بوتين يدخل على خط كردستان للتهدئة والعبادي إلى باريس… وتوقّعات لتشييع طالباني سلمان في موسكو لتفاهمات… و«نيويورك تايمز»: الأسد ضمانة استقرار إقليمية ودولية
كتب المحرّر السياسي
فيما خرجت القمة الإيرانية التركية بمواقف تأكيدية لرفض الاستفتاء الكردي على انفصال شمال العراق، وإعلان تجديد التمسك بوحدة سورية والعراق، كان لافتاً موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرافض لحصار نفطي لكردستان، وهو حصار لا يزال موضع تلويح وتهديد من جانب تركيا بوقف تصدير النفط، ومن جانب إيران بوقف توريد المشتقات النفطية، لكنّهما تهديدان لم ينفّذا بعد رغم التلويح بهما، بينما خففت بغداد القيود المالية على أربيل، بعدما أوصلت بإجراءات مشدّدة ليومين رسالتها حول ما سيحدث لو بقيت هذه القيود، فيما يسافر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى باريس لتلبية دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والزيارة المعلنة لتوطيد العلاقات الثنائية معلوم أنّ جدول أعمالها الرئيسي هو ملف انفصال كردستان ومشروع الوساطة الفرنسية، الذي يحظى بدعم أميركي روسي، بينما توقعت مصادر عراقية وكردية أن تتحوّل جنازة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني مناسبة للقاءات وحوارات، متعدّدة الأطراف تخرج بتسوية تدريجية تفتح طريق الحوار بين بغداد وأربيل، بتجميد متبادل لمفاعيل الاستفتاء والإجراءات العقابية.
مقابل مسار التهدئة المتوقع في كردستان تبدو كاتالونيا ذاهبة للتصعيد مع إعلان حكومتها احتمال إعلان الاستقلال مطلع الأسبوع، وسط دعوات أوروبية للتفاوض، وتحذير إسباني من المواجهة، بينما تشهد كاتالونيا، خصوصاً عاصمتها برشلونة أنشطة جماهيرية حاشدة توحي بتوترات مقبلة مع مدريد سواء أعلن الاستقلال أم لم يعلن، ما لم تبدأ جولة تفاوض تبعث على الثقة بأنّ الاستقلال ضمن صيغة فدرالية بضمانات أوروبية ودولية سيكون هو مستقبل العلاقة بين برشلونة ومدريد، وفقاً لمصادر دبلوماسية متابعة.
الوضع في سورية الذي يشهد نجاح الجيش السوري بامتصاص موجة التصعيد الأخيرة لتنظيم داعش في ريفَيْ حمص وحماة وطريق تدمر دير الزور، واسترداد زمام المبادرة لمواصلة الهجوم، سيكون البند الرئيسي على جدول أعمال قمة سعودية روسية تشهدها موسكو اليوم، رغم التكتم الإعلامي على مواضيع المباحثات، التي سيطالها لقاء الرئيس فلاديمير بوتين والملك سلمان بن عبد العزيز، وسط إشارات حملتها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الرياض قبل أسبوعين، عن تفاوض سعودي روسي يقترب من النهايات في ملفي التسوية بخصوص سورية وقطر، قالت مصادر روسية إعلامية إنه يتضمّن دعماً سعودياً للمسار الروسي في حلّ الأزمة السورية ووقف الحرب فيها، وبالتالي تسليماً بمكانة الرئيس السوري في التسوية المقبلة، مقابل تبنٍّ روسي لدعوة مصرية سعودية إماراتية بتصنيف الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب المعتمدة في الأمم المتحدة، ليصير التفاوض مع قطر مشروطاً بالعمل بموجب هذا التصنيف وقطع كلً صلة بتنظيم الإخوان كشرط للمصالحة، ما يمنح السعودية ما تريده من شروط لمكانتها المتقدّمة في أيّ حلّ سياسي للأزمة القطرية، بعدما عطّل ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد الطريق على حوار مفترض بعد الاتصال الهاتفي بين أمير قطر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مقترحاً ربط الحوار بقطع العلاقة القطرية بتنظيم الإخوان وهو ما تربط قطر اعتماده بصدور تصنيف أممي للإخوان كتنظيم إرهابي، مستندة لمكانة تركيا لدى روسيا في تعطيل صدوره، بينما تبدو موسكو مستعدّة للسير فيه انطلاقاً من قراءتها للمشهدين السوري والمصري ودور الإخوان فيهما وموقف حلفائها الداعم لمثل هذا التصنيف.
القمة الروسية السعودية تبحث الوضع السوري وسط مناخات دولية وإقليمية عبّرت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال تحليلي، قالت فيه إنّ الرئيس السوري نجح بفضل صبره في التحوّل من رئيس يسعى أكثر من ثلثي دول العالم لإطاحته، إلى الرئيس الذي يراه خصوم الأمس ضمانة للاستقرار في المنطقة والعالم، بعدما نجح في استقطاب دعم حلفائه، وصولاً لتبديد قدرات خصومه المحليين والإقليميين، الذين بدأوا يتسابقون على الإقرار بكون الرئيس السوري بشار الأسد ضرورة للحفاظ على وحدة سورية واستقرارها. ويبدو العالم قد انتقل للحديث عن سورية ما بعد داعش في ظلّ بقاء الأسد وخطط إعمارها، بعدما كان عنوان البحث قبل سنوات عن مستقبل سورية بعد الأسد وكان يُعتبر أمراً من المسلّمات. وما قالته «نيويورك تايمز» يلتقي مع كلام وزير حرب حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان عن نصر الرئيس السوري وتحوّل التسابق إلى العلاقات مع الحكومة السورية والسعي لفتح السفارات التي أقفلت في دمشق في سنيّ الأزمة والحرب، عنواناً للمرحلة المقبلة.
لبنانياً، صمدت التسوية المالية الرئاسية التي أقرّها مجلس الوزراء وسلكت طريقها إلى المجلس النيابي الذي ينعقد مطلع الأسبوع، لمناقشة الصيغ الضرائبية المعدلة، ويستعدّ لمناقشة الموازنة بعد إنهائها في لجنة المال النيابية، وسط حذر من التفاؤل بعدم وجود مطبات، وحديث عن سلوك محطات التسوية خطوة خطوة، منعاً لألغام يحذر منها المراقبون والخبراء الماليون من أيّ تسرّع قد يوقع في مأزق دستوري كالتعرّض لطعن جديد بالقوانين المعدلة وتعطيل تطبيقها، أو مالي كعدم تغطية نفقات السلسلة وتعريض الاستقرار النقدي للاهتزاز، أو اجتماعي كالانزلاق للتراجع عن دفع الرواتب وفقاً للسلسلة، أو فرض ضرائب تطال ذوي الدخل المحدود وتقع في دائرة المحرّمات النقابية.
جلسة تشريعية الاثنين
مع وصول مشاريع القوانين المعجّلة المكرّرة المتعلقة بالضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي، تكون الحكومة قد نفّذت «التسوية المالية» التي تمّ التوافق عليها في جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، وبالتالي قذفت كرة السلسلة والضرائب من جديد الى المجلس النيابي بالتوازي مع تسليم رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع موازنة 2017.
ودعا الرئيس بري الى عقد جلسة عامة الاثنين المقبل لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال، وأبرزها قانون الضرائب لتمويل السلسلة بعد التعديلات التي أدخلت عليه، إضافة الى مشروع يتيح لها تجميد مفاعيلها إذا لم تؤمّن الواردات المطلوبة لتمويلها، على أن يدعو الى جلسة ثانية خاصة بالموازنة منتصف الشهر المقبل.
أزمة مالية تلوح في الأفق؟
وفي ما برزت مخاوف من انقلاب بعض القوى السياسية على قانون الضرائب في المجلس النيابي ومحاولتهم ربط دفع السلسلة في الأشهر المقبلة بإقرار ضرائب جديدة تطال الشرائح الشعبية الفقيرة بحجة تمويل السلسلة، أشار خبراء في الشأن المالي لـ «البناء» إلى أن صرف الرواتب على أساس قانون السلسلة الجديد سيزيد العجز في الموازنة في حال لم تتمّ تغطيتها من خلال فرض ضرائب جديدة لا سيما على تكتلات رأس المال ما يزيد في عجز الخزينة التي تقوم بعمليات متعددة لا سيما تمويل العجز في مؤسسة كهرباء لبنان. وحذّر الخبراء من أن زيادة العجز في الموازنة سيزيد الأزمة النقدية والمالية ويهز الاستقرار والثقة في النظام المالي اللبناني».
وتساءل الخبراء: كيف ترسل وزارة المال موازنة 2018 الى مجلس الوزراء قبل إقرار موازنة العام 2017 في المجلس النيابي، وقبل حسم مسألة سلة الضرائب الجديدة؟ كما أبدى الخبراء استغرابهم إزاء تصعيد الهيئات الاقتصادية، مؤكدين أن «الضرائب المفروضة عليهم لا تؤثر على قدرتهم المالية، بل تساهم في تحمل أعباء لتمويل العجز والسلسلة، لكنهم حذروا من الضغوط الذي يمارسها قطاع المصارف وغرف التجارة على المجلس النيابي والحكومة لتعديل أو تقليص الضرائب المفروضة عليهم»، كما حذروا من أن تجدد الخلاف في المجلس النيابي مجدداً على موضوع الضرائب سيهدّد قدرة الحكومة على الالتزام بدفع الرواتب في الأشهر المقبلة ما يُنذر بتجدّد الأزمة في الشارع».
وفي سياق ذلك، التقى وفد الهيئات الاقتصادية برئاسة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، وزير المال علي حسن خليل لمدة ساعة، على أن يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم في قصر بعبدا، يليه لقاء مع بري المرجّح بين الجمعة والسبت المقبلين.
وأوضح وزير المال الأسبق جورج قرم لـ «البناء» أن «قانون الضرائب الذي أقرّه المجلس النيابي جاء عشوائياً لجهة فرض الضرائب، لكنه تمكّن للمرة الأولى من فرض ضرائب على المصارف والشركات المالية والاقتصادية الكبرى ولم يطل ذوي الدخل المحدود بشكل واسع». وحذّر قرم من ظهور ملامح أزمة مالية في الأفق اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه ولتم تبادر الحكومة الى وضع خطط للحل، لكنه طمأن في المقابل الى أن «الاقتصاد اللبناني يمتلك قدرة الصمود في وجه الأزمات ودعا الحكومة والمجلس النيابي إلى الاتفاق على إجراءات ضريبية جديدة كرفع الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات فقط من دون الحاجات الأساسية للمواطن الى جانب اعتماد الضريبة الموحّدة على الدخل التي تدر إيرادات كبيرة الى الخزينة فضلاً عن مكافحة الهدر والفساد».
بري: تفاهمتُ مع عون
وأكّد الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أن دعوته للجلسة التشريعية يوم الإثنين المقبل هي «لمناقشة وإقرار مشاريع القوانين المعجلة التي أحالتها الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة، وأن المجلس في إطار ورشته التشريعية حريص على حسم هذا الموضوع وإنهائه».
ونقل زوار بري عنه لـ «البناء» أن «المجلس سيناقش البنود الضريبية التي اعترض عليها المجلس الدستوري بعد أن عملت الحكومة على فصل المادة المتعلقة بالضرائب الى مواد عدة»، كما نقل الزوار أن «رئيس المجلس متفاهم مع رئيس الجمهورية في ما خصّ الضرائب والتعديلات، وأن كل ما أثير عن خلافات لا أساس لها من الصحة وأن العلاقة جيدة ومستقرة».
ولفتوا الى أن «لا تعديلات في قانون الضرائب التي أقرها المجلس النيابي باستثناء المواد التي طلب مجلس الوزراء تعديلها». وأكد بري، بحسب الزوار، التوصل الى مخارج لموضوع الضرائب تحافظ من جهة على مالية الدولة والاستقرار المالي والاقتصادي ولا تكون على حساب المواطن من جهة ثانية».
وألمح بري في ملف الانتخابات النيابية أنّه «قد يسحب طرحه تقديم الانتخابات، في ظل رفض أكثر الكتل النيابية ذلك وتباين وجهات النظر حول البطاقة البيومترية».
ودعا بري الى التنبّه لما يجري في المنطقة، مشيراً الى أن «هناك مَن يحاول رسم حدود الدم في إطار المشروع التقسيمي والتفتيتي لدول المنطقة». وقال إن «هذا المشروع كما عبّرنا سابقاً يخدم «إسرائيل» التي راهنت وتراهن عليه دائماً».
اجتماع «الوفاء للمقاومة» الأحد
وتعقد كتلة الوفاء للمقاومة اجتماعاً الأحد المقبل لدرس مسألة الضرائب لتحديد موقفها في جلسة الاثنين، بحسب ما علمت «البناء»، وأشارت مصادر الكتلة لـ «البناء» الى أن «الكتلة لن تقبل فرض أي ضرائب جديدة تطال جيوب المواطنين وتعديل الضرائب على المصارف أو الأملاك البحرية، كما سترفض فرض معادلة أمر واقع على المجلس تعليق العمل بالسلسلة حتى تأمين التمويل من خلال فرض ضرائب جديدة على المواطنين في حين يمكن تأمين التمويل من مصادر عدة لا سيما مكافحة الهدر والفساد».
وخلال مسيرة عاشورائية في النبطية تخللتها مراسم تشييع 3 شهداء من حزب الله، أثنى رئيس الكتلة النائب محمد رعد على «التفاهم الذي حصل داخل الحكومة وبين القوى السياسية وبين السلطات الرئاسية، من أجل الوصول الى حل لنظم الإنفاق بالمال العام ولترتيب أوضاع السلسلة التي هي حق مشروع للفئات الكادحة والاجتماعية».
«العمّالي» لوّح بالتصعيد
ولوّح الاتحاد العمالي العام بالتصعيد مجدداً إذا تم المساس بالسلسلة، حيث دعا «الحكومة إلى أن تبادر للعودة فوراً عن ربط السلسلة بالضرائب للإطاحة بها، وتكفل أبناءها فترعى حقوقهم وتنظر بأمورهم لا أن تحاربهم في قوت عيالهم»، مشيراً الى أن «الاتحاد إذ يراقب مع الهيئات النقابية وهيئة التنسيق خلال الأيام القليلة المقبلة ما يجري، سيبقي اجتماعاته مفتوحة وسيبلّغ مذكرة حول الضرائب إلى رئيس مجلس الوزراء عند الاجتماع به».
وحذّر نقيب معلمي المدارس الخاصة رودولف عبود المدارس التي قد تمتنع عن تنفيذ قانون السلسلة أو التي قد تطبّقه مشوّهاً، «لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا تجرأت مدرسة ورفضت تطبيق هذا القانون، لأن الرد سيأتي صاعقاً من الهيئة التعليمية في هذه المدرسة، وبالتفاهم معنا».
صيدا استعادت هدوءها
في غضون ذلك، استعادت مدينة صيدا هدوءها بعد نجاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية في تطويق ذيول الحوادث الامنية التي شهدتها المدينة خلال اليومين الماضيين، وقد حاول تيار المستقبل استغلال الحادثة للتصويب على سلاح المقاومة وتحميل معارضيه في المدينة المسؤولية.
وقد أوقف فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أمس، أحد المتورطين في إشكال المولدات الكهربائية في صيدا الفلسطيني م.ص. وعند المدخل الشمالي للمدينة.
وبدورها نفت سرايا المقاومة أي علاقة لها بالحادث لا من قريب أو من بعيد، ولفتت في بيان الى أن «كل حديث يتناول دوراً مفترضاً للسرايا في الحادث إنما يتم لغايات سياسية تهدف الى الإساءة للسرايا ودورها وتاريخها وعلاقاتها الطبيعية بمحيطها وبيئتها الاجتماعية». وأكدت أن «السرايا اللبنانية لعبت دوراً هاماً بالتنسيق مع الفعاليات الصيداوية المختلفة ومع الأجهزة القضائية والأمنية في تهدئة النفوس وتخفيف التوتر وعودة الحياة لمدينة صيدا إلى طبيعتها، رغم سقوط شهيدين مظلومين من صفوفها».