ترامب ينفخ في الرماد الأفغاني… فأين سيكون الحريق الجديد؟

بهاء خير

في ظلّ حرب مفتوحة تخوضها أميركا في سورية… حرب مفتوحة من ناحية الدعم اللامتناهي لإرهابيّين متطرفين والتهديدات شبه اليومية للرئيس الأميركي الجديد نحو سورية… فتح ترامب الباب أمام زيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها تندرج في إطار استراتيجية جديدة للمنطقة.

خطة جديدة رغم كلّ التسميات التي أطلقت على التواجد الأميركي في أفغانستان ومنها المستنقع الأفغاني. فبدلاً من التراجع يجد البنتاغون اليوم نفسه مندفعاً نحو مستنقع لطالما سعى أوباما للخروج منه ولكن بطريقة تحافظ على ماء وجه واشنطن…

لماذا اليوم وفي ظلّ كلّ التباينات في المواقف الأميركية والأهمّ في ظلّ التخبّط في بيت داخلي لإدارة لم تلبث تبصر النور. لماذا يعود الحديث عن أفغانستان؟ ولماذا باتت باكستان في دائرة الاستهداف الأميركي؟

أميركا اليوم ليست كما كانت عليه في عهد جورج بوش الابن، ولكن في المقابل لا يمكن التقليل من شأن دولة لا يزال لها القوة المؤثرة والفاعلة والقادرة على توجيه دفة التخريب في أيّ مكان من العالم..

ولكن مع تعقيد الوضع في سورية وسير الأمور بعكس سفن واشنطن، ووجود دور روسي صامد وفارض لكلمة لم ولن يتراجع عنها تحت أيّ ظرف كان. كان لا بدّ لواشنطن من خطة بديلة كثر الحديث عنها ويبدو اليوم أنها وجدت ضالتها في هدف قديم جديد. قديم لا يحتاج للتمهيد أو الحجج لغزو جديد مبني على أكاذيب كما حدث بعد عام 2000، وجديد من ناحية ما سينتج عنه من تأثير على منطقة لم يخبُ لهيبها بعد.

في سورية لم تجد واشنطن وبعد كلّ دعمها للمجموعات الإرهابية موطئ قدم لها كما كان الحلم. في المقابل لا يمكن لدولة بحجم أميركا أن تعترف بالهزيمة حتى وإنْ وقعت أو حتى بأن تلمّح لها. فلا بدّ من وجود البديل. بديل يحرف الانتباه عما يحصل في سورية وأيضاً يعزز التواجد في مكان أقرب ما يكون للحدود الروسية وأيضاً الصينية وحتى خط دفاع متقدّم في مواجهة أعداء صنعتهم واشنطن بعدوانيتها المستمرّة ضدّهم.

من باب الفرضيات لا بدّ من طرح كلّ الاحتمالات المفتوحة للنقاش. وبناء على هذا هل تُسلّم أميركا بقلة حيلتها في سورية وتُشيح بناظريها عن سورية؟ أم أنّ ذيول الانسحاب ستبقى لفرض خطة بديلة ترفع من مستوى التوتر على الحدود السورية الجنوبية وحتى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة؟

حليف واشنطن اليوم في الشمال السوري بات قليل الحيلة والوسيلة أيضاً وسُحبت الأوراق من كفيه لصالح موسكو بضغوط واتفاقات كبّلت القيادة التركية الحالية، ما جعل من الورقة الأميركية في تركيا عاجزة عن خلق ضغط مؤثر ومقلق في ذات الوقت.

وفي الشرق عراق استعاد زمام المبادرة وأغلق حدوداً بذلت واشنطن لإبقائها مفتوحة مع كلّ جهد ودعم. وجبهة جنوبية مع الأردن قُيّدت بتواجد روسي على الأرض يجعل من أيّ تدخل أميركي بعيد الحصول إنْ لم يكن هناك دفع نحو تصعيد جنوني غير محسوب العواقب. لذلك باتت الجبهة القديمة الجديدة هي السبيل لإبقاء التوتر القائم قائماً ولكن بمزيد من التهوّر عبر ذيل أميركي في الجنوب الغربي «إسرائيل». وهنا الحذر من عدو لطالما صدّر مشاكله الداخلية نحو حدوده الشمالية أو حتى الضرب بقوة نحو المقاومة الفلسطينية كما كانت الحال في غزة عام 2009.

الأيام المقبلة لن تكون بالبرود المأمول ولكن على مبدأ «إنْ لم تكبر لن تصغر» وهنا مربط الفرس. مخاض «الشرق الأوسط» في خواتيمه والمنتصر بات معروفاً ومسيطراً على مسار الحلّ ولكن في مواجهة ندّ كواشنطن وحلفائها لا بدّ من الفطنة وفي الفطنة حكمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى