نسناس: انتصار لبنان على الإرهاب يؤكد أنّه يستحقّ تحصينه اقتصادياً واجتماعياً وإنمائياً

في إطار مشروع تعزيز الحوار الاجتماعي في لبنان، وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي ووزارة العمل، عقد المجلس الاقتصادي الاجتماعي جلستي حوار عن «دولة الرعاية والحماية الاجتماعية»، في مقرّ المجلس، بحضور شخصيات سياسية واقتصادية اجتماعية وثقافية.

وتناولت الجلسة الأولى «العقد الاجتماعي» وتحدث فيها وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي روجيه نسناس، المدير العام لوزارة العمل جورج ايدا، رئيس الاتحاد العمالي الدكتور بشارة الاسمر، والخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان.

رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي

بداية، تحدث نسناس فقال: «في إطار نهوض لبنان نحو دولة الإنماء، نظمنا قبل أسابيع ورشة عمل عن «أزمة الاقتصاد والإصلاحات العاجلة»، ونحن اليوم هنا في الإطار نفسه، في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، منبر الحوار الميثاقي بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، وبالتعاون مع الاتحاد الاوروبي ووزارة العمل، نلتقي حول موضوع «دولة الرفاهية ودولة الحماية الاجتماعية. ويدفعنا إلى ذلك الحرص على المتابعة من أجل ترسيخ الأفكار الإصلاحية والعزم على استنفار القدرات وعلى استنهاض التوجهات في القطاعين العام والخاص، وفي المجتمع المدني، للانخراط جميعا ومعا في إرساء ورشة النهوض وركائزها الأساسية، ساعين إلى تقريب المسافة بين الطموح والواقع: فبلدي غني بالطاقات التي تعرف كيف تصنع من العجز المعجزة. والدليل، أنه رغم معاناة النزف والتهجير التي اندلعت عندنا قبل أكثر من 40 عاما، وعلى رغم تقلب الأحداث من حولنا، بقي لبنان واقفاً يتطلع إلى الأفضل».

وأضاف: «لم يعد من الجائز الانتظار، في بلد حقق جيشه هذا الانتصار. إن ما أنجزه جيشنا في الجرود يؤكد أنّ لبنان يستحق أن نبادر معا إلى تحصينه اقتصادياً واجتماعياً وإنمائياً».

ووجّه نسناس تحية، باسم المشاركين، إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي «على أداء ولو جزء من مهمته رغم انتهاء ولاية هيئته العامة منذ أعوام، بالرغم من عدم وجود عدد كاف من الموظفين»، شاكراً «المدير العام الدكتور فاروق ياغي والأسرة الإدارية على أعمالها».

وتابع: «كنا أعلنا في السراي عند إطلاق «نهوض لبنان، نحو دولة الانماء» أنّ للنهوض مرتكزات ومن أبرزها: التعافي الاقتصادي، والأمان الاجتماعي، والإصلاح الإداري.

في ما يتعلق بالمرتكز الاجتماعي، نحن نتطلع إلى تكامل الجهود في اتجاه الحلول العلمية والعملية للواقع الاجتماعي انطلاقاً من توجهين:

أولاً: الحديث عن الموضوع الاجتماعي لا يمكن أن يكون منفصلاً، في أي شكل، عن موضوع التعافي الاقتصادي: فكما النهوض الاقتصادي يستدعي إرساء الأمان الاجتماعي، كذلك الأمان الاجتماعي يستلزم ألا يتحقق على حساب التعافي الاقتصادي.

ثانياً: إنّ المعالجة الاقتصادية ـ الاجتماعية تشكل مدخلاً للحوار وللتوافق حول النهوض والإصلاح وبناء دولة الإنماء.

معنى ذلك، أنّ المعالجة الاجتماعية المجتزأة لن تجدي: فتفاقم البطالة، وأعباء الصحة والطبابة والاستشفاء، والفاتورة المدرسية والجامعية، وأخطار البيئة باتت كلها أكبر من قدرة قطاع واحد على التصدي لها ولمضاعفاتها.

المطلوب عقد اجتماعي حديث، لا سيما أنّ ثمة خلل راح ينشأ بين تطور أسعار الاستهلاك وتطوير مستوى الأجر الفعلي. وقد برز ذلك على صعيد التقديمات الاجتماعية كخدمات التقاعد والصحة ونوعية التعليم، وتأمين الكهرباء والماء والنقل العام والرعاية الاجتماعية».

واعتبر «أنّ هذا الأمر يستدعي بإلحاح أن يشمل العقد الاجتماعي الحديث إعادة النظر في نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وضمان الشيخوخة».

وأكد نسناس «أنّ الحاجة باتت ملحة إلى إرساء برنامج اقتصادي اجتماعي هادف، يأخذ في الاعتبار الأعباء المتراكمة، والحاجات الحالية الضاغطة، والمتطلبات المنشودة والكفيلة أن تقود مجتمعنا إلى الترقي الاجتماعي والمدني، كما يأخذ في الاعتبار تقلبات الجوار وما تتركه من انعكاسات، وفي طليعتها مسألة النزوح السوري وآثاره على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وأيضاً على الواقع الأمني والوطني».

وأعلن أنه بدأ على رأس رابطة المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية، بالاتصال باتحاد المجالس الأوروبية، وجمعية المجالس الدولية لعقد ندوة لبنانية – عربية – متوسطية، في بيروت، «رائدة قضايا الحق والتنمية، للوقوف على مضاعفات هذا النزوح على البلدان المعنية ولا سيما لبنان والأردن الشقيق، وللسعي إلى دعمنا في التصدي لهذا الملف الذي باتت أثقاله تفوق قدرة لبنان على التحمل».

وختم نسناس: «ليس أمامنا إلا الحوار والتوافق. وليس أمامنا إلا الإقدام حتى نتقدم. فلنتكاتف جميعاً من أجل النهوض والإنماء».

وزير الشؤون الاجتماعية

وتطرق الوزير بو عاصي إلى «دور القطاعين العام والخاص والمجتمع إذ لا يمكن الفصل بينهم»، مشدّداً على أنّّ «المواجهة أسوأ ما يمكن أن يجري بينهم، فالقيم المشتركة تجمع المجتمع اللبناني وهي تتطور مع تطور المجتمعات»، لافتاً إلى «أننا في حاجة إلى توضيح لهذه القيم التي تجمعنا».

وأكد أنّ من الأفضل أن تتبع الدولة «سياسة اجتماعية متكاملة مرتبطة بالضرائب وغيرها، إلا أنها لا تنفذ وللأسف في لبنان والموزانة خير دليل على ذلك»، معتبراً أنّ «الوضع الحالي ليس الأمثل والأفضل الذي يساهم في وضع تصور اجتماعي». وأوضح أنها «تكرس مبالغ كبيرة في وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة للمساعدات الاجتماعية والصحية».

الأسمر

واعتبر الأسمر أنّ «أحد أهم متطلباته هو التكامل وليس التعاطي الفوقي، لأنّ الحكومة تمتنع عن تنفيذ القوانين بحجة عدم وجود التمويل وعدم وجود الدراسات بعد خمس سنوات، وإنّ أهم متطلباته التكافؤ في التعاطي حول قانون الشيخوخة والتقاعد في ظل وجود خلل في التعاطي حول قانون الشيخوخة والتقاعد في ظل وجود خلل كبير في الواقع الاجتماعي ناتج مما يحصل على الأرض والذي لا يبشر بالخير، وإن أهم متطلبات العقد الاجتماعي هو مع من يدرس الضرائب في السراي بعد إصدار القوانين ثم إبطالها، على رغم وجود تهرب ضريبي يقدر بأكثر من 4 مليارات دولار في العام الماضي».

وأكد أنّ «العقد الاجتماعي يتطلب التكافؤ وهو غير متوافر لكنه سيتوافر بوجود اتحاد عمالي عام قوي يتصدى لكل شيء»، رافضاً «زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 إلى 12 في المئة»، كما طرح عليه «لتوفير كلفة السلسلة»، معلناً «أننا أمام أزمة بنيوية بسبب عدم وجود الثقة وعدم وجود اعتراف بالآخر، ولذلك فإنّ المطلوب أن تبادر الحكومة إلى حوار جدي قبل فرض اتفاقات».

حمدان

ولاحظ حمدان أنّ «النموذج الاقتصادي والاجتماعي المترسخ منذ عقود في لبنان لم يعد قليلاً للاستمرار، وقد ترسّخت منذ التسعينات مجموعة من الظاهرات التي انطوت، في مصلحتها العامة، على تعاظم استقطاب الثروة والدخل في البلاد، الأمر الذي انعكس بوضوح في تعمق الخلل بين مكونات الناتج المحلي القائم ـ الأرباح الرأسمالية والأجور والفوائد ـ وفي ازدياد تركز الودائع الثروة والتسليفات، إضافة إلى علبة السمة شبه الاحتكارية على بنية الأسواق الداخلية وأسواق الاستيراد، حسبما أظهرت الدراسات الإحصائية المتاحة، وكنتيجة لهذا الاستقطاب المتزايد، اتسعت دائرة الفقر والتفاوت الاجتماعي وتعمقت أوجه عدم المساواة، وانفصمت العلاقة بين الأجور، من جهة، وخطي الفقر الأدنى والأعلى، من جهة ثانية، مع تميز هذه الظواهر بأبعاد قطاعية ومناطقية، في بلد يعاني أصلاً انقسامات على غير صعيد».

وأضاف: «ينبغي الإقرار، في هذا المجال، بوجوب إعادة النظر في مفهوم الاتفاق الاجتماعي بصيغته الراهنة، وصولاً إلى اعادة تحديد معاييره وآليات الرقابة عليه وكذلك آليات التثبت من آثاره المباشرة على الفئات المحدّدة التي يستهدفها. كذلك ينبغي الانتقال من صيغة للإنفاق الاجتماعي تقوم على تشتت هذا الأنفاق بين مشاريع معزولة ومنفصلة ولا ارتباط بينها، إلى صيغة يصبح معها الأنفاق الاجتماعي جزءاً من خطة اجتماعية متكاملة ومحددة الأهداف والبرامج والمشاريع، فضلاً عن الآليات والمؤسسات، ويبقى التحدي الكبير في تحديد الفئات والمجموعات المستهدفة بشكل موضوعي ودقيق في كلّ حقل من حقول الخدمة الاجتماعية، على نحو يقلل من تدخل الاعتبارات القائمة على علاقات الانتفاع الزبائني والعصبيات العائلية والمناطقية والطائفية والمذهبية الضيقة التي تزيد كلفة الإنفاق الاجتماعي وتحرفه عن الأهداف الحقيقية المرجوة منه».

مدير عام وزارة العمل

وتحدث أيدا عن «دور وزارة العمل في توفير فرص عمل للبنانيين والاستخدام العادل للعمال اللبنانيين وإحياء المركز الوطني للتدريب المهني»، معتبراً أنّ «التعليم هو الأساسي في بناء الإنسان»، مطالباً بـ»إعطاء منح التعليم للموظف الذي يدرس أولاده في مدارس خاصة».

وتساءل عن «طريقة توفير فرص العمل للعاطلين عن العمل في ظل وجود 72 جامعة تخرج آلاف الطلاب، وبالتالي مطلوب إعادة النظر في مستوى التعليم».

مجدلاني

وتحدث في الجلسة الثانية رئيس لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية النائب عاطف مجدلاني عن «صندوق التعاضد والحماية الاجتماعية».

وشكر نسناس على «هذا اللقاء الضروري لكي يتم التواصل بين أفرقاء الإنتاج الذين هم أساس العملية الاقتصادية». وقسّم الشعب اللبناني إلى أربعة أقسام: القسم الأول وهم موظفو الدولة الذين يشكلون 22 في المئة ولديهم كل العطاءات والتقديمات الصحية، القسم الثاني فئة المضمومنين المنتسبين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهم يشكلون 30 في المئة من الشعب اللبناني ولديهم كل العطاءات الصحية، القسم الثالث وهم 10 في المئة وهم فئة الناس الميسورين ولا يتمتعون بالتغطية الصحية، والقسم الرابع فئة الشعب ونسبتهم 38 في المئة الذين لا يفيدون سوى من تقديمات وزارة الصحة».

ونوه بالاقتراحات التي قدمها وأولها توفير التغطية الصحية للمتقاعدين في الضمان «وقد بدأوا الإفادة منها اعتباراً من 16 شباط الماضي، والمشروع الثاني تأمين البطاقة الصحية الشاملة للإفادة من تقديمات وزارة الصحة».

واعتبر رحمة أنّ «أهم موضوع هو تغطية ضمان الشيخوخة».

ثم تحدث الخبير رفيق سلامة والخبير في شؤون التأمين أنطوان واكيم وكان منسق الحوار كميل منسى.

بعد ذلك دارت مناقشات حول الموضوعين اللذين طرحا في الحوار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى