مجلس الوزراء: دفع الرواتب على أساس السلسلة وتسوية حول الموازنة وقطع الحساب
أعلن رئيس الحكومة دفع «السلسلة في الوقت الذي يجب أن تُدفع فيه»، مطمئناً إلى أنّه سيتمّ التوصّل إلى سُبل لتمويلها السلسلة»، وأشاد بـ»التوافق السياسي» الذي يسمح لمجلس الوزراء بالإنجاز وبإيجاد الحلول والتسويات، التي شملت مفاعيلها هذه المرّة، السلسلة والموازنة.
وفور إعلان الحريري دفع الرواتب على أساس السلسة، أعلن الاتحاد العمّالي العام وهيئة التنسيق النقابيّة تعليق الإضراب والعودة إلى العمل.
وكان الحريري ترأّس أمس جلسة مجلس الوزراء في السّراي الحكومي، وتمّ خلالها استكمال البحث واتّخاذ القرارات بخصوص موضوع سلسلة الرتب والرواتب ومشروع قانون الضرائب. استهلّ الرئيس الحريري الجلسة بتوجيه الشكر للجميع «على الجهد الكبير الذي يُبذل للوصول إلى التوافق على الحلول المطروحة». وقال: «إنّ من شأن التوافق إنقاذ البلد من أزمة، وتمكيننا من اتّخاذ قرارات للحفاظ على الوضع المالي مع تأمين دفع السلسلة وتوفير الإيرادات المطلوبة». وأضاف: «إنّ ما حصل يتطلّب منّا جميعاً أن نعمل بهذه الروحيّة والأسلوب، إنْ كان بالسياسة أو بالاقتصاد أو بتأمين المتطلّبات الأساسية للمواطن، كالكهرباء وغيرها من الأمور»، مشدِّداً على «أنّ التجاذب والخصام هما أعداء البلد، ولا يصبّان في مصلحة إدارة الدولة وتسيير أمور المواطنين».
وبعد الجلسة، أكّد الحريري في تصريح، أنّ «الحكومة مصرّة على تنفيذ السلسلة والمحافظة على الاستقرار المالي»، مشيراً إلى «أنّنا جهّزنا قانوناً معجّلاً مكرّراً لإقرار التعديلات على قانون الضرائب ».
أضاف: «قلت إنّ الحكومة ستبحث عن حلّ يؤمِّن تنفيذ السلسلة والإيرادات بالتعاون مع المجلس النيابي، وبعد 4 جلسات خصّصتها الحكومة لهذا الموضوع توصّلنا إلى قانون يتضمّن التعديلات الضريبيّة اللازمة لإرسالها إلى المجلس النيابي في أسرع وقت، واتّفقنا على صيغة لقطع الحساب لإقرار الموازنة سريعاً، وما حصل هو أنّه واجهتنا مشكلة كانت ضمن لعبة المؤسّسات الدستورية وليست ضمن السياسة وبالتوافق السياسي، ونحن اليوم لولا وجود التوافق السياسي كنّا دخلنا بمئة قصّة أسوأ، وكان كلّ شخص تمترس وراء موقفه السياسي».
وأشار الحريري إلى أنّ «هذا التوافق السياسي كنّا حريصين عليه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ، وهو ما أنتج الحلّ الذي كان يعتقد البعض أنّه سيكون معقّداً. هذا التوافق هو الذي يؤسِّس كيف نحكم هذا البلد، وكيف نضع مصالح المواطنين قبل مصالح الأحزاب، وكيف نحافظ على مالية الدولة وحقوق اللبنانيّين».
وتوجّه إلى النقابات بالقول: «أعرف أنّه كان هناك خوف ممّا سيحصل بالسلسلة، لكن تأكّدوا أنّ هذه الحكومة حرصت من الأساس على الموافقة على السلسلة مع الإصلاحات والضرائب، وهذه الحكومة أقرّت السلسلة والإصلاحات والضرائب. سيتمّ الدفع ضمن السلسلة، وهذا الأمر الذي توجّب علينا أن نعقد جلسات مكثّفة وأنجزنا ما يجب علينا إنجازه، وهذا سببه التوافق السياسي، وكلّ الفرقاء عملوا ليلاً نهاراً لإيجاد هذا الحلّ. الكلّ أراد التعاون، ومن أوّل لحظة قلنا هذا الأمر، لكن هناك من حاول إظهار أنّ هناك فريقاً يريد السلسلة وفريقاً لا يريدها، إلّا أنّ ما حصل كذّب هذا الأمر وبرهن أنّ الجميع يريد السلسلة».
وأكّد الحريري، أنّ «الإيرادات ستؤمّن ونحن لا نلعب، نحن جدّيون في هذا العمل، ولا نلعب بلقمة عيش الناس، ونحن جدّيون أيضاً بأن نحافظ على مالية الدولة والاستقرار المالي في البلد، هناك مشكل في البلد، لا مال، ونحن نحارب من أجل رفع النمو في البلد، وكنت أتمنّى أن لا تحصل هذه المظاهرات وأن تكون هناك ثقة في مكان ما، والحكومة أنجزت السلسلة ولو لم تنجزها كنت أفهم التحرّكات، قمنا بما قمنا به لأجل كلّ اللبنانيّين، وليس من أجل إرضاء الإدارات في الدولة نخرب بيوت كلّ العالم».
وأضاف: «نحن في لبنان هناك وضع خاص بموضوع قطع الحساب، حصل هناك تصفير للحسابات في العام 93، ومجلس النوّاب قام بقطع الحساب، نحن من أول ما بدأنا في الحكومة حاولنا أن تنتظم الأمور، لكن عدم وجود الموازنة خرق للدستور والموازنة ستكون قبل قطع الحساب».
وتابع الحريري: «أنا متحالف مع الرئيس عون و رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وكلّ القوى السياسية، هناك وجهات نظر مختلفة وهذه الديمقراطية، ونحن عملنا أن نجعل الجميع يلتقون على رأي واحد. المشكلة أنّه حصل طعن، و المجلس الدستوري أخذ قراراً في هذا الطعن ونحن احترمنا هذا القرار»، مشيراً إلى «أنّنا أخذنا قرارات ولا أزمة بين رئاسة مجلس النوّاب و رئاسة الجمهورية ، وهناك خلاف بموضوع النأي بالنفس. وبالنسبة لي، لست مستعدّاً للتعامل مع النظام السوري لا من قريب ولا من بعيد، ولست موافقاً على لقاء رئيس «التيّار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلم ».
وأشار إلى أنّ «هناك أموراً تكلّم عنها برّي بكلّ وضوح بما يخصّ حقّ مجلس النوّاب بإقرار ضرائب متى يريد، لذلك نحن نعرف ماذا نفعل، وأخذنا كلّ الملاحظات الموجودة في قرار المجلس الدستوري، ونأمل أن لا يتمّ الطعن مرة أخرى. هذه هي الديمقراطية، لكن الأهم هو أنّ التوافق السياسي أوجد كلّ الحلول للخروج من أزمات كانت ستدخلنا بالحائط».
وشدّد على أنّ «الطلاب عليهم العودة إلى مدارسهم والإدارات يجب إعادة فتحها، وما قمتم به ليس له جدوى، لأنّ الحكومة تقوم بواجبها، السلسلة ستُدفع كما أُقرّت».
وفي وقت أُفيد أنّه تمّ الاتفاق على فتوى قانونيّة تسمح بإقرار الموازنة بمعزل عن قطع الحساب، على أن تنجز وزارة المالية القطوعات في مهلة لا تتجاوز الستة أشهر وسيتمّ تضمين الموازنة «الفتوى» العتيدة ، سجّل وزراء «القوّات» تحفّظهم على هذه النقطة، معتبرين أيّ إقرار للموازنة بلا قطع الحساب غير دستوري. أمّا وزيرا «اللقاء الديمقراطي» مروان حمادة وأيمن شقير، فتحفّظا على البند المتعلّق بالأملاك البحريّة. وفي ضوء الاتفاق هذا، دعا وزير التربية مروان حمادة الطلاب إلى الاستعداد للالتحاق بمدارسهم ابتداءً من الاثنين المقبل، فيما أُفيد أنّ وزير المال علي حسن خليل أبلغ قائد الجيش أنّ رواتب العسكريّين ستكون جاهزة بدءاً من صباح اليوم.
العودة إلى العمل
وفور انتهاء الحريري من تصريحه، أعلن الاتحاد العمّالي العام في بيان عن «تعليق الإضراب في جميع القطاعات».
وجاء في البيان: «بعدما أقرّ مجلس الوزراء أخيراً دفع متوجّبات سلسلة الرتب والرواتب على أساس الجداول الجديدة، بعد التحرّكات والضغوط الواسعة التي تجسّدت بالإضراب العام والاعتصام الشعبي والإداري الذي قاده الاتحاد العمالي العام، يعلن الاتحاد تعليق الإضراب في جميع القطاعات التي دعا إليها من المرفأ والإهراءات، إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقطاعات الكهرباء والمياه والنقل والاتصالات والريجي والبلديات والمستشفيات الحكوميّة وسواها من النقابات والاتحادات التي لبّت الدعوة في هذه المواجهة المحقّة دفاعاً عن مصالح العمال والموظفين».
وإذ شكر الاتحاد «الزملاء في هيئة التنسيق النقابيّة وروابط المعلمين لموقفهم الصلب في هذه المواجهة»، شدّد على «أهميّة استمرار وتطوير التنسيق لصالح الطبقة العاملة»، متوجّهاً بالتحية إلى جميع الذين وقفوا إلى جانبه من قوى سياسية وأحزاب وكتل نيابيّة للوصول إلى نتائج إيجابيّة.
وأكّد «رصد التطوّرات والمعالجات التي ستلجأ إليها الحكومة والمجلس النيابي، خصوصاً في ما يتعلّق بوجهة التعديلات المقترحة على المادتين 11 و17 من القانون رقم 45 المتعلّق بالضرائب»، معلناً سلفاً «رفضه المطلق لاستبدال أيّ ضريبة على أصحاب الأموال بفرض ضرائب على العمال وذوي الدخل المحدود والفئات الشعبيّة، وخصوصاً ضريبة القيمة المضافة الـT.V.A. بل يكرّر مطالبته بإلغائها مع جميع الرسوم والضرائب التي طالت الفقراء، وإعادة تحصيلها من أصحاب الثروات الطائلة».
وإذ شكر الاتحاد جميع عمال لبنان على التفافهم ودعمهم له، طلب إليهم المزيد من الوحدة والاستجابة لدعواته والبقاء على كامل الجاهزيّة لاستكمال معركة رفع الحدّ الأدنى وتصحيح الأجور عبر دعوة لجنة المؤشّر للانعقاد فوراً، مع تأكيد إبقاء جلساته مفتوحة لمتابعة كافّة التطوّرات.
بدورها، علّقت الهيئة الإداريّة لرابطة موظّفي الإدارة العامّة إضرابها المفتوح وكلّ الإجراءات والتحرّكات المطلبيّة المتعلّقة به، لا سيّما التحرّك الذي كانت تزمع إنجازه في مطار بيروت بإقفال الأجواء.
وأشارت في بيان، إلى أنّه «بناءً على القرار الصادر عن جلسة مجلس الوزراء في جلسته اليوم الجمعة أمس الموافق فيه 29 أيلول 2017، والقاضي بتحويل رواتب الموظفين وكلّ العاملين في القطاع العام وفق قانون سلسلة الرتب والرواتب الرقم 46/2017، تعلن الهيئة تعليق إضرابها المفتوح وكلّ الإجراءات والتحرّكات المطلبيّة المتعلّقة به، لا سيّما التحرّك الذي كانت تزمع إنجازه في مطار الشهيد رفيق الحريري في بيروت بإقفال الأجواء».
كما أعلنت أنّها «مستمرّة بمعالجة الشوائب التي تضمّنها قانون السلسلة، والتي أهمها وأكثرها إلحاحاً تلك التي تلحق غبناً ببعض الفئات والشرائح الوظيفيّة من فئة رابعة رتبة ثانية، وفئة خامسة وأجراء ومتعاقدين ومستخدمين، بالإضافة إلى ما يتعلّق بدوام الموظفين».
وشكرت الهيئة «كلّ من ساهم وساعد وشارك في إنجاز هذه السلسلة»، مهنّئةً «الموظفين المناضلين الشرفاء في معركة الكرامة والحق»، وأكّدت أنّ تعليق إضرابها «مرتبط ارتباطاً وثيقا بما قد يصدر عن الدولة لاحقاً من قرارات تمسّ الحقوق، ونحن في كامل جهوزيّتنا لمواجهة المستجدّات».
كذلك، أعلن المراقبون الجويّون العاملون في مطار بيروت في بيان، أنّه «نتيجةً لإرسال المعاشات بناءً على السلسلة الجديدة، وبناءً على القرارات الأخيرة في مجلس الوزراء بضمان دفع السلسلة في الأشهر المقبلة، تصدر اللجنة توصية بتعليق الإضراب وتأجيله إلى موعد لاحق للمطالبة بالأمور الخاصة بالمراقبين».
إلى ذلك، أكّد الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان ببيان، موقفه الداعي إلى «إعطاء الحقوق المكتسبة والمستحقّة للعمّال»، مشدّداً على أنّ «هذه الحقوق ليست منّة لا من حكومة ولا من رئيسها ولا من كتلة نيابيّة، بل هي حقوق كرّستها المواثيق والقوانين والدستور»، لافتاً إلى أنّ «ما جرى خلال الأيام السابقة من محاولات لحرمان الموظفين في القطاع العام من سلسلة الرتب والرواتب، يكشف كيديّة هذه السلطة والتعاطي الزبائني مع العمال، والذي هو جزء من عمليّة تقاسم الحصص وإذلال الموظّفين في لقمة عيشهم».
كما أكّد الاتحاد، «إعطاء العمال المياومين في مؤسّسات القطاع العام والضمان الاجتماعي، وخاصة عمال المدارس الذين حُرموا من أيّ زيادة على رواتبهم، بدل أيام التعطيل في الإضراب، وأن تتحمّل وزارة التربية والمدارس وكافّة المؤسّسات بدل أجور المياومين ودفعها لهم، وأن تعمل على رفع رواتبهم للعيش بكرامة».
وجدّد موقفه بـ»استكمال معركة تصحيح الأجور ورفع الحدّ الأدنى إلى مبلغ 1200000 ل.ل وإقرار السلّم المتحرّك للأجور»، داعياً إلى «تفعيل التحرّكات في هذا المجال دفاعاً عن لقمة العيش الكريمة».
اجتماع جمعية المصارف
إلى ذلك، وجّه رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، دعوة طارئة إلى أعضاء مجلس الإدارة، للاجتماع قبل ظهر اليوم في مقرّ الجمعية، من أجل البحث في المستجدّات، لا سيّما ما يتعلّق بموضوع الضرائب.
ويأتي هذا الاجتماع في ضوء اللقاء الذي عُقد بين الرئيس الحريري ورئيس اتحاد الغرف اللبنانيّة محمد شقير نهاية الأسبوع الفائت، حيث اتّفق الجانبان على أن تقدّم الهيئات الاقتصادية ورقة إلى الرئيس الحريري تتضمّن بعض الضرائب التي تساعد على تأمين كلفة السلسلة. وأجرى شقير لهذه الغاية، اتصالات برئيس جمعية المصارف للبحث في كيفيّة تأمين موارد لتغطية هذه الكلفة.