سورية تستعيد عافيتها… ودورها

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

المشهدان العسكري والسياسي في سورية يشهدان تطورات متلاحقة يحقق فيهما الجيش السوري والقيادة السورية المزيد من المكاسب والانتصارات سواء لجهة استعادة المزيد من الجغرافيا السورية من الجماعات الإرهابية والتكفيرية… أو لجهة ترسيخ سيادة وسيطرة القيادة السورية على الأوضاع وبلوغ مرحلة الاستقرار وإعادة الإعمار… ولعلّ إقامة معرض دمشق الدولي وبمشاركة دولية واسعة تعكس ذلك وتؤشر على انّ سورية الدولة تتعافى وآخذة أوضاعها في الاستقرار وتقترب من استعادة دورها العربي والإقليمي والدولي… سورية التي اكتوت بنار الإرهاب وتكالب كلّ دول «العهر» والنفاق عليها عربية وإقليمية ودولية وصهيونية خدمة لأهداف ومشاريع سياسية تصفوية ورغبة في تدميرها وإسقاط هويتها العروبية ونظامها الوطني والقومي، وكذلك ضخّ المزيد من الأموال الى جيوب أصحاب شركات احتكار السلاح في أميركا ودول أوروبا الغربية التي تغذي الإرهاب واستمرار الحرب على سورية.

ما يحدث من تطورات في العالم وأحداث مثل تنامي روح الفاشية والعنصرية البيضاء والنازية الجديدة سواء في أميركا أو بريطانيا أو ألمانيا تجاه السود والملونين والمهاجرين… والتفجيرات الإرهابية في أكثر من بلد ودولة وعاصمة أوروبية والتي كان آخرها عملية الدهس في برشلونه التي تبنّتها «داعش» وما خلفته من ضحايا وجرحى، يؤكد بأنّ هذا الإرهاب عابر للقارات والمذاهب والأديان والقوميات، ولكن هناك من يحارب هذا الإرهاب، بكلّ قوة وجدية من أجل اجتثاثه وتجفيف منابعه وموارده المالية وحواضنه الفكرية المغذية بتوفيرها المنابر الإعلامية والسياسية والدينية له والبنى التحتية والخدماتية والمؤسساتية والإغاثية والاجتماعية والاقتصادية إلخ… وهناك من يهادن الإرهاب ويتستّر عليه ويستغلّه ويستثمر فيه ويتولّى تصنيفه الى إرهاب جيد وإرهاب سيّئ ارتباطاً بالتوظيف له وبالمصالح وخدمة الإهداف، وهو ما يؤدّي في النهاية الى ارتداد هذا الإرهاب على مشغّليه أو خروجه عن طوعهم ورعايتهم ليرتدّ الى عقر دورهم، وهذه نتيجة منطقية وحتمية شواهدها كثيرة في التاريخ.

سورية بقيادتها وجيشها وصمود شعبها والتلاحم ما بين القيادة والجيش والشعب، تمكنت من ولوج مرحلة الانتصار والوقوف على عتبات إعادة الإعمار، وكذلك هناك عوامل ساعدت في التقدّم الكبير نحو ذلك، وهي أنّ قوى الإستعمار الغربي وأميركا باتت على قناعة تامة بأنّ استمرار دعمها وتبنّيها للجماعات الإرهابية في سورية، من شأنه أن يقوّي تلك الجماعات الإرهابية، وان توجه إرهابها الى عواصمها ومدنها، ولذلك أعلنت أميركا عن وقف دعمها المالي والسياسي لتلك الجماعات الإرهابية، وكذلك الدول المغذية والمشكلة الشريان المالي والتسليحي لتلك الجماعات، دخلت في حروب وصراعات داخلية، مشيخات النفط والكاز العربية، ناهيك عن حروب التصفيات بين تلك الجماعات الإرهابية التابعة لها، كتعبير عن تلك الحروب، وصراعات على المصالح والمال والنفوذ، وهذه بدوره جعل تلك الجماعات تضعف وتتفكك وتتآكل وتنهار.

سورية المشاهد فيها عسكرية وسياسية واقتصادية وامنية تتغيّر لصالح القيادة السورية، لصالح وحدة سورية، لصالح انتصار المشروع الوطني والقومي والعربي… ولا شكّ أنّ إقامة معرض دمشق الدولي وتقاطر قيادات المعارضة السورية لإعلان توبتها وصكّ عملة سورية جديدة عليها صور الرئيس الأسد وبداية ورشة إعمار كبرى تتقاطر مئات الشركات العملاقة دولية وإقليمية وعربية على سورية للفوز بعقودها… تجعلنا متيقنين بأنّ محور المقاومة والممانعة من طهران وحتى اليمن وفلسطين سيتقدّم على طريق الإنتصار وفرض معادلات وتحالفات جديدة في المنطقة.

هناك من هم مصابون بعمى البصر والبصيرة، ويصرّون على معاندة الواقع والحقائق، ولا يرون ما يتحقق على الأرض في سورية من تبدّلات نوعية في المشهد بكلّ تجلياته وألوانه وصوره لمصلحة الدولة السورية وقيادتها وجيشها وشعبها، فإقامة معرض دمشق الدولي بعد انقطاع دام خمس سنوات، وبهذه التظاهرة والحشد الكبير والحضور غير المسبوق لوفود وشركات ومصانع ومؤسسات وشخصيات اقتصادية… وغيرها، لا يحمل رسائل ودلالات في الأبعاد الاستثمارية والاقتصادية والسياحية فقط، بل هناك رسائل سياسية بامتياز، رسائل تقول ما كان لسورية ان تقيم هذا المعرض الدولي، في ظلّ حالة من عدم الاستقرار الأمني وعدم انقلاب المشهد السياسي والعسكري.

من غدروا بسورية وكانوا ناكرين للجميل وممنّين النفس بسقوطها، ومن تآمروا عليها وخانوها، هؤلاء يجب أن لا يكونوا جزءاً من أيّ عملية إعمار أو عقود تجارية واستثمارية، بل الأولوية هنا لمن وقفوا إلى جانب سورية ودافعوا عنها كتفاً الى كتف مع الجيش السوري، او من سجلوا درعاً وسياجاً سياسياً حامياً لها في المؤسسات الدولية روسيا والصين على وجه الخصوص، فهؤلاء جميعهم يجب أن يكونوا جزءاً مهماً من عمليات الإعمار وإعادة البناء.

يتسابقون على إعادة فتح سفاراتهم في سورية، وسيلهثون خلف القيادة السورية، لكي يكون لهم نصيب من عقود الإعمار والإستثمار، وكذلك قيادات المعارضة بعد ان شعرت بأنها قد أفلست سياسياً ووطنياً، قسم منها سيرمى به من قبل الدول التي شغلته إلى مزابل التاريخ، وقسم آخر سيستثمر الأموال التي سرقها ونهبها في مشاريع استثمارية وخاصة خارج سورية، وآخرين سيستجدون التوبة على أعتاب وبوابات دمشق التي خانوها وسعوا لتدميرها، ولا بأس من قبول توبة مَن لم يتورّط في الدم السوري، في أوسع مصالحة وطنية ومجتمعية تعيد اللحمة لنسيج الوطن مجتمعياً ووطنياً رغم عمق الجراح وألمها، فلا بدّ من دمل الجراح بعد المحاسبة والمصارحة.

سورية اجتازت المراحل الخطرة والمشروع المعادي في طريقه الى الأفول والزوال، وسورية سيسجل لها قيادة وجيشاً وشعباً منع إنتاج مشروع استعماري جديد، مشروع سايكس – بيكو بنسخته الجديدة الذي أرادوا منه تفكيك الجغرافيا العربية وتجزئتها وتقسيمها وتذريرها وتفكيكها وإعادة تركيبها على تخوم المذهبية والطائفية والثروات، مشروع أرادوا منه إعادة عجلة الأمة وتطوّرها إلى ما قبل مئة عام.

ولكن بانتصار سورية سقط هذا المشروع وعادت وسورية ستعود سورية كما قال عنها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «قلب العروبضة النابض».

Quds.45 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى