إنهاء ملف النازحين يُسقط مخطّط التوطين
معن حمية
دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوطين اللاجئين في أماكن لجوئهم، لا تعني النازحين السوريين حصراً، بل هي دعوة لتوطين الفلسطينيين بالدرجة الأولى، وإسقاط حق عودتهم إلى أرضهم وبيوتهم، وهو حق تكفله المواثيق والقرارات الدولية.
مخطط توطين اللاجئين الفلسطينيين، ليس وليد الساعة، بل كان موضوعاً ولا يزال في أولويات الإدارات الأميركية المتعاقبة، لأنه يمكّن العدو الصهيوني من تحقيق أحد أهدافه الرئيسية على طريق تصفية المسألة الفلسطينية بالكامل.
لقد وجدت الولايات المتحدة الأميركية ضالّتها في استثمار النزوح السوري لهذا الغرض، وقد رأينا مؤسّسات دولية، بما فيها تلك التابعة للأمم المتحدة، تقدّم إغراءات كبيرة لتشجيع النزوح السوري، وبدا واضحاً التركيز على تجميع العدد الأكبر من هؤلاء النازحين في لبنان والأردن، ليس بغرض استخدامهم ورقة ضغط على الدولة السورية وحسب، بل لوضعهم قيد التطبيع، في إطار خطة توطين شاملة للفلسطينيّين، وجزئية للسوريين!
قبل النزوح السوري المرعيّ دولياً بسنوات، بدأت وكالة غوث اللاجئين «الأونروا» تخفيض تقديماتها والتنصّل تدريجياً من التزاماتها تجاه اللاجئين، وترافق ذلك مع عرض رشى دولية على لبنان وغير بلد مقابل توطين الفلسطينيين، قوبلت كلها بالرفض.
مع بدء تدفق النازحين السوريين إلى دول الجوار، عملت الجهات الدولية، بإشراف أميركي لفرض التوطين في لبنان، فعملت دول غربية وأوروبية وإقليمية وعربية على تغذية حالة الانقسام بين اللبنانيين، وألبستها لبوساً مذهبياً، وخلق بيئة قابلة للتوطين بخلفيات مذهبية، إلا أنّ الفصائل الفلسطينية تنبّهت الى هذا المخطط الذي يؤدّي إلى إلغاء الشواهد على تشريد الفلسطينيين من أرضهم نتيجة الاحتلال الصهيوني، ونجحت قيادات هذه الفصائل في النأي بنفسها عن الانقسامات اللبنانية، مؤكدة تمسّكها بالقيم النضالية وبوصفها حركات تحرّر تكافح من أجل تحرير فلسطين وحق العودة إليها.
رغم مواقف سائر القوى الفلسطينية وإجماعها على رفض التوطين، استمرّ الضغط على الفلسطينيين بواسطة «الأونروا» التي واصلت تخفيض تقديماتها، وفي موازاة هذا الضغط تشدّد لبنان في إجراءاته التي تمنع الفلسطينيين من مزاولة أعمال ومهن كثيرة. وهذا ما تنبّه له الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أعدّ مشروع قانون قدّمه إلى المجلس النيابي يطالب بإعطاء الفلسطينيين في المخيمات حقوقهم المدنية والاجتماعية، وقد وسّع الحزب مروحة اتصالاته في هذا الخصوص، وشكّل مع كلّ القوى والمؤسسات الفلسطينية، خط صدّ بمواجهة مخطط التوطين.
اليوم، وبعد دعوة ترامب للتوطين، على لبنان أن لا يكتفي بالمواقف الرافضة التي صدرت عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحزب القومي والعديد من القوى. فالحكومة اللبنانية مطالَبة بترجمة مواقف الرفض عبر خطوات عملية، تبدأ بفتح قنوات الاتصال كلّها بالحكومة السورية، لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وأن تتحمّل مسؤولياتها بتوفير الحقوق المدنية للفلسطينيين في المخيمات، الذين يواجهون ظروفاً إنسانية واقتصادية صعبة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهجوس بالتوصل إلى صيغة تزيل عن كاهل «إسرائيل» عبء «حق العودة»، حتى لو قضت الصيغة بتوطين الفلسطينيين في «بورتوريكو» وبالمناسبة هو قدّم هذا الطرح منذ إعلان ترشحه للرئاسة الأميركية!
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي