الصحافة الروسيّة: هزيمة الأسد أصبحت مستحيلة… والولايات المتحدة تتآكلها العنصرية
تنوّعت المواضيع التي تناولتها الصحافة الروسية في اليومين الماضيين، من الأوضاع في سورية وما آلت إليه الحرب ضدّ الإرهاب، إلى ما تعانيه الولايات المتحدة الأميركية من أزمات متصلة بالعنصرية التي عادت لتطفو على السطح، إلى الصراع الأميركي ـ الكوري الشمالي حول أسلحة بيونغ يانغ النووية، فأزمة ماكرون وانخفاض نسبة مؤيّديه، إلى التورّط المغربي في عدد من العمليات الإرهابية في أوروبا، وسياسة الدولة المغربية إزاء ذلك.
ولعلّ أبرز التقارير التي نُشرت، المقابلة التي أجرتها مراسلة موقع «برافدا» الروسي تاتيانا تراكتينا، مع كبير الخبراء في مركز الدراسات العسكرية ـ السياسية في معهد موسكو للعلاقات الدولية ميخائيل ألكسندروف، في شأن الإعلان عن افتتاح معرض دمشق الدولي وأهميته الرمزية، وعن تصريح رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس بأنّ الأولوية ستُعطى للدول الصديقة للشعب السوري، والتي قاتلت معه ضدّ الإرهاب. وعن رأي الخبراء بأنّ افتتاح معرض دمشق الدولي يعكس ثقة الرئيس بشار الأسد بأنه تمكّن من استعادة فرض السيطرة على سورية.
ليقول ألكسندروف إنّ الانعطاف في اتجاه هزيمة حكومة الأسد أصبح مستحيلاً.
في ما يلي، جولة على أهمّ التقارير والمواضيع التي نشرتها صحف روسية في اليومين الماضيين.
برافدا
أجرت مراسلة موقع «برافدا» الروسي تاتيانا تراكتينا، لقاءً مع الخبير ميخائيل ألكسندروف، في شأن الإعلان عن افتتاح معرض دمشق الدولي وأهميته الرمزية.
وجاء في المقال: نشرت صحيفة «تايمز» البريطانية معلومات في شأن الإعلان عن افتتاح معرض دمشق الدولي للمنتجات الصناعية، مشيرة إلى تصريح رئيس الوزراء السوري بأنّ الأولوية ستعطى للدول الصديقة للشعب السوري، والتي قاتلت معه ضدّ الإرهاب.
ووفقاً لصحيفة «تايمز» أنّ روسيا وإيران أصبحتا تجنيان أرباحاً من جرّاء العلاقة الحميمة مع دمشق، وذلك عبر عقود إعمار البلاد.
ويرى الخبراء أنّ افتتاح معرض دمشق الدولي يعكس ثقة الرئيس السوري بشار الأسد بأنه تمكن من استعادة فرض السيطرة على سورية. فهل هذا حقيقة؟
حول ذلك تحدّثت مراسلة موقع «برافدا» تاتيانا تراكتينا مع كبير الخبراء في مركز الدراسات العسكرية ـ السياسية في معهد موسكو للعلاقات الدولية ميخائيل ألكسندروف، الذي قال: بطبيعة الحال، الانعطاف في اتجاه هزيمة حكومة الأسد أصبح مستحيلاً. ولكن من السابق لأوانه الحديث عن انتهاء الحرب. فهذه العملية سوف تستغرق شيئاً من الوقت. بيد أنّ افتتاح معرض دمشق الدولي عمل صائب جداً. وكحدث رمزيّ له أهميته من الناحية النفسية. والمعرض سوف يغيّر الأجواء في سورية نفسها، ويُظهر للناس أنّ الحياة السلمية فعلاً بدأت تعود، وأنّ الحياة مستمرّة، والناس في توق كبير إليها. وبالتأكيد، إنّ لهذا كذلك، تأثيره على أولئك «المعارضين»، الذين ظلّوا خلف متاريسهم، ولم يسلّموا سلاحهم بعد. وسوف يرى هؤلاء أنّ معظم أراضي سورية أصبح تحت سيطرة الدولة، وتدريجياً بدأت الحياة الطبيعية تعود إليها، في حين أنهم سوف يبقون خارج نطاق هذه العملية. ومثل هذه الإجراءات سوف تضعف معنويات السكان في مناطق البيئة الحاضنة لـ«المعارضة»، وفي الوقت نفسه ستكون حافزاً مشجّعاً لمؤيدي السلطة.
وقد بذلت روسيا جهداً كبيراً من أجل إعادة الأمن والاستقرار في سورية، ونحن أرسلنا قواتنا المسلحة إلى هناك، وقدّمنا مساعدات مختلفة غذائية ومادية وتقنية. ومن الطبيعي أن تكون روسيا في قائمة أولويات الدولة السورية في عقود إعادة بناء سورية. بينما هم الغربيون كما ورد في صحيفة تايمز لم يفعلوا شيئاً، بل على العكس من ذلك، أضرّوا بالدولة السورية، ويريدون بعد ذلك أن يحصلوا على أرباح وأولويات؟ هذا غير منطقي.
وإنني أرى أنّ من الممكن مستقبلاً إنشاء محور اقتصادي حقيقي في الشرق الأوسط، يجمع روسيا وإيران وسورية، إضافة إلى العراق، الذي يمكن العمل لضمه، والذي بات تدريجياً يظهر ميلاً متزايداً نحو التحالف الروسي ـ الإيراني. وإذا نجحت عملية التفاعل مع العراق، فسينشأ ذلك التحالف في الشرق الأوسط الذي قد تنضم إليه تركيا في القريب العاجل.
فتركيا لا تريد أن تكون معزولة، وعلاقتها الآن مع الاتحاد الأوروبي معقدة للغاية، بينما تسير علاقتها مع روسيا نحو التحسُّن. وعلى رغم علاقتها السيئة مع سورية والعراق وإيران، فإنني أعتقد أنّ تركيا لن تفوّت فرصة المشاركة في مثل هذا التحالف الاقتصادي. وأتوقّع أن هذا سوف يشكل مخرجاً جيداً للأتراك، في حال شروعهم بإجراء تغييرات جذرية على سياستهم، والاندماج في الهيكليات الأوراسية التي ينتظرها مستقبل وعد، أفضل من اللهاث خلف الاتحاد الأوروبي غير المثمر.
لكنّ الولايات المتحدة سوف تحاول تعطيل ذلك، وعبر الجيوب التي تسيطر عليها في المناطق الحدودية مع الأردن والمناطق الكردية، وكذلك عبر ممارسة الضغط على الحكومة العراقية من أجل منع تقارب العراق مع التحالف الروسي ـ السوري ـ الإيراني، وسوف يمارسون الخداع مع الأتراك لتعطيل تقاربهم من هذا التحالف، والذي بالمناسبة يمكن أن ينضم إليه لبنان أيضاً.
لهذا، كلّ شيء يعتمد الآن على قدرتنا الدبلوماسية وفنونها في مقارعة الأميركيين والانتصار عليهم في هذا المجال، والشيء الوحيد الذي بقي في يدهم الآن، محاولات بثّ الفوضى انطلاقاً من الجيوب الحدودية التي يوجدون فيها عبر استخدام بعض جماعات من «المعارضة».
ترود
تطرّق المعلق السياسي لصحيفة «ترود» الروسية أوليغ شفيتسوف إلى أحداث شارلوتسفيل الأخيرة مشيراً إلى أنّ موجة إعادة النظر في التاريخ وصلت إلى الولايات المتحدة أيضاً.
كتب شفيتسوف: لقد قسّم شبح الحرب القديمة فجأة الأمة وتلطخت الشوارع بالدم. اليسار ضدّ اليمين، «المناهضون للفاشية» ضدّ «كو ـ كلوكس ـ كلان»، الفوضويون ضدّ النازيين الجدُد، السود ضدّ البيض، الديمقراطيون ضدّ الجمهوريين والجميع ضدّ دونالد ترامب. وفي الواقع، حرب الجميع ضدّ الجميع.
والأسباب تبدو تافهة. فإزالة النصب والتماثيل في بولندا وأوكرانيا أثارت صدمة في أوروبا، حيث لا يزالون يتذكرون الحرب العالمية الثانية. بيد أنّ تكرار الحرب الأهلية 1861 ـ 1865 في الولايات المتحدة على هذه الخلفية هو ذروة السخافة.
وقد بدأ كلّ شيء في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا، حيث تحولت الشوارع إلى ساحة معارك حقيقية بسبب تمثال زعيم الكونفدرالية الجنرال لي. وتحولت مسيرة المشاعل، التي شاركت فيها وحدات «كو ـ كلوكس ـ كلان» والنازيون الجدد والبيض ضدّ إزالة التمثال، إلى معركة بالأيدي مع المناهضين للفاشية. ودهَس آلِكس فيلدز بسيارته امرأة، وجرَح تسعة عشر آخرين.
وبعد انتشار الخبر، توسّعت جغرافيا الاحتجاجات أفقياً. فالمدافعون عن «المساواة العرقية» حطّموا نصب الجيش الكونفدرالي في كارولينا الشمالية وسط تصفيق وهتافات الشباب انتصاراً على التفرقة العنصرية.
وقد صبّ حاكم الولاية روي كوبر الزيت على النار، عندما قال: «سوف نزيل مثل هذه التماثيل، لأنها تمجّد الحرب ضدّ الولايات المتحدة دفاعاً عن العبودية». ذلك، مع أن قوانين الولاية تحرم إزالة التماثيل أو نقلها من أماكنها من دون موافقة اللجنة الوطنية.
من جانبه، تحدث عمدة ليكسينغتون في ولاية كنتاكي جيم غري، عن إطلاق حملة رفع تمثالي الجنرال جون مورغان ووزير الحرب جون بريكينريج. وقد دعمه في هذا حاكم ولاية ميرلاند لاري هوغان، وقرر إزالة تمثال رئيس القضاة روجر تيني، الذي قنن العبودية عام 1857.
فمن أين جاء تفجر المشاعر هذا؟ إن التوازن الذي كان يسمح للأميركيين بالشعور بأنهم أمة واحدة ذات قيم واحدة، أصيب بالخلل بعد الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها دونالد ترامب، الذي يعدُّه نصف السكان «عنصرياً أبيض». ومن هنا الهجوم على الكونفدراليين الذين ترى الصحافة في احترامهم موافقة على العبودية والتفرقة. وبالمناسبة، تم خلال سنتين بقرار من المحاكم رفع تسعة تماثيل، في حين أن أكثر من 1500 تمثال لا تزال قائمة في أماكنها.
أما ترامب، فبعد أن صمت يومين، دان عمل اليمين المتطرف والنازيين الجدد، ووصفهم بأنهم «يحملون أفكاراً غريبة على أميركا». وقال، محاولاً أن يكون فوق السجال، إن النازيين لم يكونوا الوحيدين المعارضين لإزالة تمثال الجنرال لي، بل كان بينهم مواطنون يحترمون القانون، وأضاف: «اليوم يرفعون تمثال الجنرال جيكسون، فهل سيرفعون غداً تمثال جورج واشنطن أو توماس جيفرسون؟ يجب أن نسأل أين ستنتهي الحملة؟ إنكم تغيرون التاريخ والثقافة. وإذا تابعنا منطق المدافعين عن حقوق الإنسان، فيجب حذف مؤسّسي الولايات المتحدة من التاريخ، لأنهم كانوا من كبار مالكي العبيد».
وكما كان متوقعاً، لم يقتنع أحد بكلام ترامب، لذلك حملت له شبكات التواصل الاجتماعي المزيد من الانتقادات والقذارة.
هذا، وتحت عنوان «ماذا نفعل بتماثيل الكونفدراليين بعد شارلوتسفيل»، كتب جيمس غلاسر، أحد عمداء جامعة تافتس مقالاً في صحيفة ««إندبندنت» البريطانية، يقترح فيه جمع هذه التماثيل في مكان واحد كما فعل الروس، حيث يقوم تمثالا ستالين ودزيرجينسكي إلى جوار تمثال ساخوروف، إلى جانب غيرها من التماثيل في متنزه «موزيون» في موسكو. وبحسب رأيه، هذا ليس لتمجيد الماضي، بل لتوثيقه. لذلك، إذا جمعنا جميع تماثيل الكونفدراليين في مكان واحد، فسوف يعكس لنا ذلك تاريخ الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، والعبودية والمقاومة الجماهيرية.
إيزفستيا
تطرّق آلِكسي زابرودين، في مقال نشرته صحيفة «إيزفيستيا» الروسية، إلى الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الروسية، للحؤول دون نشوب نزاع بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
كتب زابرودين: تستمر محاولات موسكو في إقناع بيونغ يانغ وواشنطن بالدخول في حوار مباشر. هذا ما صرّح به مصدر في الدوائر الدبلوماسية الروسية للصحيفة. وبحسب قوله، فإنّ كوريا الشمالية تصرّ على أن الانفراج يجب أن يبدأ بالحوار المباشر بين واشنطن وبيونغ يانغ من دون وسطاء. بيد أن واشنطن ترفض هذا الأمر تحت غطاء غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان في كوريا الشمالية.
من جانبه، قال مصدر في الدوائر السياسية الأميركية للصحيفة إن الحوار المباشر ممكن نظرياً، ولكن فقط بعد أن تجمّد كوريا الشمالية العمل في برنامجها النووي. في حين أن بيونغ يانغ تصرّ على أن يكون الحوار أولاً.
ويشير الدبلوماسيون الروس إلى أن موسكو لم تتوقف مع عدد من الوسطاء الدوليين عن محاولاتها إقناع الجانبين بالجلوس إلى طاولة الحوار لتسوية أزمة شبه الجزيرة الكورية سلمياً. ولكن هذا الأمل يتضاءل يوماً بعد آخر. وقد أعرب المتحدثون إلى الصحيفة عن قلقهم من أن تقرّر الولايات المتحدة استخدام القوة في شبه الجزيرة الكورية.
وقال أحد الدبلوماسيين: «نحن كبقية أعضاء السداسية الدولية للوساطة نحاول تنظيم حوار مباشر بين الأميركيين والكوريين الشماليين. ولكن كوريا الشمالية مستمرّة في تجاربها النووية، والولايات المتحدة تصرّ على غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان».
من جانبه، أشار دبلوماسيّ آخر إلى أن الوضع يتعقّد يوماً بعد آخر. وبحسب قوله، تميل واشنطن إلى استخدام القوة، وهذا ما يقلق موسكو كثيراً.
بيد أنّ ريتشارد وايتس، مدير مركز التحليل السياسي ـ العسكري في معهد هدسون ذكَّر بأنّ دونالد ترامب فكّر خلال الحملة الانتخابية في لقاء زعيم كوريا الشمالية. ومع ذلك، تستمرّ الإدارة الجديدة في سياسية الردع، ورفض أيّ اتصال مباشر مع بيونغ يانغ إلى حين وقفها تجاربها النووية واختبار الصواريخ البالستية.
وتكمن الذريعة الرئيسة في أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع «مكافأة» كوريا الشمالية بلقاء قبل أن تقدّم تنازلات ما. لكن هذا الموقف يسمح بكلّ بساطة لكوريا الشمالية بتطوير أسلحتها. لذلك، إذا ما نجحت محاولات روسيا في تنظيم حوار مباشر بينهما، فإنّ ذلك سيساعد في الخروج من الطريق المسدود، بحسب وايتس.
هذا، وبعد تبادل الطرفين التهديدات خلال عدّة أيام، أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون أنّ الجانب الأميركي مستعدّ للدخول في حوار مباشر مع كوريا الشمالية، ومن أجل ذلك، على كوريا الشمالية أن تعطي إشارة، وتوقف اختبار الصواريخ.
يقول عضو لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد آلِكسي بوشكوف في هذا الصدد إنّ تيلرسون أكد من حيث المبدأ التحاور المباشر. مذكِّراً بأن مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية نيكي هايلي كانت أعلنت قبل فترة أن وقت المفاوضات قد مضى.
وأضاف بوشكوف أنّ الأميركيين جرّبوا سلاحهم التقليدي في الضغط والتخويف، وعندما تأكدوا من أنه لم يؤثر في بيونغ يانغ، عادوا إلى الصيغة القديمة. ولكن إلى الآن لم يُعرف بأيّ صورة سيُجرى الحوار. فبعد تصريح كيم جونغ أون بتوجيه ضربة إلى الولايات المتحدة، ثم تريّثه إلى حين وضوح تصرّف الجانب الأميركي، أصبح مقترح الحوار المباشر مهدَّداً. وهذا ما تفعله الولايات المتحدة عادة، ولكنها هذه المرة واجهت الأمر نفسه من الطرف الآخر.
غير أنّ فرصة الحوار المباشر بين الجانبين لا تزال قائمة، لأنه حتى إذا أخطأت صواريخ بيونغ يانغ أهدافها في جزيرة غوام، فإن ذلك سيُعدُّ هزيمة لواشنطن. لذا، عندما وصف ترامب قرار كيم جونغ أون بأنه عقلاني، فإن هذا كان إشارة إلى عدم استبعاده الحوار.
نيزافيسيمايا غازيتا
تناول رئيس قسم السياسة الدولية في صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية يوري بانييف إعلان العاهل المغربي العفو عن مدانين بجرائم إرهاب، فيما يطوّر العالم إجراءاته ضدّ الإرهابيين.
كتب بانييف: على رغم سلسلة الهجمات الإرهابية، التي اتُهم المغاربة بتنفيذها في إسبانيا وفنلندا، أعلن ملك المغرب محمد السادس العفو عن أكثر من 400 شخص، بمن فيهم مدانون بالإرهاب. وبحسب وكالة «شينخوا» الصينية، جاء هذا العفو الملكي بمناسبة الذكرى الرابعة والستين للثورة المغربية. أما وزارة العدل المغربية، فأعلنت أنّ الذين أعفي عنهم أكدوا التزامهم بقيم الأمة والمؤسسات الوطنية والتخلّي عن التطرّف والإرهاب، إضافة إلى حُسن سلوكهم في السجن.
في هذه الأثناء، اتّضح يوم السبت الماضي أن المخطّط الرئيس للعمليات الإرهابية، التي نُفّذت في إسبانيا يوم 17 آب الحالي، هو المغربي عبد الخالق الساتي، إمام مسجد مدينة ريبول. وعند تفتيش مسكنه أُخذت عيّنات للحمض النووي، حيث يحتمل أن يكون الإمام قد لقي مصرعه بالتفجير الذي وقع في مدينة الكنار على بعد 200 كيلومتر عن برشلونة. وبحسب الشرطة، فقد وقع هذا الانفجار بصورة غير متعمّدة، ما تسبّب في حرمان الإرهابيين من القيام بعملية إرهابية كبيرة. إضافة إلى هذا، اضطرّ الإرهابيون إلى الإسراع في تنفيذ خططتهم. ولعلّ كاتدرائية العائلة المقدّسة في برشلونة كانت أحد أهدافهم.
كما بدأت الشرطة الاسبانية تبحث عن مواطن مغربي آخر هو يونس أبو يعقوب البالغ من العمر 22 سنة، والذي يُعتقد أنه قاد السيارة التي دهست المشاة في شارع رامبلا في برشلونة. وعموماً، تمّت تصفية جميع المشتركين بالعملية الإرهابية في اليوم التالي، وجميعهم من المغرب، وتتراوح أعمارهم بين 17 و24 سنة.
وعلاوة على ذلك، نفّذ مواطن مغربي آخر يوم 18 آب الحالي مذبحة في مدينة توركو الفنلندية، حيث قُتلت امرأتان وجُرح ثمانية آخرين. وكان هذا الشخص قد قدم إلى فنلندا عام 2016 لاجئاً، لكنّ السلطات رفضت منحه حق اللجوء.
ويوم الأحد 20 آب الحالي، عرض رئيس الحكومة الأسترالية مالكولم تيرنبول، استراتيجية واسعة لحماية المواطنين من العمليات الإرهابية. وتتضمّن هذه الاستراتيجية ليس فقط خططاً لحماية المواطنين من الهجمات الإرهابية باستخدام وسائل النقل، بل أيضاً من القنابل والأسلحة الخفيفة والسلاح الكيماوي والسكاكين.
ومن بين هذه الخطط المقترحة، وضع حواجز تمنع وصول وسائل النقل إلى أماكن تجمّع الناس، وزيادة عدد الكاميرات في الشوارع وأفراد أجهزة حفظ النظام. وقال تيرنبول إن التهديدات تزداد، لذلك علينا حماية أنفسنا بتحسين منظومة الحماية مضيفاً أن أستراليا مستهدَفة من الإرهابيين، لأنها حليفة للولايات المتحدة، ولأن جنودها يشاركون في العمليات الحربية الدولية في أفغانستان والعراق.
من جانب آخر، أدرجت الخارجية الأميركية اسمين جديدين في قائمة الذين تسمّيهم «إرهابيين عالميين» هذه القائمة أعدّت بعد عمليات 11 أيلول الإرهابية عام 2001 . أحدهما خبير سوريّ في تحضير العبوات الناسفة، ولعب دوراً كبيراً في الهجمات الإرهابية في باريس وبروكسل، والثاني عراقي من المقرّبين إلى أبي بكر البغدادي وهو رئيس حمايته.
أرغومينتي إي فاكتي
نشرت صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» الروسية مقالاً بقلم فلاديمير كوجيمياكين عن انخفاض شعبية ماكرون بعد مضي 100 يوم على تنصيبه رئيساً لفرنسا.
كتب كوجيمياكين: لقد خيّب إيمانويل ماكرون آمال ناخبيه بعد مضيّ مئة يوم على تنصيبه رسمياً رئيساً لفرنسا. فاستناداً إلى نتائج استطلاع الرأي، الذي أجراه المعهد الفرنسي لدراسة الرأي العام، تبيّن أن 36 في المئة فقط راضون عن عمله كانت هذه النسبة لدى هولاند وساركوزي 46 و45 في المئة .
فما هو سبب هذا الانخفاض القياسي لشعبية ماكرون؟
توجّهت الصحيفة إلى المحلل السياسي، الأستاذ المساعد في كرسي النظرية السياسية في معهد موسكو للعلاقات الدولية كيريل كوكتيش، وطلبت منه توضيح سبب هذا الانخفاض.
يقول كوكتيش: ليس هناك ما يستحق الاهتمام، سوى حديثه عن نيّته التشاحن مع ألمانيا ودول أخرى بما فيها روسيا. لقد أطلق ماكرون عدّة تصريحات متناقضة، لم تترك أيّ نتائج سياسية خطيرة، مثل انتزاع الزعامة من ألمانيا، أو حصول فرنسا على منطقة نفوذ في المحافل الجيوسياسية، ولكنها لم تنجم عن أيّ نتيجة. كما فشلت محاولاته في التسلّل إلى رباعية نورماندي.
ولم يظهر الرئيس الفرنسي حيوياً كما كان ساركوزي، الذي كان يكسب بحيويته تعاطف المواطنين. صورة ماكرون معروفة، ولكن من هو ماكرون في حقيقة الأمر؟ ذلك يبقى أمراً غامضاً، لا سيما أنه كشخصية نجح في البقاء في الظلّ، بعيداً عن صورته الإعلامية.
وقد حاول ماكرون الظهور بمستوى بوتين خلال لقائهما في باريس، وأن يبدو مفاوضاً عن الغرب. بيد أنه لم يستعدّ بصورة جيّدة لهذا الدور، لذلك باء بالفشل. وكان واضحاً منذ البداية أنه لم يخوَّل بلعب هذا الدور، وأنه لم يكن يريد من ذلك سوى الدعاية لنفسه.
إن ماكرون يعمل في المحافل الدولية ليس كرئيس لفرنسا، بل كممثل لأولئك الذين دعموه مالياً في حملته الانتخابية، وهو ينفّذ إراداتهم. وبالطبع، فإن لهؤلاء استراتيجية محدّدة، لكن ماكرون فيها يبدو شخصية متناقضة، لأن مصالح مموّليه لا تتطابق ومصالح فرنسا.
فهل سيتمكن من انتهاج سياسة مستقلة كرئيس لبلاده؟ يزداد الردّ السلبيّ على هذا السؤال في الوقت الراهن، بمعنى أنه لن يتمكّن. وهذا يشير إلى أن ماكرون سيبقى في الظلّ، من دون أن يتّخذ أيّ إجراءات مثيرة باستثناء الإعلان عن طموحاته. وهذا يعني ازدياد التفاوت بين القول والفعل.
ولا تلاحَظ في نشاط ماكرون مسألة مهمة ـ الاستراتيجية، بل إن لديه بدلاً عنها تناقضات تكتيكية في تفاعله اللحظي مع المشكلات، التي لا يمكن جمعها في خطّ سياسيّ واحد.
غير أن الفرنسيين في هذه الأوضاع المضطربة يريدون أن يعرفوا إلى أين يقود ماكرون فرنسا. في حين أنه كما يبدو يعتزم البقاء حارساً للمكان والحفاظ على الوضع القائم. وهذا بالطبع يثير لدى الناس شكوكاً في أنّ إدارة ماكرون ليست سوى جهاز لتمرير إرادة مموّليه.
إلى ذلك، لقد أصبح واضحاً أن ماكرون لن يصبح زعيماً يتمكّن من توحيد الفرنسيين حوله، ويظهر أنهم سيتحملونه، ولكن من المستبعد أنهم سيحبّونه.