدينتَيْ دير الزور والرقة، كذلك لاستخدامه الفوسفور الأبيض المحرّم دولياً من قِبل «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن بشكلٍ ممنهج، وهو انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي.
إلى ذلك، وردَ عن مصدر دبلوماسي روسي في جنيف، قوله إنّ مسلّحي «جبهة النصرة» يحاولون إحكام سيطرتهم على أهم المعابر الحدوديّة بين سورية وتركيا.
وأكّد المصدر في المجموعة الدوليّة لدعم سورية أمس، أنّ الطرف الروسيّ سجّل في الآونة الأخيرة نشاط «جبهة النصرة» لإعادة تمركز مسلّحيها في سورية، بالتوازي مع التحاق عناصر راديكاليّة من فصائل المعارضة المسلّحة بالتنظيم الإرهابي.
وشدّد المصدر الذي لم يتمّ الكشف عن هويّته، على أنّ هذه التطوّرات تهدّد بتفاقم الوضع في سورية، وتصبّ في مصلحة الإرهابيّين الذين يحاولون السيطرة على مصادر التمويل والاستيلاء على أهم المعابر الحدوديّة مع تركيا.
وحمّل المصدر مسلّحي «النصرة» المسؤوليّة عن قصف الأحياء الغربيّة لمدينة حلب بصواريخ عشوائيّة الثلاثاء، ممّا أودى بأرواح ثلاثة أشخاص، مضيفاً أنّ هذا الاعتداء يهدف إلى نسف نظام وقف إطلاق النار والجهود الروسيّة الرامية إلى إنشاء مناطق لتخفيف التوتّر في سورية.