فتح معركة الأنبار بعدما كانت الوجهة الحويجة
حميدي العبدالله
بعد تحرير تلعفر أعلن المسؤولون العراقيون أنّ وجهة القوات المقبلة هي تحرير الحويجة من سيطرة داعش، ولم يكن غرب الأنبار بين الأولويات. ربما يفسّر التوجه إلى الحويجة لأنّ القوات السورية لم يكن مقدّراً لها أن تصل إلى مدينة دير الزور بهذه السرعة، وبالتالي كان الأجدى عسكرياً الانتظار لوصول القوات السورية إلى دير الزور للتوجه غرباً، لأنّ مسرح العمليات يمتدّ من صحراء الأنبار مروراً بعانا وراوة وصولاً إلى القائم في العراق، ويمتدّ هذا المسرح إلى حدود مدينة السخنة في الريف الشرقي لمحافظة حمص في سورية، وبالتالي ستكون معركة القوات العراقية معركة صعبة وقاسية لأنها تواجه مسرحاً شاسعاً يختلف فيه الوضع عن كلّ المعارك التي خاضتها بعد أن اعتادت على خوض معاركها السابقة في كلّ مدينة أو ناحية على حدة، فكانت معركة تحرير تكريت وبعد انتهاء هذه المعركة كانت معركة الفلوجة، وبعد الفلوجة معركة الرمادي، وبعد كلّ تلك المعارك وما تخللها من معارك أخرى على مستوى النواحي، كانت معركة الموصل وبعدها معركة تلعفر.
البعض قال إنّ توجه القوات العراقية بعد تلعفر نحو الحويجة كان نتيجة اقتراحات من مستشارين أميركيين، لأن ّإطلاق معركة تحرير غرب الأنبار يصبّ في مصلحة الجيش السوري وحلفائه، والولايات المتحدة لا تريد أن يحدث ذلك.
بمعزل عن أيّ تفسير لتوجه القوات العراقية بداية نحو الحويجة، ومن ثم التراجع وإعطاء الأولوية لتحرير الأنبار، وهو قرار رسمي أعلنه رئيس الحكومة حيدر العبادي وهو القائد العام والأعلى للجيش العراقي، فإنّ من الواضح أنّ وصول الجيش السوري السريع إلى مدينة دير الزور من أكثر من محور وفك الحصار عن المدينة، والعبور إلى شرق وشمال نهر الفرات والتوجه من أكثر من محور باتجاه البوكمال والميادين، هو الذي دفع الحكومة العراقية لبدء معركة تحرير غرب الأنبار.
مسرح العمليات الممتدّ من صحراء الأنبار حتى ضواحي مدينة دير الزور بات اليوم هو ساحة المعركة الأساسية لاقتلاع داعش نهائياً من سورية والعراق، ولأنّ هذه هي المعاقل الأخيرة لهذا التنظيم، فسوف يدافع عنه بقوة وشراسة، وهذا الأمر يتطلب تنسيقاً واضحاً بين القوات السورية والقوات العراقية، وهذا ما أعلن عنه فعلاً عندما قامت الطائرات العراقية بقصف مواقع لداعش في مدينة الميادين السورية، حيث تمّ الإعلان رسمياً أنّ هذه العملية هي نتيجة للتنسيق القائم عبر غرفة التنسيق الرباعي التي تضمّ سورية والعراق وإيران وروسيا ومقرّها بغداد والتي جرى تشكيلها عشية مشاركة روسيا في الحرب على الإرهاب في أيلول 2105.
واضح أنّ حجم القوات التي تخوض الآن المعركة على طرفي الحدود وما تمتلكه من قدرات عسكرية وبشرية ستقود إلى انتصار سريع ولن تستغرق معركة تحرير دير الزور وغرب الأنبار ما استغرقته معارك سابقة في سورية والعراق.