ولاية رابعة لميركل واليمين القومي يحقق نتائج تاريخية «البديل من أجل ألمانيا»: سنبدأ باصطيادها
تشير النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات التشريعية الألمانية إلى تقدّم التحالف المسيحي بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل بحصوله على 34 في المئة من أصوات الناخبين.
أفادت بذلك صحيفة «بيلد» عبر موقعها الإلكتروني، مضيفة أن «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» الذي يرأسه أقوى منافسي ميركل، مارتن شولتز، يحتل حالياً المرتبة الثانية بـ21 في المئة من الأصوات، في حين يأتي حزب «البديل من أجل ألمانيا» من أقصى اليمين في المركز الثالث حاصداّ 13 في المئة من الأصوات، ويعقبه الحزب اليساري الذي يدعمه 11 في المئة من الناخبين، فيما حصل «الحزب الديمقراطي الحر» على 9 في المئة، يليه حزب «الخضر» بـ8 في المئة، وحصلت بقية الأحزاب المشاركة في الانتخابات على نحو 4 في المئة.
وهذه النتائج لا تسمح لأي من الأحزاب المشاركة في الانتخابات الحصول على الغالبية المطلوبة لتشكيل حكومة جديدة من دون تشكيل ائتلاف مع القوى الأخرى.
وبعد خسارته في الانتخابات أعلن «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» عن انضمامه إلى معسكر المعارضة.
وقال زعيم الحزب، مارتن شولتز: «إن ما تحتاج إليه ألمانيا هو المواجهة بين الأفكار اليسارية واليمينية، وسنعمل على ذلك في معسكر المعارضة».
وبذلك سيصبح حزبه أقوى قوة معارضة في البوندستاغ، ولن يسمح لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرّف بشغل هذه المنزلة.
كما توعّد مرشح عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» القومي اليميني ألكسندر غولاند بالبدء في «اصطياد» المستشارة أنغيلا ميركل، بعد تحقيق حزبه نتائج تاريخية في الانتخابات التشريعية.
وقال غولاند في خطاب ألقاه أمام مناصريه أمس، عقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات: «نصبح، كما يبدو، ثالث أكبر قوة في البرلمان، ويجب على الحكومة، مهما كانت، التهيؤ لذلك، لأننا سنقوم باصطياد الحكومة، ونبدأ باصطياد ميركل! وسوف نستعيد دعم الشعب».
من جانبه، وصف الرئيس المشارك لهذا الحزب اليميني المتطرّف، فراوكيه بيتري، نجاح «البديل من أجل ألمانيا» بالزلزال السياسي، مضيفاً أنّ «المستحيل أصبح ممكناً».
مع ذلك، وتحقيقاً للتوقعات، حصل «التحالف المسيحي»، الذي يضمّ «حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي» و»الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، على غالبية المقاعد في البوندستاغ حتى بعد قرار «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» عدم المشاركة في تشكيل الائتلاف الحاكم المستقبلي في البرلمان.
وأعلنت ميركل اعتزامها تشكيل حكومة جديدة، لكنها لم تحدّد بعد حلفاءها المحتملين في الائتلاف الحاكم المقبل، قائلة «إنها ستبحث الموضوع مع بقية الأحزاب».
ويبقى الائتلاف المفترض بين «التحالف المسيحي» و»حزب الخضر» و»الحزب الديمقراطي الحر» هو الاحتمال الوحيد الذي يسمح بالحصول على عدد المقاعد الكافي في البرلمان لتشكيل الائتلاف الحاكم.
وأظهرت المعطيات الأولية التي جمعتها قناة ARD أن توزيع المقاعد في البوندستاغ البرلمان المكوّن من 631 مقعداً، سيتم، على الأرجح، على الشكل التالي: «التحالف المسيحي» – 220 مقعداً، «الحزب الاشتراكي الديمقراطي – 137، «البديل من أجل ألمانيا» – 87، «الحزب الديمقراطي الحر» – 69، «حزب الخضر» – 61 و»الحزب اليساري» – 57 مقعداً.
وبخصوص نسبة مشاركة الناخبين في الاقتراع، أعلنت لجنة الانتخابات الفيدرالية أنها بلغت 75 في المئة، وهي أعلى من تلك التي كانت في الانتخابات البرلمانية السابقة قبل 4 سنوات، حين وصلت إلى 71.5 في المئة.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة 18:00 على أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية الرسمية للانتخابات في قرابة الساعة الثالثة ليلاً.
وسبق أن أعلن ديتر زارايتر، المفوّض الانتخابي الفيدرالي، «أن النتائج النهائية للانتخابات ستعلن بعد أسبوعين».
وأكد زارايتر «أن لجنة الانتخابات لم تتلقَّ أي معلومات تشير إلى حدوث تدخلات خارجية كهجمات إلكترونية أو محاولات تلاعب في العملية الانتخابية».
ويبلغ عدد أصحاب الحق بالتصويت في هذا البلد الأوروبي 61.5 مليوناً من أصل 82.6 مليون نسمة، يمثل المسلمون بينهم نحو 5 ملايين.
ويتم اختيار النواب وفق نظام انتخابي يمزج ما بين الغالبية والنسبية، على أن تعطي استطلاعات الرأي فور إغلاق مراكز التصويت مؤشرات واضحة إلى تشكيلة المجلس المقبل، قبل بدء صدور النتائج تباعاً خلال الليل.
ومن المقرّر أن يجتمع البرلمان الجديد بعد 30 يوماً على انتخابه، أما قرار تشكيل الحكومة الجديدة فيصدر بعد أسابيع عدة وربما أشهر عدة.
ومن بين التكهنات تكوين ائتلاف كبير في ألمانيا في الفترة المقبلة، يجمع بين الحزبين الكبيرين وهما حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي كما هو الحال الآن.
وكانت المسشارة الألمانية أدلت بصوتها في المركز الانتخابي في جامعة غومبولت في العاصمة برلين، الذي وصلت إليه برفقة زوجها يواخيم زاور، وسط حضور مكثف لممثلي وسائل الإعلام الذين تابعوا هذا الحدث.
وغادرت ميركل المكان فور وضعها ورقة الاقتراع في الصندوق، من دون الإدلاء بأي تصريحات صحافية.
وسبق أن شارك في الاقتراع منافس المستشارة الأقوى، زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي، مارتن شولتز، وزعيم حزب «الخضر» جيم أوزديمير، إضافة إلى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، فيما قرّر المرشح عن «الحزب الديمقراطي الحر»، كريستيان ليندنر، والمرشحان عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» أليس فيديل وألكسندر غولاند، التصويت غير العلني.
الجدير بالذكر أنّ «البديل لألمانيا» المعادي للإسلام والنخب والهجرة وأوروبا، استمر طوال الحملة الانتخابية في تشديد خطابه، معلناً على سبيل المثال أن «ألمانيا تحولت ملاذاً للمجرمين والإرهابيين من العالم بأسره».
ويتهم القوميون ميركل بـ «الخيانة» لفتحها أبواب البلاد عام 2015 أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء وغالبيتهم من المسلمين.
وعلاوة على تأثير «البديل من أجل المانيا» على النقاشات البرلمانية، فإن وجود نواب لهذا الحزب في البرلمان قد يعقد حسابات ميركل في تشكيل الغالبية الحكومية.
وستكون لتشكيلة الائتلاف المقبل أهمية كبرى لسلسلة من المواضيع الملحة على الساحة الأوروبية مثل إصلاح منطقة اليورو ومفاوضات بريكست، ومستقبل العلاقات بين ضفتي الأطلسي في عهد ترامب والعقوبات المفروضة على روسيا.
في سياق متّصل، هنأت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبان، حزب «البديل من أجل ألمانيا» بالنتيجة التاريخية التي حققها هذا الحزب اليميني الشعبوي في الانتخابات.