مباركة لكم السلسلة… فمتى موعد قلب الطاولة؟
وليد عبد الصمد
مخاض صعب استمر ستة أعوام طوال لإقرار سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام.
هذه السلسلة هزت مالية الدولة وكادت تطيح بالتضامن الحكومي قبل الإقرار وعند الطعن بقانون الضرائب لدى المجلس الدستوري.
كما أنها ستضع على كاهل المواطن أعباء ضريبية جديدة وستظهر ارتفاعاً في أسعار بعض السلع، وستكلف الخزينة العامة بحدود 800 مليون دولار.
هذا الرقم تافه بالمقارنة مع حجم الاقتصاد اللبناني والمديونية العامة للدولة والبالغ بأفضل التقديرات 80 مليار دولار وبالمقارنة مع الصفقات التي حيكت وتحاك على الوطن الهندسة المالية مع المصارف 5.4 مليار دولار وبواخر الكهرباء 1.8 مليار دولار .
وأمس تمّ دفع رواتب القطاع العام من موظفين وأساتذة وعسكريين ومتقاعدين وفقاً لهذه السلسلة ليتبيّن للجميع حجم الزيادات على الرواتب بالمقارنة مع سلسلة العام 1996 وقد تمّ التوافق بعد نضالات طويلة وأخذ وردّ على اعتماد نسبة زيادة توازي 121 في المئة من راتب 1996 وذلك اعتباراً من العام 2012 والتي أصبحت اليوم بحدود 150 بعد إضافة نسب التضخم عن الفترة السابقة بعد حسم زيادة الـ 2008 وغلاء المعيشة للعام 2012 لتأتي النسب على الشكل التالي:
ـ موظفو القطاع العام بفئاته العليا الأولى والثانية والثالثة بعد إضافة 3 درجات 174 في المئة.
ـ موظفو القطاع العام بفئاته الدنيا الرابعة والخامسة بعد زيادة 3 درجات 154 في المئة.
ـ أساتذة التعليم الرسمي بعد إضافة 6 درجات 106 في المئة.
ـ العسكريون الضباط بفئاتهم كافة 80 في المئة.
ـ العسكريون الرتباء والأفراد 97 في المئة.
ـ المتقاعدون موظفون وأساتذة وعسكريون 100 ألف ليرة فقط على أن يدفع جزء ثان من الزيادة بعد عام وجزء ثالث بعد عامين.
ـ سلسلة رتب ورواتب أقلّ ما يُقال فيها إنها دمّرت كلّ مقايس ومفاهيم العدالة الاجتماعية والمساواة الوظيفية من حيث نسب الزيادات، كما أنها حرمت جميع المستفيدين منها من حقوق المفاعيل الرجعية عن أكثر من 5 سنوات، والتي لا تقلّ عن 22 مليون ليرة لكلّ مستفيد، كما حرمت المتقاعدين من حقوقهم التي تمّت تجزئتها على ثلاث سنوات بما يوازي على أقلّ تقدير 5 ملايين لكلّ منهم.
هذا بالإضافة إلى حرمان المتقاعدين من الحصول على فروقات تعويضات نهاية الخدمة وفقاً لغلاء المعيشة وقيمتها لا تقلّ عن 10 ملايين لكلّ متقاعد بعد الأول من شباط 2012 والتي تمّ إقتطاع المحسومات التقاعدية عنها التي توازي بالحدّ الأدنى 760 الف ليرة .
ولا ننسى أساتذة التعليم الخاص الذين يستفيدون من أحكام هذا القانون وتمتنع المدارس الخاصة عن تنفيذها الا بعد زيادة الأقساط وبنسب كبيرة، وذلك بغضّ النظر عن كلّ الزيادات السابقة للأقساط من العام 2012 والتي أدرجت تحت خانة التحضير لدفع السلسلة لهؤلاء الأساتذة.
كما أنّ المؤسسة العسكرية قد أعادت الضمائم الحربية المقتطعة عن فترة تمتدّ بين العامين 2001 و2006 وذلك لعسكريي الخدمة الفعلية فقط بتاريخ صدور القرار في شهر نيسان 2017 ما حرم العسكريين كافة الذين تقاعدوا قبل هذا التاريخ وكانوا في الخدمة الفعلية خلال الفترة المعاد عنها الضمائم بحيث حرم هؤلاء من فرق في تعويضات نهاية الخدمة بما لا يقلّ عن 12 مليون ليرة لكلّ متقاعد.
كما نص قانون السلسلة على إلغاء بعض المخصصات للعسكريين من المحروقات بحيث يوازي هذا الحرمان اكثر من نصف قيمة الزيادة للضباط والمؤهّلين في المؤسسات العسكرية والأمنية كافة.
كما نص القانون على تخفيض التقديمات الاجتماعية مما سيحتم تخفيض هذه التقديمات بمعدل 500 الف سنوياً لكلّ موظف في القطاع العام بكلّ تفرّعاته.
كما حرم هذا القانون عائلة المتقاعد المتوفي من إعادة توزيع راتبه التقاعدي على ورثته عند خروج أحد المستفيدين.
يتبيّن لنا من كلّ ما تقدّم أنّ السلطة الحاكمة الجائرة لم تعط سلسلة الرتب والرواتب إلا بعد عرّت كلّ حقوق المستحقين والمستفيدين وسرقة حقوقهم بما يفوق أضعاف القيمة المحدّدة بـ 800 مليون دولار وذلك على الشكل التالي:
ـ مفعول رجعي عن 5 سنوات ونصف السنة 4.5 مليار دولار.
ـ تجزئة زيادة المتقاعدين 150 مليون دولار.
ـ فرق احتساب تعويضات الصرف وفق غلاء المعيشة 150 مليون دولار.
ـ قيمة المحسومات التقاعدية عن غلاء المعيشة 50 مليون دولار.
ـ الضمائم الحربية للعسكريين 80 مليون دولار.
ـ المحروقات 120 مليون دولار سنوياً.
ـ التقديمات الاجتماعية 150 مليون دولار سنوياً.
المجموع 5.2 مليار دولار، أيّ ما يوازي الهندسة المالية للمصارف والتي استفاد منها 250 فرد من المتموّلين بمقابل حرمان 250 الف مستفيد من السلسلة.
هنيئاً للموظفين والأساتذة والعسكريين والمتقاعدين هذه السلسلة المسخ.
هنيئاً للمواطن الفقير زيادة أعباء معيشته من خلال فرض ضرائب جديدة عليه.
هنيئاً لهذه السلطة التي هتكت كلّ الأعراف والمبادئ القانونية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
وهنيئاً لها أيضاً على سرقة شعبها الذي ما برح يصفق لها.
وهنيئاً لها أيضاً وأيضاً على محافظتها على مكامن الهدر والفساد وحيتان المال.
لكنّ السؤال يبقى إلى متى الصمت على الظلم والقهر؟ وهل سنرى من هذا الشعب تغييراً في مزاجه الوطني في الانتخابات النيابية المقبلة لعله يقلب الطاولة على من عليها؟