هيئة التنسيق والاتحاد العمالي يعلنان الإضراب الشامل اليوم ومواقف تدعو إلى وقف مزاريب الهدر

يشهد لبنان اليوم إضراباً شاملاً اليوم بقطاعيه العام والخاص بدعوة من هيئة التنسيق النقابيّة والاتحاد العمالي العام وجّهاها قبل انعقاد مجلس الوزراء أمس، وذلك احتجاجاً على ما يُشاع من أنّ المجلس يتّجه إلى مشروع قانون تأجيل دفع الرواتب على الأساس الجديد إلى ما بعد إقرار الموازنة.

وقالت الهيئة في بيان: «أمام تسارع التطوّرات، وأمام مؤشّرات رضوخ أطراف في الطبقة الحاكمة إلى ضغوط الهيئات المصرفيّة والاحتكاريّة وتكتّل أصحاب المدارس الخاصة، وأمام ما يُشاع من أنّ مجلس الوزراء يتّجه إلى مشروع قانون تأجيل دفع الرواتب على الأساس الجديد إلى ما بعد إقرار الموازنة المعطّلة منذ 12 سنة ولأنّ أيّ تأجيل يعني قهر الفئات الشعبية في ظلّ ارتفاع الأسعار الذي رافق الإعلان عن إقرار مشروع السلسلة فإنّ الهيئة تعلن الإضراب العام والشامل في الإدارات العامّة وفي المدارس والثانويات الرسميّة والخاصة وفي دور المعلمين والمؤسسات العامّة والبلديات، ابتداءً من صباح الاثنين 25 الحالي، على أن تبقي اجتماعاتها مفتوحة لاتخاذ الخطوات في ضوء التطوّرات، محتفظةً بحقّها بأعلى درجات التصعيد، بما في ذلك التظاهر والاعتصام وشلّ المرافق العامّة».

وشدّدت على «أنّ قطع الرواتب عن الموظفين والمعلمين والعسكريين هو إعلان صريح وقاطع عن فشل الدولة، وليس عن فشل الحكومة أو الطبقة الحاكمة فقط».

وأكّدت الهيئة «توفّر الأموال لدفع الرواتب على الأساس الجديد، وإذا كانت الحكومة مضطرّة لتخفيض الإنفاق، فليكن ذلك بإعادة جدولة فوائد الدَّين العام الذي يكلّف الدولة سنوياً 8000 مليار ليرة لبنانيّة، وهي تدفع بانتظام إلى أصحاب المصارف منذ 25 عاماً. فهل حقوق المصارف مُصانة وحقوق الناس مستباحة؟ نأمل من مجلس الوزراء في أن يكون على مستوى حقوق الشعب، وليس على مستوى ضغوط المصارف».

بدوره، أصدر الاتحاد العمالي العام بياناً، جاء فيه: «بعد عجز الحكومة عن تنفيذ القوانين التي تسنّها السلطة التشريعيّة، لا سيّما بعد التلويح بتأجيل أو تعليق قانون سلسلة الرتب والرواتب من قِبل مجلس الوزراء والانقلاب على الحقوق المكتسبة للموظّفين في الإدارات العامّة والمؤسّسات العامّة والمصالح المستقلة».

طالب الحكومة بـ»أن تلحق بركب العمال والموظفين، والمبادرة فوراً إلى تنفيذ قانون السلسلة بحذافيره والتفتيش لاحقاً عن الموارد الماليّة، لا سيّما أنّ الأمر لا يستدعي اجتراح حلول، فالمادة 20 من قانون السلسلة تنصّ على الإجازة للحكومة لفتح الاعتماد اللازم لتغطية كلفة تمويل السلسلة»، كما دعا المؤسّسات المصرفيّة والمالية إلى «المشاركة في العقد الاجتماعي، فلن نرضى أن يتغرّم العمال والموظّفون في حين أنّ جزءاً يسيراً من اللبنانيّين يتنعّم برؤوس الأموال والأرباح من دون أن تطاله الضرائب المباشرة وغير المباشرة».

وإذ حذّر من مغبّة الظلم والانقلاب على القوانين، فإنّه «لن يقف موقف المتفرّج على عجز السلطة عن إدارة شؤون البلاد وترك العباد تحت رحمة ذوي المليارات»، رافضاً «أيّ ضريبة على العمّال وذوي الدخل المحدود، ولا سيّما تلك التي كانت واردة في القانون الرقم 45/2017، وبخاصة الضريبة على القيمة المضافة»، داعياً الحكومة إلى «تصحيح عادل للأجور في القطاع الخاص عبر دعوة فوريّة للجنة المؤشر للانعقاد، والتركيز على سياسة اقتصادية واعية تخرج البلاد من التجاذبات في كلّ حين».

وأعلن الإضراب التحذيري الشامل اليوم في المؤسّسات العامّة والمصالح المستقلّة والبلديات في كافّة الأراضي اللبنانيّة، لا سيّما في المؤسّسات العامّة التالية: كافة البلديات، مرفأ بيروت، الضمان الاجتماعي، كهرباء لبنان، إدارة حصر التبغ والتنباك، أوجيرو، مؤسسات ومصالح المياه في كافّة المحافظات، النقل المشترك وسكك الحديد، الليطاني، اهراءات الحبوب في مرفأ بيروت وكهرباء قاديشا».

كذلك، دعا الاتحاد العمالي في الشمال، في بيان، «جميع العاملين في المؤسّسات العامّة والمصالح المستقلّة والبلديات وكهرباء قاديشا والريجي ومرفأ طرابلس ومصالح مياه الشمال ومراكز الضمان الاجتماعي في الشمال»، إلى الإضراب العام اليوم، وذلك رفضاً للضرائب الظالمة بحقّ العمال والفقراء بحجّة تمويل السلسلة، ودعماً لتطبيق قانون السلسلة التي هي حقّ لأصحابها، وتأييداً لموقف الاتحاد العمّالي العام الدّاعي للإضراب اليوم، وتوحيداً لمواقف الاتحادات العماليّة في لبنان.

وعقد «المجلس التنفيذي لاتحاد النقابات والمستخدمين» في محافظة بعلبك الهرمل اجتماعاً في مقرّ الاتحاد في بعلبك، للتشاور في آخر تطوّرات سلسلة الرتب والرواتب، وصدر عن المجتمعين بياناً اعتبروا فيه، أنّه «بعد جهود استمرّت لسنوات طويلة لتحصيل الحقوق، وبعد مخاض عسير، أٌقرّت السلسلة وأصبحت نافذة، وبعد قرار المجلس الدستوري بإيقاف العمل بالقانون الرقم 46 فوجئنا باجتماع ممثّلي الكتل النيابيّة وطلبهم اجتماع الحكومة لإيقاف العمل وتجميد دفع الرواتب عن شهر تشرين الأول، لذلك دعا المجتمعون إلى: دفع الرواتب على أساس الجداول الجديدة، التواجد مع رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر والالتزام الكامل بالقرار الذي سيصدر عن الاتحاد نهار الاثنين. الالتزام التام من قِبل النقابات المنضوية في اتحاد النقابات في محافظة البقاع بالإضراب العام والشامل دفاعاً عن حقوق الموظفين والمستخدمين والعمال».

وناشد المجتمعون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب ورئيس الحكومة، عدم تجميد العمل بسلسلة الرتب والرواتب «كي لا نضطر إلى الإضراب المفتوح، لما لها من سلبيّة على الدولة والمواطن».

كما دعا جميع العمال والنقابات في البقاع إلى «المشاركة والالتزام بالقرار الذي سيصدر عن الاتحاد العمالي العام بالإضراب للدفاع عن حقوق العمال».

وأعلنت رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في بيان، الإضراب العام والشامل اليوم «إثر التطوّرات المتسارعة التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، وتخفي في طياتها الالتفاف على تنفيذ قانون سلسلة الرتب والرواتب، بعد أن وضعت وزارة المالية كلّ الجداول لجميع الوزارات فأصبحت جاهزة كلّياً لتُدفع إلى مستحقّيها في الأول من الشهر المقبل. وبعد السيناريو الذي حصل، حيث ظهر جليّاً أنّ هناك نوايا مبيّتة لإيقاف العمل بقانون السلسلة والانقضاض على الحقوق المكتسبة خدمة لحيتان المال وتجّار الحرف ومغتصبي الأملاك البحرية والنهرية، تحت مسمّيات ومقاربات مختلفة تجافي الحقيقة، علماً أنّ تغطية السلسلة ولمدّة أكثر من ستة أشهر مؤمّنة وموجودة في المصرف المركزي حسب رأي أكبر خبراء المال».

ودعت نقابة المعلمين في بيان، جميع معلّمي المدارس الخاصة إلى التزام الإضراب في المدارس الخاصة، وأعلنت أنّ المجلس التنفيذي سيعقد عند العاشرة والنصف في مقرّ النقابة جلسة استثنائيّة مواكبة لموضوع وقف العمل بسلسلة الرتب والرواتب.

مواقف

وفي المواقف من التطوّرات الجارية بشأن السلسلة، أوضح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في مجلس عاشورائي في صير الغربية، أنّه يجب على الحكومة تنفيذ قانون السلسلة، وتبحث عن ضرائب تموّله «لذلك موضوع السلسلة لم يتغيّر».

وقال: «على الحكومة أن تؤمّن حقوق الناس، وهي تستطيع أن تؤمّنها، لو أقفلت مزراباً واحداً للسرقة والهدر فيتمّ تمويل السلسلة».

من جهته، طالب رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، بـ»الإسراع في إقرار الموازنة باعتبارها الأساس للسير بسلسلة الرتب والرواتب وضخّ الحياة في المشاريع المعيشيّة والحيوية، بعد الإرباك الذي خلفه قرار المجلس الدستوري».

وقال في بيان: «أصبح الاسترسال السائد في المساجلات مصدر تأخير وإعاقة للمشاريع المتكدّسة في وجه الحكومة، في ظلّ ظروف إقليميّة دقيقة تُملي على المسؤولين التوجّه فوراً إلى الأولويّات، وفي طليعتها الموازنة والسير بسلسلة الرتب والرواتب بفعل الإرباك الذي خلفه قرار المجلس الدستوري بإبطاله قانون الاجراءات الضريبيّة المموّلة لتلك السلسلة في الوسطين الحكومي والنيابي، وهو الأمر الذي يتطلّب تضامناً استثنائيّاً من جميع الأطراف. فالموازنة هي صمّام الأمان لتفعيل العمل والإنتاج، والكفّ عن التلهّي بالمباريات الإعلاميّة التي ملّها المواطنون الذين ينتظرون بفارغ الصبر بتّ موضوع الأجور، بعدما استنفد الغلاء مفعول الزيادات قبل إقرارها. وإذا كان اجتماع مجلس الوزراء الاستثنائي مؤشّراً لإخراج الجدل من دائرة القول إلى الفعل، فإنّ إقرار الموازنة لا يحمل أيّ تأخير جديد. ولئن أقرّت القوانين التطبيقية للمباشرة بتحضير مستلزمات استخراج النفط والغاز في النطاق البحري اللبناني، فلأنّ رئيس المجلس النيابي كانت له اليد الطولى في تسريعه في ألحّ الظروف التي تساعد لبنان على نشر شبكة الأمان على حقوقه البحريّة، وجعلها في خدمة النهوض بالأعباء والديون».

وأكّد الأمين العام لـ» التيّار الأسعدي» معن الأسعد في تصريح، أنّ «سلسلة الرتب والرواتب نافذة وفي ذمّة مالية الدولة، وأيّ تمنّع عن تنفيذها يعني إفلاسها وانهيارها أمام المجتمعين المحلّي والدولي».

ودعا السلطة الحاكمة إلى «كشف قيمة العجز في الدَّين العام، والإسراع في إحالة ملفّات الهدر والفساد على القضاء، وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم وإعطاء الأولويّة لقضايا الناس المعيشيّة والتربويّة والبيئية والصحية».

ورأى أنّ قبول المجلس الدستوري الطعن بقانون الضرائب «تاريخي، وخطوة أولى في رحلة الألف ميل لتحرير القضاء وإبقائه خارج دائرة التناتش السياسي والطائفي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى