16 عاماً على 11 أيلول/ سبتمبر عجز دولي عن تصميم مواجهة أممية

بلال شرارة

فيما تقع المكسيك تحت ضغط زلزال بلغت قوته 8,2 درجات مترافقاً مع 720 هزة ارتدادية. وأيضاً تحت ضغط الإعصار كاتيا مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى وتشريد الآلاف ودمار هائل، كانت في هذا الوقت ولاية فلوريدا الأميركية تقع تحت ضغط إعصار إيرما الذي كان حتى نهاية الأسبوع الماضي قد اجتاح جزيرة كريست وشرّد سكانها على وقع ريح عاصفة بلغت سرعتها 215 كلم في الساعة، موقعاً العديد من الضحايا ومخلفة خسائر كبرى.

الإعصار ايرما نقل حربه منذ الساعات الأولى لليل الجمعة ـ السبت إلى كوبا، حيث أُعلنت حالة الإنذار القصوى في هافانا تخوّفاً من حصول فيضانات.

الأمر هكذا… الأعاصير: إيرما وكاتيا وخوسيه تهاجم الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وكوبا والدول الثلاث تحصي قتلاها وخسائرها وسط نزوح دولي إلى حروب وشؤون وشجون أخرى والناس في زوايا كثيرة مظلمة او نائية في العالم لم تسمع بما يجري بل ربما لا تهتمّ لأنّ حرب الطبيعة بعيدة عنها، وربما كذلك يشمت البعض بالنكبات التي تصيب الولايات المتحدة الأميركية التي لا تدع أحداً لشأنه وهي الآن لا ينفعها كلّ جبروتها وقوّتها في دفع أو ردّ هجوم الإعصار، وصولاً الى إصدار أمر إخلاء قاعدة ماكديل الجوية المقرّ الرئيسي للقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط – سينتكوم – .

لا أحد بإمكانه أن يحدّد طائفة الأعاصير ومذهبها، وما إذا كانت تنتمي الى اليمين أو اليسار، وما اذا كانت ذات منحى وتفكير رأسمالي أو اشتراكي، فهي الآن تضرب الولايات المتحدة المفرطة في الرأسمالية والتي باتت تقود الليبرالية الجديدة وهي – الأعاصير – لا توفر كوبا المتحف العائم لآخر نماذج للاشتراكية، وتضرب المكسيك الوسطية ولا يجتمع مجلس الأمن لبحث التحديات التي تفرضها الأعاصير ولا تعويض خسائرها، بل إنّ أحداً لا يهمس بما يجري خوفاً من أن يسمعه إعصار ما فينعطف اليه ويكنسه.

– -2

نحن بالرغم مما يجري عندنا في الشرق الأوسط والحروب الصغيرة والكبيرة التي تقود بعضها الولايات المتحدة على رأس تحالف دولي أو تحالف راغبين، بالرغم من انّ الشعب الفلسطيني لا زال يحلم بتحقيق أمانيه الوطنية وسط تصعيد استيطاني «إسرائيلي»، بالرغم من الوقائع السورية والمفاوضات والضغوط المتصلة بمناطق التوتر ومناطق خفض التوتر، بالرغم من الوقائع العراقية الجارية والضاغطة على العراق بين استكمال تحريره من الإرهاب أو إخضاعه لمفاعيل الاستفتاء الكردي، وبالرغم من الوقائع اليمنية الدامية والمصاعب الخليجية، بالرغم من استمرار محاولة الإرهاب اغتيال الأمن المصري والموت المتمادي الذي يضرب أمنها وحياتها، وبالرغم من الحروب الليبية الصغيرة والكبيرة، بالرغم من كلّ ذلك ووقوع بضعة عشر او بضع مئات من القتلى والجرحى العرب كلّ يوم من المحيط إلى الخليج، بالرغم من كلّ ذلك فنحن، أنا على الأقلّ عندي وقت لأتابع بحزن الوقائع والنكبات المترتبة على الأعاصير التي ضربت كوبا والمكسيك والولايات المتحدة، وعندنا وقت للانتباه في الذكرى 16 لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر الإرهابية إلى أنّ ما قاله الرئيس ترامب بالمناسبة من أنّ العالم تغيّر منذ ذلك التاريخ هو عين الحقيقة التي تستدعي أن يتفرّغ العالم لمواجهة الاضطربات الطبيعية وتغيّر أحوال المناخ بدلاً من عمليات التطهير العرقي على غرار ما يجري ضدّ مسلمي ميانمار أو الحروب التي تستهدف إعادة إنتاج النظام السياسي العربي كما في مشاهد الربيع العربي و… و…

أنا شديد الخوف من وقع الزلازل والأعاصير ومن التصعيد بما يختصّ بالتسلّح الكوري ومن وقع الأزمات ومحاولة إنتاج جغرافية سياسية في الشرق الأوسط ومن المشكلات الدولية المستيقظة والنائمة.

إلا أنّ الأساس بمناسبة مرور 16 عاماً على الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في 11 أيلول الخروج من العجز الدولي والاستثمار على شبح الإرهاب لإقامة غرفة عمليات دولية بإشراف أممي مجلس الأمن لإدارة وتنسيق الحرب على الإرهاب وتجفيف مصادره وموارده واجتثاثه من الجذور والانتباه إلى الإرهاب الرسمي الذي تمثله وتمارسه دول في طليعتها «إسرائيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى