18 قتيلا في ساعات قليلة هذه هي ديمقراطية اردوغان!!
حميدي العبدالله
عندما بدأت الحرب على سورية زعم رجب أردوغان أنّ وقوفه ضدّ النظام وسعيه إلى إسقاطه كان بسبب أنّ النظام استخدم العنف ضدّ شعبه، علماً أنه في تلك المرحلة لم يُستخدم العنف من قبل النظام بل كانت قوات حفظ النظام مسلّحة بالهراوات وسقط لها شهداء على أيدي المسلحين الذين كانوا يختبئون بين المتظاهرين، وفي المرة التي استخدمت القوى الأمنية السلاح وسقط قتلى من المتظاهرين جرى عزل المسؤولين وإحالتهم الى التحقيق، وبعد ذلك توقفت القوى الأمنية عن فضّ المظاهرات بالقوة ولذلك سيطر المسلحون على مناطق واسعة من سورية، وبعض هذه المناطق لم يتمكن الجيش السوري من استعادتها حتى الآن.
اليوم عندما خرجت التظاهرات في مدن تركية عديدة ليس من أجل إسقاط النظام ولم يسجل أنّ بين المتظاهرين أيّ مسلح، على غرار ما كان يحدث في سورية، تضامناً مع سكان عين العرب ضدّ هجمات «داعش» الوحشية التي يصنّفها أردوغان نظرياً بأنها تنظيم إرهابي، أصدر الأوامر إلى شرطته بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وسقط في ساعات قليلة 18 شهيداً، فأين هي الديمقراطية التي يتشدّق بها أردوغان؟ ولماذا يسكت حلفاؤه في الحكومات الغربية على هذه الممارسات الإرهابية ولماذا لا ينزعون عنه الشرعية بوصفه سفاحاً ضدّ شعبه؟
عندما تتصدّى الدولة السورية لإرهابيّين يعتدون على المواطنين وعلى ممتلكاتهم ويعتدون على الجيش وقوات حفظ النظام ويجاهرون بالدعوة الى إسقاط النظام بالإرهاب وليس بالوسائل السلمية الديمقراطية يصفون ذلك بالثورة، وعندما تتصدّى لهم القوى الأمنية الشرعية ينعتون ذلك بالإجرام، ولكن عندما يردّ أردوغان على تظاهرات سلمية تستنكر جرائم الإرهابيين التي تمارس في عين العرب وغيرها على أيدي التظيمات التكفيرية ويسقط في ساعات قليلة 18 قتيلاً وآلاف الجرحى، يبتلعون ألسنتهم ويخرس إعلامهم ويسمحون لأردوغان في الاستمرار بأكذوبة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الشعوب، بل يتوسّلون أردوغان ليكون في عداد الدول التي تزعم أنها ضدّ الإرهاب وتعمل على محاربته فيتمنّع ويضع الشرط وكأنّ قتل الاتراك من صلب المفاهيم والممارسات الديمقراطية!
سياسة الكيل بمكيالين التي يعتمدها الغرب باتت سياسة مفضوحة ولم تعد تخفى على أحد، وفي ظلّ مثل هذه السياسة لن تلحق الهزيمة بالإرهاب لكن الحكومات الغربية وحكومات المنطقة التي تدور في فلكها هي التي ستدفع ثمن هذه السياسة، لأنّ الدول المستهدفة من الإرهاب عقدت العزم على اجتثاثه وأعدّت العدة لذلك وباتت محصّنة في مواجهة أكاذيب وادّعاءات الحكومات الغربية وتواطئها مع الإرهاب وسياسة توزيع الأدوار التي تعتمدها بالتعاون مع حكومات المنطقة وعلى رأسها حكومة أردوغان.