غابرييل: أردوغان يفتعل الخلافات لإخفاء «مشاكله الداخلية»
بعد الحملة الكبيرة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضدّ منتقديه، وبينهم صحافيون وأكاديميون إثر محاولة الانقلاب الفاشل، ما دفع إلى زيادة الانتقادات الأوروبية لمساعي تركيا لنيل العضوية في الاتحاد.
وتفيد جمعية «بي 24» لحرية الصحافة، بأن 164 صحافياً يقبعون خلف القضبان في تركيا، معظمهم معتقل بموجب قانون الطوارئ.
وفي هذا الصّدد، صرّح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس، «إنه لا يرى أي فرصة لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي في المستقبل المنظور»، متابعاً: «إن أي بلد مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يجب أن يحترم دولة القانون والعدالة والقيم الأساسية».
وقال يونكر في خطابه السنوي للبرلمان الأوروبي بشأن وضع الاتحاد «قطعت تركيا شوطاً طويلاً في الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي منذ بعض الوقت».
وأضاف «يتعيّن أن تكون سيادة القانون والعدالة والحقوق الأساسية على رأس أولويات المرشحين للانضمام. وبذلك يستبعد انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي في المستقبل المنظور».
وأشار يونكر إلى حرب كلامية بين برلين وأنقرة اتهم فيها أردوغان ألمانيا باستخدام «أساليب تشبه النازية»، الأمر الذي دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لـ «الدعوة لإنهاء محادثات انضمام تركيا»، رغم أن أنقرة شريك مهم في حلف شمال الأطلسي.
وقال يونكر «الصحافيون مكانهم صالات التحرير لا السجون. مكانهم هو حيث تسود حرية التعبير، كفوا عن إهانة الدول الأعضاء بمقارنة زعمائها بالفاشيين والنازيين».
وطالت حملة القمع صحافيين أجانب أيضاً، إذ تم توقيف الصحافي الألماني التركي دنيز يوجل، منذ شباط الماضي، والفرنسي لو بورو، في نهاية تموز، بتهم الارتباط بحزب كردي تصنفه أنقرة تنظيما «إرهابياً».
وطالب رئيس المفوضية الأوروبية، تركيا بـ «إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين لديها».
ويتطلب إنهاء مفاوضات انضمام تركيا رسمياً إجماعاً من كل دول الاتحاد الأوروبي، وهو أمر غير متوفر، لكن دعم الأغلبية قد يكون كافياً لتعليق هذه المفاوضات.
في حين، سيبحث زعماء الاتحاد الأوروبي موضوع تركيا في قمة تستضيفها بروكسل خلال شهر تشرين الأول، لكن لن يصدر أي قرار رسمي قبل الربيع المقبل.
من جهة أخرى، تطرّق يونكر إلى الحوار المتجدّد في البلقان حيث تريد صربيا وألبانيا ومقدونيا والجبل الأسود والبوسنة وكوسوفو الانضمام للاتحاد الأوروبي في يوم من الأيام.
وقال في هذا الشأن: «إذا أردنا المزيد من الاستقرار في محيطنا، فعلينا أن نخصّص جزءاً كبيراً من التوسّع لغرب البلقان»، متحدثاً بتفاؤل عن «ست دول بغرب البلقان تسعى أيضاً لنيل عضوية التكتل».
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، أن «الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يستغل الخلاف مع ألمانيا لصرف انتباه مواطني تركيا عن مشاكل البلاد الداخلية».
وقال غابرييل، في مقابلة مع صحيفة « نوردويست تسايتونج «، نشر نصها أمس، «إن الرئيس أردوغان يستغل ألمانيا»، معتبراً إياها عدواً خارجياً، لإخفاء المشاكل الداخلية في بلاده»، داعياً إلى «عدم المشاركة في هذه اللعبة».
وأضاف غابرييل أنّ السلطات الألمانية تعاملت، على مدى وقت طويل، بـ «ردود فعل خفيفة على التهجمات من قبل أنقرة»، مضيفاً «أنه كان يتعيّن على برلين التصرف بصورة أكثر قسوة، سيّما أنّ هناك مواطنين ألماناً لا يزالون قيد الاعتقال في تركيا، وأنّ سلطات أنقرة أعلنت أكثر من 680 شركة داعمة للإرهاب».
واعتبر وزير الخارجية الألماني أن «الضغوط الاقتصادية على أنقرة باتت فعالة».
بدورها، وجّهت أنقرة اتهامات للسلطات الألمانية، بما في ذلك المستشارة أنجيلا ميركل شخصياً، «بدعم الإرهابيين» بسبب رفضها تسليم بعض العسكريين الأتراك الذين طلبوا حق اللجوء السياسي في ألمانيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، وكذلك بسبب عدم تسليم برلين لأنقرة ناشطي «حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً من قبل السلطات التركية.
يُذكَر أن العلاقات بين تركيا وألمانيا تشهد توتراً كبيراً منذ العام الماضي، وتدهورت بصورة حادة على خلفية سلسلة من الخلافات الدبلوماسية المتتالية لدرجة حتى وصف الخبراء التصعيد الحالي بين البلدين بـ «الأسوأ وغير المسبوق» خلال العقود الـ3 الأخيرة.
وتعرّضت العلاقات الثنائية لضربة جديدة بعد اتخاذ ألمانيا قراراً بسحب قواتها المنشورة في قاعدة إنجرليك التركية إلى قاعدة الأزرق في الأردن، رداً على منع أنقرة النواب الألمان من زيارة هذه المجموعة العسكرية الألمانية.
وفي آخر تطوّرات هذه الأزمة، أعلنت السلطات الألمانية، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، عن تجميد توريدات الأسلحة من ألمانيا إلى تركيا.
وانعكست جميع هذه الحوادث بصورة سلبية للغاية على سير المفاوضات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
والجدير بالذكر أن ألمانيا توجد فيها أكبر جالية تركية في العالم تضم نحو 1.4 مليون نسمة.