بوتين يحذّر من «كارثة عالمية» جراء الأزمة الكورية.. هم سيأكلون العشب ولن يتخلّوا عن التجارب النووية
حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، من «كارثة عالمية» في حال عدم التوصل لتسوية دبلوماسية للأزمة مع كوريا الشمالية، مؤكداً «أنّ فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية سيكون غير مفيد وغير فعّال».
وأضاف بوتين، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الصينية بكين، على هامش قمة «بريكس»: «أنه لا فائدة من فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، منبهاً إلى أنها ستسبب معاناة إنسانية في البلاد».
وقال بوتين «الكل يعلم ويذكر هذا، وفي كوريا الشمالية يعلمون ويذكرون هذا جيداً، هل تعتقدون أنه بسبب فرض بعض العقوبات ستتوقف كوريا الشمالية عن هذا المسار الذي تسلكه من أجل تصنيع أسلحة الدمار الشامل؟».
وأضاف الرئيس الروسي، خلال المؤتمر الصحافي «نعم، كما قلت يوم أمس خلال اللقاء مع زملائي، سيأكلون العشب، أنتم تدركون أنه لن يتوقف عن هذا البرنامج إذا لم يشعروا بألامان».
وأورد بوتين «أن لا معنى لاتهام بلاده بانتهاك العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، ثم مطالبة موسكو بعد ذلك بتأييد عقوبات جديدة»، قائلاً: «من السذاجة وضع روسيا على لائحة العقوبات مع كوريا الشمالية وإيران نفسها، ومن ثم الطلب منها الانضمام الى مسألة فرض عقوبات على بيونغ يانغ».
في هذه الأثناء أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب «أن بلاده ستبيع اليابان وكوريا الجنوبية أسلحة فائقة التطوّر»، رداً على التجربة النووية السادسة لكوريا الشمالية.
في ما أعلن البيت الأبيض أمس، أن الوقت لم يعد ملائماً للحوار مع كوريا الشمالية، مؤكداً على «ضرورة طرح جميع الخيارات لللتعامل مع الأزمة في شبه الجزيرة». كما أعلن أول أمس، أن ترامب موافق على مبدأ بيع كوريا الجنوبية «أسلحة ومعدات عسكرية بمليارات الدولارات».
في السياق نفسه، بدت تصريحات الرئيس الروسي، وكأنها ترسم ملامح صدام في الأمم المتحدة بين موسكو وبكين من جهة، وواشنطن وحلفائها في الجهة المقابلة.
وجاءت تصريحات بوتين بعدما طلبت واشنطن أول أمس، اتخاذ «أقوى الإجراءات الممكنة» ضدّ كوريا الشمالية التي أعلنت أنها «باتت تستطيع تزويد صاروخ برأس نووي»، ما أدى إلى تفاقم التوتر بين بيونغ يانغ والأسرة الدولية بشأن برامجها التسلحية.
ورفعت كوريا الشمالية بإعلانها هذا «حدّة المواجهة» مع المجتمع الدولي على خلفية برامجها الصاروخية المحظورة، والتي كلفتها حتى الآن سبع حزمات من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي.
وقال بوتين إن «روسيا تدين هذه العمليات» التي تقوم بها كوريا الشمالية في إشارة إلى إعلان بيونغ يانغ الأحد عن تجربة ناجحة لقنبلة هيدروجينية يمكن تثبيتها على صاروخ.
وتابع بوتين إن بلاده «تندّد بالأعمال الاستفزازية لكوريا الشمالية»، داعياً إلى «حوار حول الأزمة»، محذراً من «أي أعمال أخرى يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الوضع».
وقال «إن الدخول في هستيريا عسكرية لا معنى له إطلاقاً»، مضيفاً أنّ «كل هذا قد يقود إلى كارثة عالمية وإلى عدد كبير من الضحايا».
وتسعى القوى الكبرى للتوصل إلى ردّ على التقدّم الذي سجل في برنامج التسلح الكوري الشمالي.
من جهتها، أطلقت كوريا الجنوبية صواريخ بالستية أول أمس، في إطار محاكاة هجوم على موقع التجارب النووية الكوري الشمالي ثم بدأت أمس «مناورات بحرية بالذخيرة الحية».
وخلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي «إن واشنطن ستقدم قريباً مشروع قرار لفرض عقوبات جديدة من أجل مناقشته في الأيام المقبلة».
وقالت «كفى»، مؤكدة أن «العقوبات التي فرضت على كوريا الشمالية منذ 2009 لم تجد نفعاً»، متهمة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون «باستجداء الحرب» بإجرائه ست تجارب نووية.
ولم تكشف هايلي الإجراءات التي تسعى واشنطن إلى فرضها، لكن دبلوماسيين قالوا «إنها قد تستهدف واردات النفط إلى كوريا الشمالية مما سيشكل ضربة كبيرة لاقتصادها».
كذلك يمكن للعقوبات الجديدة أن تؤثر على «القطاع السياحي» في كوريا الشمالية.
يذكر أنّ، شدة الانفجار الذي شهدته كوريا الشمالية قد تصل إلى مئة كيلوطن، ما يجعله أقوى بخمس مرات من القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في 1945.
في السياق نفسه، أبلغ الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، الذي يزور روسيا اليوم، نظيره الروسي في اتصال هاتفي أول أمس أن الوقت قد حان لإجراء «بحث جدي» في مجلس الأمن بشأن تعليق إمداد كوريا الشمالية بالنفط الخام، وتعليق انتقال اليد العاملة الكورية الشمالية للعمل في دول أخرى ولا سيما روسيا، حيث يجمعون الأموال لإرسالها إلى بيونغ يانغ.
في حين تميل روسيا ومعها الصين شريكة كوريا الشمالية السياسية والاقتصادية إلى «منع تعزيز الضغوط على بيونغ يانغ». وقالت وزارة الخارجية الصينية إنها ستشارك في مناقشات مجلس الأمن «بأسلوب بناء يتسم بالمسؤولية».
وخلال اجتماع مجلس الأمن الدولي حذر السفير الصيني ليو جيي من أن «الأزمة تتفاقم»، مشدّداً على «ضرورة الحوار والتوصل إلى حل دبلوماسي». وقال إن «الصين لن تسمح أبداً بفوضى وحرب في شبه الجزيرة الكورية».
يذكر أنّ مجلس الأمن الدولي قد فرض سبع مجموعات من العقوبات على كوريا الشمالية منذ أول تجربة نووية في 2006، لكن بيونغ يانغ وجدت دائماً طرقاً للالتفاف عليها.
وفرضت آخر هذه العقوبات الشهر الماضي وتركزت على اقتصادها باستهدافها صادرات أساسية مثل الفحم، تشكل مصدراً للقطع الأجنبي للنظام.
وكانت هذه الحزمة الجديدة من العقوبات فرضت بعدما أطلقت بيونغ يانغ في تموز صاروخين عابرين للقارات وضعا الأراضي الأميركية في مرمى بيونغ يانغ.
وقالت سيول «إنها تملك مؤشرات بأن الشمال يخطط لعملية جديدة لإطلاق صواريخ».
ودعا السفير الصيني في الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى «الموافقة على خطة روسية صينية لدعوة الشمال إلى تجميد تجاربها النووية والصاروخية، والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إلى تعليق تدريباتهما العسكرية المشتركة».
ورفضت هايلي الاقتراح معتبرة أنه «مهين». وقالت «عندما يمتلك نظام مارق سلاحاً نووياً وصاروخاً عابراً للقارات موجهاً إليك، لا تتخذ خطوات لتقليص حذرك. لا أحد يفعل ذلك. لن نفعل ذلك بالتأكيد».
وكررت هايلي التهديدات الأميركية بـ «فرض عقوبات على الدول التي تقيم علاقات تجارية مع كوريا الشمالية».
وقد يشكل ذلك تحولاً كبيراً إذ إنّ الصين «شريكة تجارية» لكوريا الشمالية والولايات المتحدة معاً. كما استحوذت الصين على 92 في المئة من مجمل تجارة كوريا الشمالية عام 2016 وفقاّ لتقديرات وكالة تعزيز التجارة التابعة لحكومة كوريا الجنوبية.
أما كوريا الشمالية فقالت أمس، «إنها وجّهت هدية للولايات المتحدة» وإنّ «المزيد في الطريق».
وكان سفير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لدى الأمم المتحدة في جنيف هان تاي سونج يلقي كلمة أمام مؤتمر عن نزع السلاح ترعاه الأمم المتحدة بعد يومين من إجراء بلاده سادس وأكبر تجربة نووية لها.
وقال هان للمؤتمر في جنيف «إجراءات الدفاع عن النفس التي تتخذها بلادي جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في الفترة الأخيرة هي هدية موجّهة للولايات المتحدة دون غيرها».
وأضاف «الولايات المتحدة ستتلقى المزيد من الهدايا من بلادي، ما دامت تعتمد على استفزازات متهورة ومحاولات لا طائل منها للضغط على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية».
كذلك قالت كوريا الجنوبية أمس «إنّ اتفاقاً تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة لإلغاء قيود الوزن على الرؤوس الحربية لصواريخها سيسهم في الرد على التهديد النووي والصاروخي الذي تمثله كوريا الشمالية».
ويرى مسؤولون كوريون جنوبيون «أن من المحتمل إجراء المزيد من اختبارات الأسلحة من جانب القطر الشمالي، رغم الاستياء الدولي من التجربة النووية التي أجرتها بيونغ يانغ يوم الأحد والدعوات لفرض مزيد من العقوبات عليها».
وذكرت صحيفة آسيا بيزنس ديلي في كوريا الجنوبية نقلاً عن مصدر لم تكشف عنه «أن ثمة شواهد في كوريا الشمالية على تحريك ما بدا أنه صاروخ باليستي عابر للقارات باتجاه ساحلها الغربي».
وقالت الصحيفة «إن تحريك الصاروخ بدأ أول أمس، بعد يوم من سادس تجربة نووية تجريها كوريا الشمالية وتمّ رصده أثناء نقله ليلاً لتجنّب الأقمار الصناعية».
وكانت الوزارة حذّرت أول أمس، من أنّ كوريا الشمالية تتأهّب لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات في أي وقت.
ويعتقد محللون ومسؤولون عن رسم السياسات في كوريا الجنوبية «أن كوريا الشمالية قد تختبر سلاحاً آخر في التاسع من أيلول أو نحو ذلك عندما تحتفل بعيد تأسيسها».