تنسيق عودة النازحين نزع لفتيل الخطر
معن حمية
منذ أن بدأت الحرب الإرهابية على سورية، وتسارعت موجات النزوح خصوصاً إلى لبنان، رفض الحزب السوري القومي الاجتماعي المحاولات التي استهدفت تصنيف النازحين بأنهم لاجئون، لإدراكه بأنّ وراء هذا التصنيف مخطط يرمي إلى فتح باب التوطين على مصراعيه، ليس لبعض السوريين وحسب، بل للفلسطينيين على وجه التحديد.
ومنذ سنتين، والحزب القومي يرفع الصوت عالياً، مطالباً الحكومة اللبنانية بأن تنسّق مع نظيرتها السورية من أجل إيجاد الحلول لملف النازحين، لعلمه وقناعته بأنّ الحكومة السورية قادرة على استيعاب النازحين في مناطق سيطرتها الآمنة، لكن بعض القوى اللبنانية آثرت الوقوف بوجه أية حلول تحت ذريعة أنها لا تريد أن تمنح شرعية للحكومة السورية!
في الواقع، الحكومة السورية، تكتسب شرعيتها من انتخاباتها وبرلمانها، ولا تنتظرها من أيّ طرف دولي أو إقليمي أو عربي، لكن إصرار بعض الجهات السياسية في لبنان على عدم التنسيق كان محكوماً بأجندة خارجية. وليس خافياً أنّ حركة النزوح السوري الواسعة، ليست كلها بسبب الحرب في سورية، بل إنّ هناك خلايا دولية وإقليمية وعربية رعت عمليات النزوح، بهدف امتلاك أوراق ضغط إضافية تمارس ضدّ الدولة السورية، غير أنّ صمود سورية أسقط الأوراق كلّها، بما فيها ورقة النازحين.
من الإشارات الدالة إلى خطورة ملف النازحين، موقف الحزب القومي، فهو حزب لا يميّز ولا يفرّق بين لبنانيّ وشاميّ وفلسطينيّ وأردنيّ وعراقيّ وكويتيّ، لكنه رفض توطين الفلسطينيّين في لبنان، لأنه مع حق عودة الفلسطينيّين إلى قراهم وبيوتهم ومقاومة الاحتلال الصهيوني، ويرفض أن يكون هذا الكمّ الكبير من النازحين السوريين في لبنان، لأنّ معظمهم جاء بفعل عمليات الترغيب وفق أجندة خارجية تستثمر هؤلاء في مشاريعها الخبيثة.
وحين يطالب الحزب القومي حكومة لبنان بالتنسيق مع الحكومة السورية لتأمين عودة النازحين، فلأنه يدرك أنّ بقاءهم في لبنان، من دون أيّ رعاية واهتمام، يسبّب لهم آلاماً ومعاناة، عدا عن أنّ لبنان عاجز، كما الهيئات الدولية عن تحمّل مسؤولياتهم في توفير المأوى وأبسط متطلبات الحياة للسواد الأعظم من النازحين السوريين.
اليوم، هناك مَن ينظر إلى النازحين السوريين في لبنان، على أنهم مجرمون، بعد حصول جرائم قتل عدة ارتكبها بضعة أفراد من النازحين. وهذا أمر خطير، يتطلّب الإسراع في إيجاد حلول لملف النازحين، لتفويت الفرصة على الذين يحاولون تأجيج الحقد والكراهية. مع الإشارة إلى أنّ هناك جرائم قتل واغتصاب ترتكب في لبنان من قبل لبنانيين وغير لبنانيين، لكن لا يتمّ التركيز عليها، لأنّ المطلوب في الوقت الراهن تسليط الضوء على النازحين السوريين والتحريض عليهم، في مشهد يُعيد إلى الأذهان خطاب بعض القوى اللبنانية ضدّ الفلسطينيين، عشية الحرب الأهلية في العام 1975، وهو ما يدفعنا إلى دقّ ناقوس الخطر من عمليات التحريض الحاصلة ضدّ النازحين السوريين وشيطنتهم بالمطلق، لأنّ نتائجها ستكون وخيمة.
قبل فوات الأوان، على الحكومة اللبنانية أن تتحمّل مسؤولياتها، وأن تبادر إلى التنسيق مع الحكومة السورية، وهي تحوز على تغطية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أعلن موقفه صراحة في هذا الموضوع وعبر منصات المحافل الدولية، وكلّ نأي عن هذه المسؤولية، هو عقد نقص، المصابون بها ليسوا رجال دولة ولا أهل حكم…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي