ملاحظات مغترب… عاد من سورية
يعقوب مراد
تستوقفني دائماً، وخلال زياراتي المتتالية إلى بلدي الحبيب سورية، ظاهرة تفرضُ أسئلة ملحّة تستحقُّ أن نسلّط عليها الضوء، من أجل إيجاد أجوبة منصفة يشارك فيها الكثير من أبناء وطني.
الظاهرة الأولى: المغترب بين العطاء بأخلاق والقنصُ والنفاق..
إذا انطلقنا من مقولة: «إ لم نكن نحمـل ّ ، نحن ٌّ »، نجد أنّ هناك نوعين من المغتربين الذين يتوافدون إلى الوطن ..
الأول: مغتربون يذهبون إلى الوطن حاملين في قلوبهم محبة، وبين أمتعتهم مساعدات لمصابي الحرب. يهتمّون بالمسنين والعجزة والأطفال. يتبرّعون لمساعدتهم بتأمين قسط من حاجاتهم، ويساهمون في ترميم المدارس التي دمّرها الإرهاب، وفي تشجيع الأطفال للعودة إلى مدارسهم. يشترون لهم ما يحتاجونه ويكون عوناً لإتمام دراستهم وتشجيعهم على أن يكونوا بناة وطن، ومنهم من يساعد في ترميم دور العبادة التي تعلمهم المحبة والتسامح ليكون المستقبل لهم ولمجتمعهم وللوطن أفضل. وهم كثر ومنهم: ابنة سورية المحامية سيلفا صبري أيوب التي حملت راية سورية في المحافل الدولية كلها ودافعت بشراسة كوالدها وزارت سورية مراراً وتكراراً ..
النوع الثاني: مغتربون يذهبون إلى الوطن حاملين في جيوبهم رشىً تشتري ضمائر مسؤولين فاسدين وسياسيين، وأساتذة جامعات ونواب ووزراء وإعلاميين، ومن أجل الحصول على مكاسب واستثمارات وامتيازات منكرة… «سيارة ومرافقة حماية»… أيضاً وللأسف «شهادات دكتوراه فخرية»، رغم أنهم لا يمتلكون حتى شهادة ابتدائية..
يشترون كلّ ذلك، بالمال الفاسد كوجوههم، ولأنهم يريدون أن يصبحوا رجالاً ذوي نفوذٍ… يهدّدون ويتوعّدون فيتحوّلون إلى سماسرة نصب واحتيال بين الوطن والبلد الذي يقيمون فيه، ولسنا بحاجة لذكر أسمائهم الآن، لكننا سنذكرها في الوقت المناسب.
الفرق بين النوعين: أنّ النوع الأول يبحث عن امتيازاته بين المسنّين والعجزة والمصابين والأطفال ممّن لا يستطيعون أن يقدّموا شهادات دكتوراه فخرية وامتيازات مزوّرة وغير أخلاقية، كتلك التي يقدّمها مسؤول أو سياسي فاسد للنوع الثاني من المغتربين… لا يستطيعون أن يقدّموا إلا ابتسامة محبة ورضى ترضي الضمير والأخلاق والشعور بإنسانية الإنسان ووطنيته.
إنّ المحبة عطاء حتى لو كانت مجرد لمسة دفا.
المحبة عطاء وامتياز لا يمكن أن يمتلكه إلا الشرفاء من أبناء الوطن…
كاتب سوري مؤسّس مركز التوازن الإعلامي
Balans – Sweden