انتصار الجيشَين اللبناني والسوري والمقاومة في الجرود والقلمون استسلام مسلّحي «داعش» ونقلهم إلى دير الزور ووقف النار

انتهت عمليّتا فجر الجرود من الجانب اللبنانيّ في جرود رأس بعلبك والقاع وفي القلمون الغربي بعد اتفاق على وقف النار ينسحب بموجبه ما تبقّى من مسلّحي «داعش» إلى منطقة البوكمال في ريف دير الزور.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني عن وقف إطلاق النار صباح أمس، «إفساحاً للمجال أمام المرحلة الأخيرة للمفاوضات المتعلّقة بمصير العسكريّين المخطوفين».

وبالتزامن، أفاد الإعلام الحربي التابع لحزب الله، أنّ «الجيش السوري ومقاتلي حزب الله أعلنوا وقف إطلاق النار، في سياق اتفاقٍ شامل لإنهاء المعركة في القلمون الغربي ضدّ داعش».

وقد تمّ التوصّل إلى اتفاق مع تنظيم «داعش»، يقضي كمرحلة أولى بأن يسلّم «داعش» حزب الله عدداً من جثامين شهدائه، وإذا كان هناك أسير للحزب معه.

أمّا المرحلة الثانية، فتشمل الكشف عن مصير العسكريّين اللبنانيّين، وإذا تمّ التأكّد من المعلومات، تبدأ الترتيبات اللوجستية لنقل مسلّحي «داعش» من الجرود اللبنانيّة والسوريّة إلى منطقة البوكمال.

ولاحقاً، عثر حزب الله على جثامين يرجّح أنّها من مقاتليه، وعمل على نقلها من القلمون إلى لبنان للكشف عليها وإجراء فحوصات الـ DNA.

وكان مسلّحو «داعش» في الجرود قرّروا ليل أول من أمس تسليم أنفسهم جميعاً إلى حزب الله، وقد جاء قرار «داعش» بعد اقتراب مقاتلي «حزب الله» منهم كثيراً وصعودهم إلى بداية مرتفع حليمة قارة.

من جهةٍ أخرى، زار خمسة وزراء من التيّار الوطني الحرّ ثكنة فوج حماية الحدود البريّة في رأس بعلبك، وهم: الخارجيّة جبران باسيل، الدفاع يعقوب الصرّاف، الاقتصاد رائد خوري، السياحة أواديس كيدانيان والطاقة سيزار أبي خليل، واجتمعوا بقادة معركة «فجر الجرود» في غرفة العمليات، ولدى مغادرتهم وفي دردشة مع الإعلاميّين وسؤالهم عن استسلام «داعش» ووقف إطلاق النار، أكّدوا الخبر. وعن مصير العسكريّين ومن الجهة المكلّفة التفاوض عن الجانب اللبناني، قال الصرّاف: «لا معلومات عن مصير العسكريّين المخطوفين لدى «داعش»، والجيش سيصدر بياناً في هذا الخصوص في حال ورود أيّ معلومات»، مضيفاً «حكماً لن يكون هناك أيّ تفاوض في أيّ موضوع قبل جلاء الحقيقة حول مصير الأسرى، ولولا الضغط العسكريّ الميدانيّ الذي قام به الجيش اللبناني لما وصلنا إلى هذه المرحلة».

من جهته، أكّد باسيل أنّه «لا يوجد تفاوض اليوم، بل استسلام ونصر الجيش قد تم»، مشيراً إلى أنّ «نتيجة الاستسلام سنشهدها في المرحلة المقبلة».

تهاني بالنصر

وصدرت أمس مواقف هنّأت الجيش والمقاومة واللبنانيّين بالانتصار الجديد.

وفي هذا الإطار، دعا وزير المال علي حسن خليل خلال رعايته مهرجان بلاط التراثي إلى «الالتفاف حول جيشنا الوطنيّ الباسل، والوقوف شهوداً على بطولاته وهو يقود معركة مفتوحة ضدّ الإرهاب في جرود رأس بعلبك والقاع، وإلى الالتفاف حول مقاومتنا والتزامنا المثلث الذي حمى لبنان ودافع عنه على امتداد كلّ حدوده الجنوبيّة والشرقية، مثلث «الجيش والشعب والمقاومة».

من جهته، اعتبر وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، أنّ «عملية فجر الجرود هي فجر جديد للبنان وللحدود اللبنانية، وأتت بناءً على قرار سياسي محرّر من جميع القيود والموروثات السياسيّة».

وقال تويني في حديث إذاعي: «إنّ قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقيادة الجيش بانطلاق المعركة لبناني صرف، وهو قرار مبنيّ على الخبرة العسكريّة الطويلة».

وفي تغريدة له على «تويتر»، قال تويني: «الله يرحم شهداءنا.. إنّها لساعة حزينة، ولكنّنا نفتخر بهم، لنا وللأجيال القادمة ضحّوا بحياتهم. أتقدّم بالتعزية والإجلال لذويهم وأتمنّى لهم الصبر والسلوان».

بدوره، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، أنّ «الإنجازات والانتصارات التي يحقّقها الجيش الوطني والقوى الأمنيّة على حدود السلسلة الشرقيّة ومساحة الوطن، تتكامل مع دور المقاومة وإنجازاتها على الحدود الجنوبيّة وفي مواجهة الإرهاب».

وقال هاشم خلال استقباله فاعليّات من منطقة العرقوب ومجلس بلدية مرج الزهور في منزله في شبعا: «مصلحة لبنان واللبنانيّين في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة، تحتّم علينا كلبنانيّين العمل على توسيع مساحة الاستقرار الداخلي والابتعاد عن القضايا الخلافيّة ومقاربة كلّ الملفات والإشكاليّات من زاوية المصلحة الوطنيّة».

وفيما يستعدّ الجيش لتسطير إنجاز جديد في سجلّه الذهبي بتحقيقه الانتصار على تنظيم «داعش» في معركة «فجر الجرود»، التي أطلقها منذ أسبوع ضدّ إرهابيّيه في جرود رأس بعلبك والقاع، بدأت تتوالى الإشادات بما تحقّق وتهنئة المؤسسة قيادةً وضباطاً وجنوداً على النصر حتى لو لم يُعلن بعد رسمياً.

وحيّا رئيس حزب «الاتحاد» الوزير السابق عبد الرحيم مراد الجيش على «النصر الذي تحقّق في معركة «فجر الجرود»، الذي كنّا نتوقّعه رغم الظروف الصعبة المُحيطة بالمعركة والإمكانات العسكريّة المتواضعة نوعاً ما»، ولفتَ إلى «أنّ هذا النصر تأكيد على أنّنا نستطيع الاعتماد على الجيش لحمايتنا، لأنّه صمّام الأمان للبلد ووحدته بعد الاهتراء الذي أصاب المؤسّسات كافة».

وإذ شدّد على «ضرورة زيادة الدعم العسكري للجيش كي يمتلك سلاحاً نوعيّاً كالطيران مثلاً»، لفتَ إلى «أمرين مهمّين يتمّ إغفالهما ويُشكّلان للأسف نقطة اختلاف بين اللبنانيّين من دون مبرّر: الأوّل أهميّة الدور الذي لعبته المقاومة في الانتصار على «جبهة النصرة» وطردها من جرود عرسال وتعاونها مع الجيش في تحقيق الانتصار على الإرهابيّين، والثاني التنسيق المباشر وغير المباشر بين الجيشَين اللبناني والسوري، بحيث لا يجب أن يكون هناك تردّد أبداً في ما يتعلّق بالتعاون والتنسيق الكامل الآن وفي كلّ وقت، لأنّ خطر الإرهاب يطال الجميع».

وسأل: «لماذا يرفضون فكرة التنسيق مع سورية بحجّة أنّهم لا يعترفون بوجود سلطة هناك، وفي الأمس القريب تمّ تعيين سفير لبناني جديد في دمشق؟». معتبراً «أنّ سياسة النأي بالنفس أكبر خطأ ارتُكب، والمطلوب التخلّي عنها والشروع بالتنسيق الكامل مع سورية، لأنّنا نحتاج إلى الاستقرار وتخفيف الخسائر أثناء المعارك».

وأشار ردّاً على سؤال إلى «أنّ معركة الجرود أكّدت مرّة جديدة أهميّة المعادلة الثلاثيّة المقدّسة «جيش، شعب ومقاومة»، فلولا هذه المعادلة الذهبيّة لكان العدو «الإسرائيلي» اجتاح لبنان كما فعل سابقاً»، مؤيّداً ضمّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الجيش السوريّ إلى المعادلة لتصبح رباعيّة، لأنّه كما الجيش اللبناني، يخوض المعارك ضدّ الإرهاب».

وكشف ردّاً على سؤال، «أنّه لم يتوقّف يوماً عن زيارة سورية حتى خلال الحرب الدائرة فيها»، وقال: «نحن كلبنانيّين متعطّشون لاستقرار الوضع في سورية كي تُفتح المعابر أمام بضائعنا ومنتجاتنا، وكلّ كلام عن رفض للتنسيق مع سورية غير مقبول ولا يصبّ في مصلحتنا».

وأكّد مستشار رئيس الجمهورية للتعاون الدولي الوزير السابق الياس بو صعب، ممثّلاً رئيس «التيّار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل خلال عشاء هيئة التيّار السنوي في بعبدات، أنّ «ما لم يستطع الجيش اللبناني صنعه منذ 3 سنوات بسبب غياب الغطاء السياسي ولعدم وجود العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، تمكّن الجيش القويّ من صنعه اليوم بوجود العماد عون في سدّة الرئاسة الأولى، لا سيّما وأنّه ليس كجميع الرؤساء»، قائلاً: «صحيح أنّه «بيّ الكلّ» لكنّه ليس مثل الكل».

وعن معادلة «جيش شعب مقاومة»، جدّد بو صعب تأكيده أنّ «هذه المعادلة هي الضمان، وهي التي تمكنّا عبرها من الوصول إلى لبنان القويّ الذي نطمح إليه».

ونوّهت «ندوة العمل الوطني»، في بيان، بـ«الجهود المميّزة التي بذلها الجيش اللبناني لطرد مسلّحي «داعش» من جرود رأس بعلبك والقاع»، مُعربةً عن تقديرها العالي لـ«أدائه الرفيع من حيث التحضيرات والتخطيط والتنسيق الميدانيّ لاستعادة هذه البقعة الأخيرة، التي كانت تحت سيطرة المسلّحين على الحدود مع الشقيقة سورية».

أضافت: «هذا الانتصار يتلاقى مع تضحيات المقاومة الأخيرة من أجل استعادة جرود عرسال من الجماعات التكفيريّة، بما يؤكّد أيضاً أهمية معادلة الجيش والشعب والمقاومة لمواجهة المخاطر التي تهدّد لبنان ووحدته وعروبته، وأوّلها الخطر الذي يشكّله العدو الصهيوني بمختلف أدواته ومخطّطاته وتحالفاته».

كما نوّهت بـ«التضامن الشعبي والوطني الواسع مع الجيش اللبناني، والذي شكّل دفعاً له في إنجاز هذا الانتصار بأقصى سرعة وبأقلّ قدر من التضحيات».

ودعت إلى «أعلى درجات التنسيق في ملف احتضان النازحين تمهيداً لعودتهم إلى وطنهم»، آملةً «أن يكون لبنان أمام مرحلة جديدة صالحة لوضع استراتيجيّة وطنيّة دفاعيّة تؤسّس لدولة عادلة بين مواطنيها كافّة، وقوية بشعبها وبمؤسّسات مدنيّة ورقابيّة قادرة على مواجهة منظومة وشبكات الهدر والفساد».

ورأى الأمين العام للتيّار الأسعدي المحامي معن الأسعد، «أنّ استمرار فريق سياسي في استهداف المقاومة وسورية سياسياً وإعلامياً، ترجمة لأجندات وأمر عمليات خارجيّة».

وقال في تصريح: «كنّا نأمل في أن يدرك هذا الفريق أنّ لبنان هو أول المستفيدين من القضاء على الإرهاب، وأنّ انتصار الثلاثيّة ليس بحاجة إلى رأي أحد، لأنّ المبدأ هو الثابت والدليل على الانتصار، وأنّ التنسيق العسكري المعلن أو المستتر بين الجيشَين والمقاومة هو الذي حقّق هذا الانتصار النوعيّ».

وختم الأسعد: «أنّ قرار القضاء على الإرهاب في لبنان وسورية تمّ اتخاذه وتنفيذه ولا عودة عنه، وكلّ من يقف مع الإرهابيّين سيكون مصيره عسكرياً وسياسياً كمصير الذين رحلوا بالباصات الخضراء، ولا أسف عليهم».

وهنّأ رئيس «تيّار صرخة وطن» جهاد ذبيان اللبنانيين بالانتصار الذي يحقّقه الجيش اللبناني في جرود القاع ورأس بعلبك.

وأشار إلى أنّ خطاب السيد نصرالله، جاء بمثابة تأكيد «أنّ النصر باتَ حليف لبنان وشعبه بفعل تضافر جهود الجيش والمقاومة وإلى جانبهما الشعب، بما يحصِّن لبنان بمواجهة أيّ خطر يتهدّده»، وأضاف: «لقد شكّلت معارك الجرود الأخيرة، والتي تعمّدت بدماء شهداء الجيش والمقاومين وتضحياتهم، ترجمة فعليّة للثلاثيّة الماسيّة ولمعادلة انتصار لبنان الميثاقيّة بجيشه ومقاومته وشعبه»، وهذه المعادلة باتت تشمل سورية وجيشها الذي يشكّل أحد ركائز الانتصار في الحرب على الإرهاب».

وفي سياقٍ متّصل، شدّد ذبيان على عظمة الإنجاز الذي يتحقّق بالقضاء على الإرهاب، والذي وصفه السيد نصرالله بعيد النصر الثاني بعد عيد التحرير الأول الذي تحقّق في جنوب لبنان عام 2000، لأنّ المخطّط الإرهابي من خلال تواجد الإرهاب في الجرود على حدود لبنان الشماليّة والشرقيّة مع سورية، كان هدفه قطع طريق إمداد المقاومة مع سورية، بهدف محاصرتها ومنعها من التسلّح لمواجهة أيّ عدون «إسرائيلي» جديد.

وختم ذبيان، مشيراً إلى أنّ «ملامح مشهد الانتصار بدأت ترتسم بشكلٍ أوضح من تلّعفر العراقيّة حيث بدأت عملية تحريرها، إلى الميدان السوري حيث إنجازات المقاومة والجيش السوري بالجملة، وأخيراً في لبنان الذي شارف على تحقيق نصر نهائيّ وناجز على القوى الإرهابية»، وأكّد «أن المقاومة هي قدر الأحرار والشرفاء، وليست خياراً من أجل حفظ الأرض والوطن ودحر المخطّطات على اختلاف مسمّياتها وأشكالها، والتي تصبّ جميعها في خدمة «إسرائيل» ومشروعها في المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى