طرابلس، من قبلُ، قارورة عطر
يكتبها الياس عشي
قبل خمسين عاماً كنت أسمع بُحّةَ العطر من بساتين طرابلس،
كانت بساتين الليمون تومئ إليك، وتخرج متعطّرةً، متبرّجةً، لابسةً أجمل ما حاكته سماء المدينة من ثياب البحر،
طرابلس، في ذلك الزمن الجميل، كانت محاصرةً بالضوء والعطر وزرقة السماء وبهجة الصبايا.. صبايا يلوّحن لك من وراء الشرفات، ومن خفرهنّ تفرح المدينة.
وكانت، قبل خمسين عاماً، منعطفات مبلولة بنكهة الشعر، وطرقاً فسيحة تضيق بالمتظاهرين من أجل فلسطين، وفي مكان آخر رصيفٌ يحتله عاشق ينظر بطرف عينه إلى نافذة، فيحمرّ وجه الحبيبة، وتختفي وراءها.
قصّة عشق وأدب وشعر ومظاهرات كانت مدينة طرابلس..
وكان صوت المؤذّن ورنين أجراس الكنائس ابتهالاتٍ وأنغاماً ومحبة.
ترى.. ماذا بقي اليوم من هذه الطرابلس…؟