الإدارة الأميركية والشوط الأخير… الجوكر الكردي!

محمد ح. الحاج

النفي الكردي في معرض التأكيد

قال الناطق بلسان القوى الكردية «قسد» طلال سلو «أن لا نية ولا خطط للصدام مع الجيش الوطني السوري». يصحّ هذا الكلام إنْ كانت منظمته صاحبة القرار وليس أيّ ضابط من غرفة العمليات الأميركية التي تضع الخطط وتصدر الأوامر!

سأجبر نفسي على تصديق جانب من الادّعاء الكردي بأنهم لا يريدون أكثر من عدالة في الحقوق، ومساواة مع باقي أبناء الشعب وحصول المكتومين على الهوية وأستبعد بالمطلق أطماعهم في إقامة دولة تطابق خطوطها الجغرافية لمخطط نشرناه بعد احتلال العراق بعملية أسموها شيخينا -Chikhina وتمّ أخذه من محفوظات البنتاغون، وأضأنا عليه قبلاً، وهذا المخطط ينفي وجود سورية بالمطلق ويطلقون على كلّ ما هو غرب الفرات وصولاً إلى البحر المتوسط غرباً، والعقبة جنوباً ومعها سيناء وقسم من شمال نجد والحجاز، والكويت… كلّ هذه هي «Great Israel» وكلّ ما بعد الفرات شرقاً يسمّونها دولة الأكراد.

في هذه الحالة، ما الذي يدفع بالأكراد لمسابقة الجيش السوري لوضع اليد على الرقة ودير الزور وما بينهما والحسكة والقامشلي وكلّ المنطقة طبقاً للخريطة إياها ويعلمون أنه دون سيطرتهم صدام حتمي مع الجيش السوري والقوى الرديفة والحليفة وأنهم سيصلون ناراً لا طاقة لهم بها، العملية ليست من بنات أفكارهم، هي الشوط الأخير من اللعبة الأميركية! ومؤكد سيكونون الضحية ويبدو أنهم لم يسمعوا ما صرّح به السفير فورد، هذا إذا افترضنا أنه صعب عليهم أخذ العبرة من دروس الماضي.

البعض يجتهد فيقول إنّ الثروة النفطية تتركز في المنطقة شرق الفرات، أو أغلبها على الأقلّ وأن الشركات الأميركية تطمح لوضع اليد أو نيل حصة على الأقلّ، وبعضها كان يشارك في الماضي، فهل يكون الكرد كبش المحرقة ليتنسّم الرب رائحة الشواء فيرضى، أم أنّ النفط على ضآلة كمياته قياساً بما هو متوفر للأميركي البشع في باقي المحيط ومنه العراق آخر ما يهتمّون به، الأرجح، هو غلاف لخطة مضمونها أعمق بكثير، فهي توفر استمراراً للفوضى الخلاقة على طريق بقاء المشروع الصهيوني رغم نبوءة الاستخبارات المركزية، وبعض الباحثين في كيان العدو أنّ النهاية قريبة… بضع سنوات ولن تتجاوز الربع الأول من القرن. – هل يصدق بعض الأكراد أنّ الخريطة إياها قابلة للتحقيق وأنّ المرحلة القادمة هي فرصتهم ليكونوا في الواجهة بعد طمس اسم سورية؟ أيّ صياغة المستحيل.

الأميركي والبريطاني تخليا عن قوى أعدّوها، ودرّبوها وموّلوها على الأرض الأردنية واستخدموها للمشاغبة والتغطية، لكن مهامها لم تكن أساسية وأدركوا بعد التجربة أنها فاشلة رغم تمسك العدو الصهيوني بها، فهي ورقة في كلّ الأحوال تشاغل وتشغل الحكومة السورية وجزء من القوة العسكرية وناتج عملها لا شك يؤثر على البنية التحتية تخريباً وهدماً، وهذا حصل في مدينة درعا وغيرها من البلدات الصغيرة الأخرى في الجنوب، أميركا سحبت أسلحة هذه القوات، الثقيلة تحديداً وأصدرت أوامرها بانسحابهم إلى الداخل الأردني بانتظار مهام مستقبلية في غير مكان.

السلوك الأميركي، وحتى ما يسمّى التحالف الدولي بات مكشوفاً للرأي العام كله، إمداد داعش بدءاً بالمعلومات والذخائر والعتاد وحتى الغذاء، رغم محاولة إخفائه إلا أنّ الحوامات العملاقة لا يمكنها أن تلبس قبعة الإخفاء، وشوهدت من قبل الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، والأهمّ الأقمار التي تراقب وتوثق على مدار الساعة، وعندما يقول لهم الروسي فعلتم كذا… بتاريخ وساعة وموقع وإحداثيات… فإنّ عدم الردّ يكون الجواب الأبلغ ومحاولة هزّ الرأس للتأكيد في معرض النفي، القيادات العليا في داعش صناعة أميركية وأدوات يجب أن لا تقع في أيدي العدو أيّ قوات الجيش السوري والحلفاء معه لهذا كانت عمليات الإخلاء السريع تسبق حركة وتقدّم الجيش السوري بأسابيع أو أيام، وربما يتأكد أنّ قوات الإخلاء المارينز لجأت إلى تصفية من كان قريباً من هؤلاء أيّ من الدواعش السوريين والعرب، وهذا ليس بمستبعد، إنه السلوك والإجراء الطبيعي للاستخبارات في عموم العالم، والموساد والمركزية الأميركية.. الأعرق.

ناتج اللعبة للمساومة والمشاركة بالتسوية السياسية

الولايات المتحدة ومن معها فرضوا أنفسهم لاعبين على هامش المعارك على الأرض السورية، أعلنوا الحرب على داعش لتضليل الرأي والمجتمع الدولي، بينما حاربوا الجيش السوري والحشد العراقي والقوى المتحالفة ضدّ داعش، حتى الأتراك اكتشفوا ذلك، وهم الذين اعترضوا في البداية ورفضوا المشاركة وربما ضللهم الأميركي فصدّقوا، وانتفضوا، إذ كيف يحاربون من سهّلوا لهم الطريق وفتحوا لهم الموانئ والحدود، لكنهم اكتشفوا أخيراً أنّ اللعبة الأميركية لا تقف عند حدود، وهذه إدارة ليس في قوانينها الإخلاص لعهد أو الحفاظ على عميل، منذ اللحظة التي بدأت تستثمر فيها الكرد، وأشك بمعارضة تركيا لو صارحها الحليف الأميركي بأنّ العملية لخدمة المخطط الصهيوني والحفاظ على المشروع.

قد يتفق الجانبان الروسي والأميركي على إنهاء الحرب الملهاة المأساة على الشعب السوري وشعوب المنطقة العربية، لكن، يبقى الخلاف جوهرياً بحيث تقتصر الرغبة الأميركية على تسويات سياسية، بينما يرغب الروسي بحلول سياسية، وشتان ما بين هذا وذاك، التسويات السياسية تحتفظ بالنار تحت الرماد وتحافظ على أسباب ومسبّبات وعناصر الأزمة في ركن قريب لإمكانية الاستثمار عند الحاجة، أما الحلول السياسية فهي تعالج الجذور وتطفئ النيران، وتعالج العناصر فتصل إلى الانسجام والانصهار في المشروع الوطني، التسويات تتيح للأميركي المشاركة عن طريق العناصر التي يدخلها في التسوية، وهذه لن تكون موجودة أو تشارك بوجود حلول سياسية.

المناورات التي تقودها الإدارة الأميركية هنا وهناك غايتها ممارسة الضغوط للقبول بالتسوية السياسية التي تريدها، من ذلك ربما دعم نظرية الفدرلة التي توفر لها مناخاً وموطئ قدم في الشمال السوري مع امتداد في الشمال العراقي الذي يرتبط بعلاقات متميّزة مع العدو الصهيوني والذي إنْ استمرّ في تحقيق مخططاته سيكون المثيل والصورة طبق الأصل عن الكيان اليهودي على الأرض الفلسطينية، وهذا أمر في غاية الخطورة على الأمن القومي، ولا يسمح لأحدنا أن يحسن الظنّ بأيّ إجراء على الأرض، بدءاً من قوات الحماية، ووضع قانون فيدرالي وممارسة تمنع غير الكردي من التنقل والإقامة كأجهزة دولة، أو منع لوحات الآليات السورية وكأنّ هؤلاء يسابقون الزمن ويسبحون عكس التيار، يا له من سلوك غبي لم يحفظ لأهله ما يمكن تسميته خط الرجعة.

الصدام مع الجيش السوري رغبة أميركية مؤكدة، ولأنّ القيادة الروسية تدرك ذلك فقد أعلنت أنّ هذا الصدام وارد وأنها ستقف إلى جانب الجيش السوري ما يسقط رهان الكرد على غزل سابق مع الروس لضمان صمتهم، أما إنْ حصل الصدام فسيكون نتيجة حتمية لاستمرار الكرد في تنفيذ الخطط الصهيو أميركية والاندفاع لمقاطعة خطط الجيش في تحرير الأرض، كلّ الأرض، وطرد كلّ العصابات لتكون يد السلطة والجيش السوري هي العليا، وهكذا تنتهي اللعبة الأميركية بخسارة الجوكر الذي يشكله الكرد، ومن يعش ير…

هامش: كثرت في الآونة الأخيرة الزيارات والمهرجانات والاحتفالات المشتركة بين شريحة كبيرة من الكرد وبين العدو الصهيوني، وتنشر المواقع تسجيلات لها تزيّنها الأعلام والرقصات المشتركة وتبادل الكلمات، وهذا كاف لمعرفة أنّ الخرق الصهيوني كبير في الأوساط الكردية، وما عاد السكوت مجدياً… على الأكراد الوطنيين قبل غيرهم المبادرة للاحتجاج والرفض والمقاطعة وبصوت عال قبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى