الأحمد: إعادة الإعمار بدأت… والشهباء تسترجع عراقتها

رانيا مشوّح

لكلّ بدء ختام ولكلّ حكاية نهاية، لكنها غيّرت المسلّمات وناورت الأقدار حتى انتصر تاريخها وبهاؤها على سوادهم وجاهليتهم. فداخل غبار جدرانها حملت حكاية وطن ومجد تاريخ حرّره مداد الثقافة والحضارة وتفاصيل وجوه كانت هنا ووعدت بالعودة مع عودة جلالة الشهباء. حلب تثبت مجدّداً أن بعد الموت تأتي القيامة، وبعد الظلام فجر مجد يتسامى. فها هي تعيد البهاء والألق لأزقّتها وثراها في خطوة وطنية بأيدٍ سوريةٍ أصيلة.

وانطلاقاً من ذلك، وقّعت وزارة الثقافة السورية تمثّلها المديرية العامة للآثار والمتاحف، اتفاقية مشروع شراكة بين محافظة حلب والأمانة السورية للتنمية مع مؤسسة «آغا خان الدولية للخدمات الثقافية»، تتضمّن تأسيس مشروع تدريب على تقنيات ترميم وصيانة الحجر في مدينة حلب القديمة. وتهدف الشراكة من خلال هذا المشروع إلى بناء القدرات فنياً ومهنياً من خلال دورات تدريبية على ترميم واستخدام وقص الحجر في مدينة حلب القديمة إضافة إلى تدريب على تقنيات العمارة التقليدية في حلب القديمة وكيفية استخدام المواد التقليدية في أعمال الترميم والصيانة والبناء، وخصوصاً عمارة الأقواس الحجرية والجدران وغير ذلك. كما ستخصّص دورات تدريبية لبناء القدرات على استخدام برامج خاصة في هذا الإطار، لتحقيق الاستفادة المثلى من الخبرات المحلية في مجال ترميم وصيانة المباني التاريخية في مدينة حلب القديمة.

تم توقيع الاتفاقية في مبنى وزارة الثقافة السورية في العاصمة دمشق. وأدلى وزير الثقافة محمد الأحمد بتصريح قائلاً: أسّس رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس اللجنة الوطنية العليا لترميم مدينة حلب بعد تحريرها، وضمّت اللجنة كل من: وزير الثقافة، وزير الأشغال العامة والإسكان، محافظ حلب والأمانة السورية للتنمية والمجتمع المحلي إضافة إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف. كانت الغاية من تشكيل هذه اللجنة أن حلب بعد تحريرها قد تعرّضت في الأجزاء القديمة منها لأضرار بالغة. وحلب مسجلة على لائحة التراث الأثري العالمي، فلا بدّ من تقديم كلّ ما يمكن لإعادة الألق إلى هذه المدينة القديمة.

وأضاف الأحمد: تمخّض عن هذه اللجنة اليوم توقيع شراكة بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية ومؤسسة «آغا خان للخدمات الثقافية»، الغاية من توقيع مذكرة التفاهم، التأسيس لمشروع تدريب يتعلق بمهارات التعاطي مع الحجر في حلب القديمة. نحن حريصون أن تبقى السمة القديمة غالبة ما أمكن على الأجزاء التي تضرّرت في حلب القديمة. هذا المشروع الرائد يتضمن مجموعة من ورش التدريب لتجهيز كوادر محلية، كما ستأتي خبرات عالمية عن طريق مؤسسة «آغا خان للخدمات الثقافية»، وتأسيس خبرات تقنية للتعاطي مع مدن أخرى بعد تحريرها.

وأضاف: هنا يجب أن نقول إن سورية انتصرت بفضل قائدها وشعبها وأبنائها المخلصين وبالطبع الجيش السوري، ونحن نشهد اليوم إعادة الاعمار. ومنها حلب القديمة وكل الأجزاء التي تضررت في هذه المدينة العريقة وفي مدن أخرى ستقوم الحكومة على تحريرها. البرامج التي شكلت لهذه الغايات في غاية التطور وستستخدم تقنيات حديثة من ثلاثي الأبعاد وما شابه عبر أيادٍ خبيرة لإصلاح ما يمكن إصلاحه.

بدوره، تحدث الدكتور علي إسماعيل مدير مؤسسة «آغا خان للخدمات الثقافية» في سورية عن المشروع: بالنسبة إلى الاتفاقية، هي إطلاق لمرحلة مهمة، وهي إعادة أعمال الترميم في مدينة حلب القديمة. وطبعاً أهم معلم موجود في المدينة القديمة هي قلعة حلب. إطلاق هذه الأعمال لم يأتِ من فراغ، فنحن قد عملنا سابقاً من عام 2000 إلى 2011 في أعمال ترميم في قلعة حلب وبالتالي نحن نعود من حيث بدأنا في القلعة لإطلاق أعمال الترميم، وهذا سيكون باكورة أعمالنا. لن يكون الأخير هذا الأول، ونعد في المستقبل القريب سيكون هناك إطلاق لمجموعة مكملة لهذا المشروع في مدينة حلب القديمة خلال فترة زمنية بسيطة.

وفي الإطار نفسه، قال محمد سيفو ممثل مقيم لشركة آغا خان للتنمية في سورية : وقّعنا اليوم مذكّرة تفاهم للأعمال الحجرية في القلعة والسوق القديمة، هذه المذكرة هي ثاني مذكرة نوقّعها وهناك مذكرتان أيضاً لاستكمال أعمال شركة «آغا خان للتنمية» في حلب. في حلب لنا أعمال سابقة وسنوات سابقة ورمّمنا القلعة ومحيطها سابقاً، وسنعود إليها لأنها قد تضرّرت في ستة أماكن. سنقوم بترميمها بأحسن مستويات الترميم في العالم. استقدمنا خبراء أنهوا عملهم تقريباً ودرسوا دراسة وافية لكلّ الأعمال الحجرية التي ستكون هناك. والآن سندرّب متدرّبين في الأعمال الحجرية، هذه الدورة ستبدأ مع بداية الشهر وتستكمل كل الأعمال الحجرية ليكون لدينا عمال فنيّون وخبراء فنّيون في الأعمال الحجرية في حلب.

وتحدّثت إلى «البناء»، هوري أباهوني ممثّلة محافظ حلب حسين دياب، وهي عضو المكتب التنفيذي لقطاع الآثار في محافظة حلب. وقالت عن أهمية الاتفاقية: تم توقيع اتفاقية شراكة بين محافظة حلب والأمانة السورية للتنمية والمديرية العامة للآثار والمتاحف ومؤسسة «آغا خان للتأهيل الثقافي والاقتصادي» في المواقع التراثية وتقديم الدعم لهذه المواقع. هدف المشروع إقامة مراكز تدريب تقني لترميم الحجر ضمن قلعة حلب على يد حرفيين مختصّين لتقوم بتأهيل كوادر يقومون في المرحلة اللاحقة باستلام مرحلة ترميم منطقة المدينة القديمة ومواقع أثرية فيها.

وعن دور الأمانة السورية للتنمية تحدّث الأمين العام فارس كلاس قائلاً: هذه الخطوة الأولى التنفيذية نحو الاتفاقية الأساسية الموقعة بين الأمانة السورية للتنمية ومؤسسة «آغا خان» ووزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف، المرحلة الأولى تنفيذياً وضعنا عدة نقاط حيث يجب أن يكون لكل مرحلة ترميم في حلب القديمة دراساتها المعدّة من قبل أخصائيين. ويكون لها كل ما يلزم من فرق عمل وكوادر فنّيين وخبرات تقنية ملمّة بالعمل. عملياً، اليوم هذه ليست الاتفاقية الأساسية، هذه الاتفاقية التنفيذية الأولى للبدء بتدريب حجّارين متمرّسين في تركيب وإعادة الأحجار القديمة لتكون مستعملة في إعادة إعمار بعض المناطق والمباني الأثرية في حلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى