فلتتوقف خطيئة الإعلام الكبرى: الدولة الإسلامية

روزانا رمّال

أصبح الحديث عن التورّط الأميركي الغربي بتكبير وحش «داعش» في الشرق أحد المسلّمات التي لا تعتبر تحليلاً أو استنتاجاً، إذا ما تمّ تحميلها المسؤولية أو أغدق المحللون والديبلوماسيون في بث معلوماتهم على وسائل إعلام المنطقة والعالم.

لعلها فضيحة مقتل الرهينة الأميركي الأخير الذي جاء بعد تحرير الرهائن الأتراك أحياء من يد «داعش» دليل لا يحتمل الشك بأنّ الولايات المتحدة لم تسع أصلاً إلى التفاوض من أجل إخراج الصحافيين والإعلاميين ومعها بريطانيا من أجل تحرير رقابهم من يد «داعش»، وبمعنى آخر أيدت أميركا وبريطانيا الذبح ولم تطلب وساطة من تركيا على سبيل المثال التي تقلّ نفوذاً عنها لكنها استطاعت التفاوض وإخراج أسراها أحياء…

على اي حال فإنّ ذبح الصحافيين تحديداً كان مقصوداً لأنه في هذه الحال سيهتمّ كلّ إعلام العالم بالإضاءة على ما يجري، ومن يذبح في الأراضي السورية على يد «داعش» وملاحقة للموضوع بتفاصيله وخلق حالة عاطفية لدى الشعوب الغربية وحالة وطنية عند رأي عام البلد المستهدف…

وعليه… وإذا كان وضوح تورّط الغرب والولايات المتحدة كأكبر قوى العالم فيها لماذا يمعن الإعلام بخطيئته الكبرى؟ الى متى ستبقى عبارة «الدولة الاسلامية» هي العبارة التي تطلق للنسبة الى «داعش»؟

لماذا الإساءة الى الإسلام الف مرة صبحاً وعشياً… والمساهمة المجانية بنشر مفردة أراد الغرب الترويج لها حيث يخرج أوباما على الرأي العام الاميركي بخطابه المحضّر الذي يتقن تقديمه للمستمع والمشاهد، وهو الذي يتقن الخطابة ويعرف تقنياتها ويقول سنحارب «الدولة الاسلامية»…

الإعلام الاجنبي وكبرى المؤسسات الإعلامية في العالم وجزء أساسي منها مملوك من رجال أعمال يدعمون صقور «إسرائيل» وساستها يروّجون لنفس العبارة، و لم يعد يُخفى على أحد أنّ التساؤلات بشأن الدين الإسلامي وفتاويه ونسبة الخير فيه من الشرّ أصبحت مواضيع برامج السهرات الأساسية في برامج عالمية تحصد مشاهدين مجموعهم ملايين ممّن يبنون ثقافتهم السياسية على مثل هذه البرامج كمصدر وحيد او مرجعية موثوق بها…

عندما تروّج الـ»cnn « و»fox news « وغيرها الى مفردة او عبارة «الدولة الاسلامية» لدى حديثها عن «داعش» فإنّ المستمع الغربي او المسيحي او اليهودي الذي لا يعرف شيئاً فعلاً عن الاسلام سيحفظ ويغرق في شيطنة الإسلام والنفور منه ومن معتنقيه! وعليه… لماذا يرتكب الاعلام العربي وهو اكثر من تتضرّر بلدانه من هذه الدولة الإرهابية ويستكمل الخطيئة الكبرى ويروّج عن غير قصد لما جهد الغرب سنوات لإيصاله، وإذ به اليوم يصل الى شعوب الشرق الاوسط خصوصاً العرب بلسانهم؟

اكبر خدمة لـ»إسرائيل» هي شيطنة الدين الاسلامي وتصويره المصدر الاساسي للارهاب في العالم، فتتشرعن اي خطة او هجمة على اي دولة اسلامية فتظهر «إسرائيل» وحلفاؤها كمن يحصد تعاطفا دوليا لحمايتها من هذا الوحش الذي يجب القضاء عليه وعلى شعبه…

الكل مسؤول… كل سياسي… كل اعلامي… كل صحافي… كل ناشط على صفحات التواصل عن الوقوف بوجه هذه الهجمة المنسقة على الدين الاسلامي لتمرير مخططات الغرب في الشرق الاوسط بسلام… لم يعد يحتمل اعتبار استخدام هذه العبارة موضوعيا او علميا لانها غير علمية بالمعنى الحقيقي للكلمة كدولة لها اصل وهوية وجغرافيا.

آن الاوان للذين يؤمنون بانّ «إمارة داعش» هي جسم سرطاني غريب الا يسهموا من حيث لا يدرون في تكوين قدسية ومهابة لا تستحقهما منطلقين من ان نصف الطريق في التضليل وزرع الاوهام هي «المصطلحات».

لقد بقي العرب يقولون «إسرائيل» ويسخرون من كلمة الكيان الغاصب حتى صارت «إسرائيل» حقيقة في وعي الناشئة وظهرت اجيال تسخر من الذين يدعون إلى إزالتها.

لمرة واحدة وأخيرة لنتفق على أنّ استخدام مصطلح «الدولة الاسلامية» هو إساءة إلى دين الاسلام وهو ترويج لخطيئة وهي بالمعنى الديني ارتكاب لمعصية وبالمعنى السياسي ارتكاب لجريمة.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى