مساعد ظريف يزور بيروت ويلتقي بري وباسيل وجنبلاط: منفتحون على كل الأطياف اللبنانية ومصمّمون أكثر من أي وقت على التعاون

أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابر أنصاري إصرار بلاده أمس «أكثر من أي وقت مضى على ترسيخ وتوطيد العلاقات الثنائية والتعاون البناء مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة في مختلف المجالات»، مشيداً بالنموذج اللبناني الفريد، وبالمواجهة التي يخوضها لبنان ضد الارهاب.

وشدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهته، على ثبات الموقف اللبناني لجهة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والابتعاد عن الصراعات الخارجية، لافتاً الى الاجماع الوطني الذي يلقاه الجيش اللبناني في حربه ضد الارهاب.

وكان أنصاري بدأ امس، زيارة رسمية إلى لبنان تستمر يومين بلقاء مع الرئيس عون، الذي أبلغه خلال استقباله في قصر بعبدا، بحضور سفير إيران في بيروت محمد فتحعلي وأعضاء الوفد المرافق، ترحيب لبنان بالجهود المبذولة للوصول إلى حلول سلمية تعيد الأمن والاستقرار إلى الدول العربية التي تشهد اضطرابات، لافتاً إلى «أهمية الحوار والمفاوضات الجارية في مدينة استانة لإنهاء الازمة السورية».

وأكد الرئيس عون للمسؤول الإيراني أن الموقف اللبناني ثابت لجهة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والابتعاد عن الصراعات الخارجية، لافتاً إلى «الاجماع الوطني الذي يلقاه الجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب والتي ستسفر قريباً عن إنهاء وجود الإرهابيين في الجرود على الحدود الشرقية الشمالية».

ونوّه رئيس الجمهورية بالعلاقات الثنائية القائمة بين لبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية والحرص على تعزيزها في كل المجالات، محملا أنصاري تحياته إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني وتمنياته له بالتوفيق مع بدء ولايته الرئاسية الثانية، واعداً بتلبية الدعوة الرسمية التي كان وجهها إليه لزيارة طهران بعد الاتفاق على موعدها وفق القنوات الدبلوماسية.

وكان انصاري نقل إلى الرئيس عون في مستهل اللقاء تحيات الرئيس روحاني وتهاني الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنجاح الذي حققه الجيش اللبناني في طرد مسلحي تنظيم داعش الارهابي من جرود الحدود الشرقية، مجدداً الدعوة الرسمية التي كان تلقاها الرئيس عون من نظيره الإيراني لزيارة طهران.

ونقل انصاري عن الرئيس الإيراني حرصه على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، مقدراً الانجازات التي تحققت في عهد الرئيس عون، لا سيما لجهة بسط الأمن والاستقرار في الربوع اللبنانية كافة وانتظام الحياة السياسية.

وتناول البحث عدداً من المواضيع الاقليمية والدولية، حيث عرض أنصاري إلى الرئيس عون الجهود التي تبذلها بلاده للمساعدة على إعادة الامن والاستقرار إلى عدد من دول المنطقة، لاسيما في المحادثات التي تستضيفها مدينة استانة عاصمة كازاخستان.

بعد ذلك، زار المسؤول الإيراني عين التينة، حيث عرض مع رئيس مجلس النواب نبيه بري التطورات في لبنان والمنطقة، في حضور السفير فتحعلي والوفد المرافق.

وأعرب أنصاري بعد اللقاء عن «بالغ سعادته بهذه الزيارة للجمهورية اللبنانية في اليوم الاول الذي حازت فيه الحكومة الإيرانية على ثقة مجلس الشورى الإيراني وبدأت عملها برئاسة الرئيس روحاني، وبلقائي الرئيس بري».

وأشار إلى «مهمتين اساسيتين انيطتا بوزارة الخارجية الإيرانية من قبل الرئيس روحاني للمرحلة المقبلة. المهمة الاولى والأساسية هي توسيع العلاقات مع الدول على المستوى الإقليمي، والثانية تتمثل في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول المنطقة، والدول بشكل عام من خلال مصطلح «الدبلوماسية الاقتصادية».

ولفت إلى أن «زيارتي إلى لبنان الشقيق مع بداية تولي الحكومة الإيرانية عهدها الجديد تدل على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي عناية كبرى لمكانة لبنان الشقيق في هاتين المهمتين الاساسيتين. ونحن نعتقد أن هذه الزيارة مناسبة طيبة للقاء جميع المسؤولين والمرجعيات السياسية والروحية في هذا البلد الشقيق للتشاور في كل ما من شأنه ان يعزز ويرسخ العلاقات الثنائية بين البلدين على الصعد كلها».

وأكد أن «لبنان نموذج ساطع اولاً للتعايش الأخوي بين كل مكوناته ، وهو ثانياً، نموذج ساطع للمقاومة والبطولة والصمود»، معتبراً أن «الدور الذي يضطلع به لبنان في مجال مواجهته للارهاب، إن كان مواجهة إرهاب الدولة الذي يمثله الكيان الصهيوني أو الارهاب التكفيري المتطرف الذي تمثله المجموعات الارهابية المسلحة، هذا الدور اللبناني بالتصدي للإرهاب اساسي وبنّاء».

وتوجّه بالتهنئة والتبريك بكل الانتصارات الكبيرة التي تمكن لبنان الشقيق من تحقيقها بشعبه وجيشه ومقاومته طوال الايام الماضية ضد القوى الارهابية الظلامية. وأكد أن الجمهورية الاسلامية منفتحة على كل الاطياف السياسية والدينية والاجتماعية اللبنانية. وأمل في أن تساهم زيارته وسواها من الزيارات المتبادلة إلى اقصى حد في تعزيز التلاحم والعلاقات المتطورة الراسخة بين البلدين والشعبين وأن تساهم في تحقيق المصالح المشتركة.

وأشار أنصاري إلى أن «اللقاء مع الرئيس بري كان بنّاء وإيجابياً وطيباً ، وتحدثنا معه أولاً عن العلاقات الثنائية. وكانت فرصة ايضاً لتناول كل التطورات الاقليمية والدولية».

ولفت إلى أن «هذه الأيام تتزامن مع الذكرى السنوية لاختطاف الامام المغيّب السيد موسى الصدر، وهو إمام للمقاومة من ناحية وللعيش المشترك من ناحية أخرى. وأكدت خلال اللقاء على الدور الكبير والهام والبناء الذي لعبه الرئيس بري طوال الفترة التي أعقبت اختطاف الامام الصدر. ولا يسعنا في هذا الإطار إلاّ أن نتوجه بقلوب صادقة من الباري ونسأله أن يسهل خروج الإمام الصدر من أسره ومعتقله كي يعود حراً سيداً إلى شعبه وبلده لبنان وإلى إيران وكل الامة الإسلامية».

وشدد على أن «ما يهمنا بالدرجة الأساسية سواء مع وجود الإمام الصدر أو خلال فترة تغييبه وأسره، يكمن في أن نتمكن سوية من تحقيق الاهداف الكبرى التي كان الامام الصدر يطمح إلى تحقيقها على الدوام. وهناك مهمات أساسية عدة كانت في جدول أعماله، والأولوية الاساسية في برنامجه كانت تأمين العيش الأخوي الكريم ليس فقط في لبنان، وإنما في كل أرجاء العالم الإسلامي. وهذه المسؤولية ملقاة على عاتقنا وسوف تبقى على الدوام. ومن الأهداف السامية البارزة التي عمل من أجلها الامام الصدر هو التمسك بشعلة المقاومة في وجه الكيان الصهيوني والتمسك بدعم ومؤازرة القضية الفلسطينية المحقة والعادلة لتحرير فلسطين من براثن هذا العدو المحتل، ونأمل أن نتمكن جميعاً من حمل هذه الراية والمساهمة في تحقيق هذه الاهداف السامية والكبيرة».

وزار أنصاري أيضا قصر بسترس، حيث التقى والوفد المرافق وزير الخارجية جبران باسيل.

وبعد اللقاء، أعرب أنصاري عن «بالغ سروره وسعادته لهذه الفرصة التي أتاحت لي زيارة لبنان الشقيق في هذا اليوم الذي هو أول يوم عمل للحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة الرئيس حسن روحاني، بعد أن نالت الثقة من البرلمان الإيراني، وستكون مناسبة لي للقاء جميع المرجعيات السياسية والروحية اللبنانية الموقرة».

تابع: «نحن عندما نعاين هذه المنطقة التي نعيش فيها ونرى هذه الاختلافات والتباينات والنزاعات التي تعصف بدول هذه المنطقة وشعوبها نشعر أن لبنان الشقيق هو بمثابة الواحة الخضراء المستقرة التي تُشكل نموذجاً صارخاً للتعايش الأخوي السلمي الكريم بين جميع أتباع الديانات السماوية السمحاء التي تعيش بوفاق وانسجام في ربوعه.»

أضاف: «من ناحية أخرى، فإن لبنان الشقيق يُعتبر من وجهة نظرنا نموذجاً صارخاً ورمزاً كبيراً من رموز التصدي للإرهاب، سواء كان إرهاب الدولة الذي يمثله الكيان الصهيوني او الإرهاب التكفيري الظلامي المتطرف الذي تمثله هذه المجموعات الحاقدة المتطرفة».

ولفت إلى أن «الرسالة الأساسية التي أحملها معي خلال زيارتي للبنان الشقيق ومن خلال الأيام الأولى لعمل الحكومة الإيرانية الجديدة تكمن في أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية مصرّة اليوم أكثر من أي وقت مضى على ترسيخ وتوطيد العلاقات الثنائية والتعاون البناء مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة في مختلف المجالات .»

تابع: «من هنا نحن نتطلع منذ البداية إلى أن تشمل هذه الزيارة جميع المرجعيات السياسية والروحية والحزبية والإجتماعية التي تُمثل مكونات هذا البلد الشقيق. نحن نعتبر أن لبنان ومن خلال هذه الفسيفساء الفريدة التي يُمثلها في التنوع السياسي والاجتماعي والديني والطائفي هو نموذج يُحتذى من قبل كل شعوب المنطقة في الحرية والوحدة والتلاقي. من ناحية أخرى إن لبنان عندما حمل لواء التصدي والمقاومة ضد العدوان «الإسرائيلي» من جهة والإرهاب التكفيري من جهة أخرى تحول نموذجاً فريداً يُحتذى به من قبل شعوب هذه المنطقة لا بل من قبل كل الاحرار في هذا العالم».

وردا على سؤال نفى أنصاري أن يكون البحث والوزير باسيل قد تناول قضية السجين اللبناني في طهران نزار زكا، آملاً أن يأخذ الملف مساره القضائي الصحيح قريباً.

والتقى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية يرافقه السفير الإيراني، بحضور نجله تيمور والنائب غازي العريضي ونائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دريد ياغي. وجرى خلال اللقاء بحث آخر المستجدات.

وبعد اللقاء قال أنصاري: «الرسالة الاساسية التي أحملها معي إلى لبنان الشقيق من خلال زياراتي المتنوعة تحمل في طياتها أن الجمهورية الاسلامية الإيرانية منفتحة على كل الاطياف السياسية والروحية والاجتماعية الموجودة في لبنان وهي تدعم هذا التنوع وهذا الغنى الذي يعيشه لبنان الشقيق».

وتابع: «نحن نعتبر ان لبنان الشقيق يمثل نموذجاً سياسياً فريداً في التعايش الأخوي السلمي بين ابنائه كافة وفي هذا الموزاييك المتنوع وهذه الوحدة الوطنية والذي استطاع من خلال الإرادة الوطنية الداخلية اللبنانية أن توجد الحلول للمشكلات السياسية التي يعاني منها لبنان، سواء في مجال إيجاد مخرج للفراغ الرئاسي الذي عانى منه لبنان طوال الفترات الماضية ولاحقاً من خلال التوافق على قانون جديد لقانون الانتخابات النيابية».

وقال: «من ناحية أخرى نحن نعتبر أن لبنان أيضاً نموذج فريد يحتذى في مجال التصدي للارهاب سواء أكان الإرهاب الصهيوني «الإسرائيلي» الغاشم أو الإرهاب التكفيري المتطرف».

وأضاف: «الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم وتؤيد الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان وهي بطبيعة الحال تقف إلى جانب لبنان الشقيق في كل الانجازات السياسية التي يقوم بها ومن ناحية اخرى تقف الى جانبه في تصديه للارهاب».

وتابع: «لقد استعرضنا مع القراءات السياسية للتطورات الجارية كافة من حولنا في المنطقة والعالم وتكثيف الجهود المخلصة التي ينبغي أن تبذل من قبلنا في المستقبل من أجل تحقيق المصلحة المشتركة للبلدين والمنطقة بشكل عام. ونحن نعتبر أن الدور السياسي الوطني البناء الذي نهض به وليد جنبلاط طوال الفترة الماضية التي هو امتداد للمدرسة السياسية الوطنية التي ينتمي اليها لا طالما ساهم في كافة الانجازات السياسية البناءة التي تخدم مصلحة لبنان العليا».

وقال: «نحن على ثقة تامة أنه بفضل جهود معاليه وجهود سواه من القيادات اللبنانية المخلصة والشريفة سوف نشهد في المستقبل القريب المزيد من التوافق السياسي الداخلي في لبنان والمزيد من الإنجازات التي تخدم لبنان».

وختم: «الجمهورية الاسلامية الإيرانية كما تعرفون تقف دائماً وأبداً الى جانب الجمهورية اللبنانية والى جانب الوحدة الوطنية في لبنان والى جانب المقاومة في لبنان والى جانب هذا التلاحم بين الدولة والحكومة والجيش والشعب والمقاومة، مع تمنياتي الخالصة ان نشهد في المستقبل القريب المزيد من الأيام السعيدة المشرقة للبنان الشقيق ولإيران والمنطقة برمتها كي نفتح سوياَ صفحات بيضاء من التلاقي والتعاون بين البلدين الشقيقين».

وقال جنبلاط من جهته: «الأمر الأهم أنني لمست حرص الجمهورية الاسلامية الإيرانية على الاستقرار في لبنان والحفاظ على التنوع واحترام التنوع، او كما أسماها أنصاري هذا الموزاييك اللبناني، ولمست الدعم في محاربة الإرهاب الذي يتم على الحدود اللبنانية بالأمس القريب من قبل المقاومة واليوم من قبل الجيش اللبناني، والدعم في مواجهة إسرائيل وتحرير الارض المحتلة اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».

واضاف: «استعرضنا آفاقاً عريضة في العالم العربي والعالم، واهم شيء ركزنا عليه معالجة الخلافات الإيرانية – العربية بالحوار، لأنه من دون حوار نغرق في الخلافات الجانبية منها المذهبية ومنها العسكرية ومنها العبثية، فلا بد من معالجة الخلافات بالحوار من اليمن الى العراق الى سورية، حيث شددنا سوياً على أهمية الحل السياسي كما بدأت معالمه ترسم في لقاءات التي تجري بين النظام السوري وبين المعارضة في استانة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى