صنّاع التاريخ والبطولات أسماؤهم خالدة… وفي قاموس الأذلاء تنعدم معاني الكرامة الوطنية
كتب يوسف الصايغ
البعض في لبنان لا يُستفزّ حين تُقطع الطريق لإضاءة صخرة الروشة بألوان علم فرنسا التي استعمرت بلادنا ونكّلت بشعبنا، ولا عندما تُقطع تضامناً مع مجرمين قتلوا ضباط الجيش اللبناني وجنوده، ولا عندما تمرّ مواكب السفارة الأميركية مزوّدة برشاشات ثقيلة وربما بصواريخ «توماهوك»! لكن هذا البعض يُستفزّ عندما يمتلئ شارع الحمرا في بيروت بالحشود من مختلف الأجيال إحياء لذكرى عملية «الويمبي» التي نفّذها البطل القومي خالد علوان قبل خمسة وثلاثين عاماً ضدّ الاحتلال اليهودي!
البعض من اللبنانيين، لا يعرف ما هو العار وما هو الشرف، لذلك يُستفزّ عند كلّ مناسبة يقيمها الحزب السوري القومي الاجتماعي إحياء لإنجازاته في المقاومة ولذكرى شهدائه في مواجهة الاحتلال اليهودي.
مَن تستفزه سيرة المقاومة ومسيرتها، لا توضَع مواقفه في خانة حرية التعبير، بل تكشف عن نقص حادّ في الكرامة الوطنية يصل حدّ الضحالة.
ولهذا البعض نقول: إنّ رصاصات خالد علوان أردت ضباطاً وجنوداً صهاينة، وأجبرت العدو اليهودي على التقهقهر والاندحار، وأعادت لبيروت هويتها وكرامتها، عاصمة حرّة أبية مقاوِمة عصيّة على الغزاة والمحتلين.
في قاموس الأذلاء تنعدم معاني الكرامة الوطنية، وفي سلوكهم حضور دائم على موائد السفارات والدواوين الملكية، لذا، من الطبيعي أن ينظروا إلى أيّ محطة من محطات المقاومة المشرقة والمشرّفة للبنان واللبنانيين بمنظار غير أخلاقي وغير وطني.
في قاموس الأذلاء العمالة وجهة نظر! والتطبيع مع العدو حرية تعبير! وكم من هؤلاء في لبنان يرتكبون فعل العمالة السوداء تحت مسمّيات وذرائع شتى لكن التاريخ واضح، وصفحاته تميّز بين مقاوم عمل مَن أجل أن يبقى لبنان حراً سيداً مقاوماً، وبين مَن عمل من أجل تسليم لبنان إلى أرييل شارون ومناحيم بيغن وعملائهم في الداخل، ومِن بينهم أولئك الذين ينزعجون من الاحتفاء بالمناسبات الوطنية كعملية «الويمبي» التي يجب أن تدوّن في كتب التاريخ كإحدى محطات لبنان المشرّفة في تاريخ الصراع من أجل أن يبقى لبنان.
بالفم الملآن نقول… نحن أسقطنا مشاريع التقسيم والكانتونات، وتصدّينا للفتن المذهبية والطائفية، وقاومنا العدو بوجهيه الإرهابي والصهيوني، وشهداؤنا هم حبر التاريخ، صنعوا مجد الوطن، وانتصروا لقضية تساوي وجودهم.
بالفم الملآن نؤكد أنّ خالد علوان وسائر المقاومين الأبطال، يعانقون المجد العابق بالنصر والشهادة، وأنّ حفنة أذلاء لا يستطيعون تشويه المحطات المضيئة التي صنعت فجر بيروت. فبعض الأبواق أعجز من أن تلطخ تاريخ المقاومين الشرفاء، تماماً كما عجز البعض قبل سنوات عن تلطيخ صورة الشهيد البطل خالد علوان بألوان عمالتهم، عندما اعتدوا على اللوحة التذكارية التي تحمل صورته وتؤرّخ عمله البطولي. وأمثال خالد علوان وباقي المقاومين الأبطال لا ينتظرون تكريمهم بلوحة هنا أو شارع باسمهم هناك، لأنّ أفعالهم خلّدت أسماءهم ولم تعد تتسع لها اللوحات، وصنّاع التاريخ لن ينال منهم إعلام مأجور أو بوق مدفوع الثمن سلفاً.