تحرير الجرود من «داعش» قارب النهاية والانتصار على بعد 20 كلم
فيما باشرت وحدات الجيش اللبناني بتنفيذ المرحلة الثالثة من عملية «فجر الجرود» في رأس بعلبك والقاع لتحرير المنطقة المتبقّية تحت سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي والبالغة مساحتها حوالى 20 كيلومتراً مربعاً، تابع الجيش السوريّ ورجال المقاومة تقدّمهم في محاور جرود القلمون الغربي في الجانب السوري.
وكانت وحدات الجيش اللبناني قصفت منذ ليل أول من أمس ما تبقّى من أماكن تمركز وتحرّكات إرهابيّي تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، حيث شاهد أهالي البلدات المجاورة أعمدة الدخان المتصاعدة من المواقع المستهدفة.
وصباح أمس، دارت اشتباكات عنيفة بين وحدات الجيش اللبناني المتقدّمة وإرهابيّي «داعش» على مشارف رأس الكف، في وقت أعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان لها، أنّه فجراً وفي محلّة وادي الخشن – جرود عرسال، انفجرت إحدى النسفيّات المفخّخة أثناء قيام مجموعة مختصّة من الجيش بتفكيكها، ما أدّى إلى استشهاد أحد العسكريّين وإصابة أربعة آخرين بجروح مختلفة.
وأعلن مدير التوجيه في قيادة الجيش اللبناني العميد الركن علي قانصو، أنّه «تمّ تدمير جميع مراكز الإرهابيّين في المنقطة التي يتقدّم بها الجيش ضمن معركة فجر الجرود»، وأضاف: «تمّ تدمير 9 مراكز لعناصر «داعش»، وتمّ ضبط أسلحة وذخائر ومتفجّرات وسيطرنا على حوالى 20 كيلومتراً مربعاً، وبالتالي يتبقّى لنا نحو 20 كيلومتراً مربعاً».
وأشار قانصو في مؤتمر صحافي، إلى أنّ «الوحدات القتاليّة تستعدّ لمتابعة عملية فجر الجرود مع الأخذ في الاعتبار احترام القانون الدولي الإنساني»، وأعلن عن سقوط شهيد و4 جرحى للجيش نتيجة انفجار عبوة ناسفة بآليّة عسكرية.
من جهةٍ ثانية، قال قانصو: «لا موقوفين أو أسرى من «داعش» لدينا، ولا معلومات حتى الآن عن العسكريّين المخطوفين».
واعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان في بيان أن وحدات الجيش القتالية نفذت اعتباراً من فجر أمس وتحت غطاء جوي ومدفعي مكثف المرحلة الثالثة من عملية «فجر الجرود» ضد ما تبقى من تنظيم «داعش» الإرهابي في جرود القاع، وذلك على محورين رئيسيين، حيث تمكنت في نهاية هذا النهار من تحقيق هدفها وهو إحكام السيطرة على كامل البقعة الشمالية لجبهة القتال حتى الحدود اللبنانية- السورية، والتي تضم: تلة خلف 1546 ، رأس الكف 1643 ، رأس ضليل الضمانة 1464 ، قراني شعبات الإويشل 1500 ، المدقر 1612 ، مراح درب العرب 1400 ، قراني خربة حورتة 1621 ، مراح الدوار 1455 ، الدكانة 1494 ، وبذلك بلغت المساحة التي حررها الجيش بتاريخ أمس حوالى 20 كيلومتراً مربعاً، وبالتالي بلغت المساحة المحررة منذ بدء معركة فجر الجرود وعمليات تضييق الطوق نحو 100 كياومتر مربع من أصل 120 كيلو متراً مربعاً.
واستشهد خلال العمليات العسكرية أحد العسكريين وأصيب أربعة آخرين نتيجة انفجار نسفية مفخخة، فيما أسفرت هذه العمليات عن تدمير 9 مراكز عائدة لهم، تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة وذخائر وأعتدة عسكرية مختلفة.
وتواصل الفرق المختصة في فوج الهندسة في الجيش تفتيش البقع المحررة وتنظيفها من الألغام والنسفيات والأجسام المشبوهة، بالإضافة الى شق طرقات جديدة فيما تستعد الوحدات القتالية لتنفيذ المرحلة المقبلة وفقا للخطة المرسومة.
وفي الجانب السوري، تابع الجيش السوري ورجال المقاومة تقدّمهم في محاور جرود القلمون الغربي، وتمكّنوا من السيطرة على مرتفع شعبة صدر بيت بدران غرب جبل الموصل، وادي شعبة حرفوش، شعبة البطيخ والمصطبة، في المحور الشرقيّ.
كما سيطروا على مرتفع شعبة عجلون الكبير الذي يبعد جنوباً عن مرتفع قرنة عجلون حوالى 1 كيلومتراً، ويشرف على معبر سن فيخا المعبّد بالإسفلت، الذي يصل البريج بالقاع إضافة لاتّصاله بمعبر ميرا، إضافة إلى السيطرة على مرتفع وادي حوراتة، في المحور الشمالي.
على صعيدٍ آخر، ينفّذ الجيش ومختلف الأجهزة الأمنيّة منذ انطلاقة عملية «فجر الجرود» لتحرير جرود بعلبك والقاع من سيطرة «داعش»، إجراءات أمنيّة في محافظة عكار، بحيث تُقام حواجز ثابتة ونقّالة في مواقع محدّدة وتسيير دوريّات راجلة وآليّة ليلاً ونهاراً في مختلف القرى والبلدات العكّارية، وعلى امتداد الشاطئ من العبدة وحتى العريضة، وتنفيذ بعض المداهمات وتوقيف بعض الأشخاص المشتبه فيهم، ما ترك ارتياحاً كبيراً لدى المواطنين الذين أكّدوا دعمهم ومساندتهم للجيش وللقوى الأمنيّة في مواجهة الإرهاب وتداعياته.
وهذه التدابير لم تقتصر على الداخل فقط، حيث أنّ وحدات الجيش المنتشرة على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية مع سورية، من نقطة العريضة الساحلية وحتى نقطة النبي برّي، الفاصلة بين منطقة جبل أكروم لجهة عكّار ومنطقة بيت جعفر لجهة الهرمل – البقاع بطول حوالى المئة كيلومتر، قد عزّزت من إجراءاتها وتدابيرها الأمنيّة أيضاً عند هذه الحدود.
وفي وقتٍ لاحق، نعت قيادة الجيش – مديريّة التوجيه في بيان، العريف الشهيد عباس كمال جعفر الذي استشهد فجر أمس في محلّة وادي الخشن – جرود عرسال أثناء مشاركته في تفكيك نسفيّة مفخّخة.
وتُجرى مراسم تكريم الشهيد أمام المستشفى العسكري المركزي – بدارو الساعة الثامنة من صباح اليوم الثلاثاء، ثمّ يُنقل إلى مدينة صور، حيث سيُقام المأتم الساعة الثالثة في حسينيّة جامع جلّ البحر، ويوارى الثرى في جبانة روضة الزهراء.
تُقبل التعازي قبل الدفن وبعده لغاية الساعة 19.30، وبتواريخ 26، 25، 24 و27/8/2017 ابتداءً من الساعة 10.00 ولغاية الساعة 19.30 يومياً، في الحسينيّة المذكورة أعلاه.
من جهةٍ أخرى، استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحّة العامة غسان حاصباني يرافقه وزير الإعلام ملحم الرياشي ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، الذين توجّهوا له بالتعزية لاستشهاد عدد من العسكريّين، وأعربوا عن «دعمهم الكامل للجيش، وتقديرهم للإنجازات الكبيرة التي حقّقها في عملية فجر الجرود لدحر الإرهاب عن الحدود الشرقيّة».
عسيران
وتواصلت أمس ردود الفعل المشيدة بإنجاز الجيش. وفي السياق، اعتبر عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي عسيران، أنّ «ما حقّقه الجيش اللبناني في جرد القاع ورأس بعلبك في هذه السرعة هو إنجاز نوعيّ واستراتيجي وتاريخي يجب البناء عليه، وهو أيضاً إعادة بناء جدّي للجيش اللبناني وللدولة اللبنانيّة».
وقال: «إنّه انجاز مهم جداً نأمل البناء عليه لتعود الطمأنينة إلى كافّة أنحاء لبنان ولتحريرها من كافة المعتدين، وأملنا وأمل جميع اللبنانيّين معقود على سواعد جيشنا الباسل وعلى شجاعته وقدرته لتحرير الأرض وقتال الإرهاب والغزاة المحتلّين، وما حقّقه الجيش في الجرود هو إنجاز يسجّل له وللبنان، لتعود دولتنا إلى تألّقها كما يريدها جميع اللبنانيّين».
أحزاب البقاع
من جهتها، رأت الأحزاب والقوى الوطنيّة والقوميّة في البقاع في بيان، «أنّ المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني البطل وما واكبها من دماء وتضحيات لاقتلاع شراذم الإرهابيّين القتلة من جرود القاع ورأس بعلبك، وبالتلازم مع تطهير جرد عرسال على يد أبطال المقاومة، قد حقّق هدفين استراتيجيّين أمنيّاً وسياسيّاً: إسقاط وظيفة المخلب الإرهابي المزروع على تخومنا الشرقيّة للنَّيل من استقرارنا الداخلي عبر استهدافات تخدم أجندات خارجية، وإسقاط مساعي تدويل الحدود الشرقيّة عبر رفع القواطع بين لبنان وسورية بأقنعة دوليّة تختلف بشيء عن أغراض الإرهاب المقتلع خدمة أعداء لبنان، وفي مقدّمهم «إسرائيل» المذعورة من زمن ا نتصارات».
وأضافت: «فألف تحية إجلال وإكبار لجيشنا اللبناني البطل المحتضن من شعبه، الذي ينظر بعين النصر ا تي على يد ضبّاطه وجنوده البواسل وقواه الأمنيّة في تحرير الأرض والأسرى العسكريّين، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، والنصر الدائم للبنان المحقّق بقدسيّة ثلاثيّة العز «الجيش والشعب والمقاومة». وتحية الوفاء موصولة لأبطال «وإن عدتم عدنا» من «الجيش السوريّ والمقاومة ونسور الزوبعة»، الذين شكّلوا في المقلب الشرقيّ من الحدود بالدم والقامات النصير والظهير وحاجز الصدّ، ما وفّر الكثير من الجهد والتضحيات على جيشنا البطل، والعبرة الأبرز أنّ «وحدة الدم في الميدان تُعيد نسج وحدة الأمة في الجرود بلا حدود، كردّ على السدود المصطنعة ومؤامرات التفتيت».
ووجّهت الأحزاب تحيّة الحب والتقدير لرئيس الجمهورية اللبنانيّة القائد العام للجيش والقوات المسلّحة العماد ميشال عون، «الضامن لنهج التغيير والتحرير».
جبري
بدوره، رأى الأمين العام لـ«حركة الأمّة» الشيخ عبد الله جبري بعد زيارته رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابيّة النائب محمد على رأس وفد من الحركة، أنّ «المعركة الدائرة الآن في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، والتي يخوضها الجيش اللبناني في الوقت نفسه الذي تخوض فيه المقاومة والجيش السوري المواجهة مع الإرهاب التكفيري من الجهة السوريّة، تُشير إلى وحدة الهدف والغاية وسموّهما، وتؤكّد المثلث الذهبي: شعب وجيش ومقاومة».
وهنّأ جبري «المقاومة بذكرى الانتصار غير المسبوق في تاريخ الصراع العربي «الإسرائيلي في حرب تموز آب 2006»، كما قدّم التهنئة «على انتصارات المقاومة العظيمة في جرود عرسال على الإرهاب التكفيريّ، الوجه الآخر للإرهاب الصهيوني».
«نصرة فلسطين»
وشدّدت «الحملة الأهليّة لنصرة فلسطين وقضايا الأمّة» في بيان، أنّ «لهذه المعارك تداعيات سياسيّة واستراتيجيّة كبرى على المستويات اللبنانيّة والعربيّة والإقليميّة والدوليّة»، لافتةً إلى «الإجماع اللبناني على دعم المؤسسة العسكريّة وما عزّزته ورسّخته في معادلة يقوم عليها أمن الوطن وقدرته على مواجهة التحدّيات، وهي معادلة الشعب والجيش والمقاومة».
«صرخة وطن»
وحيّا رئيس تيّار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، «بطولات الجيش اللبناني وتضحيات شهدائه التي يبذلونها في امتحان الكرامة الوطنيّة في جرود القاع ورأس بعلبك، حيث يتعمّد النصر القادم على الإرهاب بالدماء الزكيّة والطاهرة، التي قدّمها العسكريّون الشهداء منهم، والجرحى الذين قدّموا دماءهم وأرواحهم فداءً للبنان، من أجل أن يبقى الوطن السيد والحر العصيّ على الإرهاب، كما أثبت سابقاً أنّه وطن أقوى من أن يهزمه العدو الإسرائيلي».
وأشار إلى «أنّنا نشهد انتصاراً يوازي انتصار الجيش اللبناني بمعركة «فجر الجرود» في الجانب السوريّ من حدود لبنان الشرقيّة، يسطّره المقاومون الأبطال ورجال الجيش السوري عبر عمليّة «وإن عدتم عدنا»، ليكتمل بذلك مشهد القضاء على الإرهاب في لبنان وسورية، والذي يمتدّ إلى العراق حيث نشهد معركة القضاء على معاقل تنظيم «داعش» في تلّعفر».
كما حذّر ذبيان من وجود مخطّط إرهابيّ يسعى للزجّ بمخيم عين الحلوة في أتون الحرب الدائرة للقضاء على الإرهاب، داعياً الفصائل والقوى الفلسطينيّة الموجودة في المخيم إلى اتخاذ القرار الحاسم بِاجثاث الإرهاب الذي يتهدّد أمن وسلامة أهل المخيم.
وفي سياقٍ متّصل، حذّر رئيس «تيّار صرخة وطن» من المخطّطات التقسيميّة في العراق، والتي بدأت أولى ملامحها تُرسم من خلال الإعلان عن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان، ونبّه «من هذا المخطّط الأميركي «الإسرائيلي» الخبيث للنَّيل من وحدة الدولة العراق من خلال التشجيع على مشاريع الانفصال، والتي تصبّ في خدمة الكيان الصهيوني وأهدافه الخبيثة في منطقتنا».
«اللبناني الواعد»
كذلك، أعلن «الحزب اللبناني الواعد» في بيان، أنّه «ينظر بفخر إلى معركة فجر الجرود التي يخوضها الجيش اللبناني ضدّ إرهابيّي تنظيم داعش»، مؤكّداً أنّ «هذه العمليّة هي دليل آخر على تصميم الجيش اللبناني بقيادة العماد جوزيف عون على حفظ أمن اللبنانيّين، وحماية الحدود والانخراط في الجهود الإقليميّة والدوليّة من أجل مواجهة الإرهاب المتطرّف والقضاء عليه».
وقال: «إنّ ما يقوم به الجيش اللبناني في جرود القاع ورأس بعلبك سيؤدّي إلى خروج الإرهاب من لبنان إلى غير رجعة، ونحن في الحزب اللبناني الواعد نحيّي شهداء وجرحى المؤسّسة العسكريّة ونقدّر جهود كلّ فرد فيها ممّن عملوا للوصول إلى هذا الإنجاز الذي يوازي إنجازات جيوش كبرى».
وختم بالقول، إنّ «الجيش اللبنانيّ أثبت بالتفاف جميع اللبنانيّين حوله أنّه قادر على حماية لبنان والدفاع عنه في وجه أيّ عدو وإحباط المخطّطات الارهابيّة، وانطلاقّاً من هذه الحقيقة ندعو اللبنانيّين إلى مزيد من الدعم لهذا الجيش في مختلف المجالات، كما ندعو السياسيّين إلى وقف تدخّلاتهم في هذه المؤسّسة ووقف التشكيك بها والانصراف إلى لقاء الجيش في عمليّة بناء الوطن وحفظ أمنه».