تعبئة حاشدة في صفوف الموظفين الحكوميين احتجاجاً على خطط الحكومة الفرنسية
شهدت فرنسا أمس، تعبئة حاشدة في صفوف موظفي القطاع العام احتجاجاً على خطة حكومية تقضي بتجميد رواتبهم وخفض أعدادهم، في جبهة جديدة ضدّ الرئيس إيمانويل ماكرون الذي لم يتراجع حتى الآن أمام موجة الاحتجاجات.
وبعد التظاهرات الأخيرة ضدّ القرارات المتعلقة بتعديل قانون العمل والمتقاعدين وسائقي الشاحنات، تعم التعبئة هذه المرة صفوف موظفي الحكومة الذين يشكلون شريحه كبيرة من النشاط في فرنسا، احتجاجاً على إلغاء الوظائف المزمع وتجميد الرواتب وإعادة النظر في وضعهم.
وقال المتحدث باسم الحكومة كريستوف كاستانير أمس، إنّ «هناك تعبئة كبيرة، يجب الاستماع إلى هذه المخاوف»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ «المخاوف على القدرة الشرائية في غير محلها».
ولأول مرة منذ عشر سنوات، دعت نقابات موظفي الدولة جميع العاملين في القطاع العام من الممرضات إلى الأساتذة، وعددهم 5.4 ملايين موظف، إلى التعبئة. وتتوقع النقابات حوالى 130 تظاهرة وتجمعاً في جميع أنحاء فرنسا.
وأدى إضراب موظفي الدولة الذين يمثلون حوالي 20 في المئة من الوظائف في فرنسا، أمس إلى إغلاق دور حضانة ومدارس والعديد من الخدمات العامة الأخرى.
وفي مرسيليا بجنوب شرق فرنسا، كانت 75 في المئة من مطاعم المدارس و80 في المئة من دور الحضانة مغلقة، بحسب البلدية.
وعلى صعيد الطيران، تم إلغاء 30 في المئة من الرحلات احترازياً بسبب إضراب عناصر إدارة الطيران المدني التي يشكل موظفو الدولة القسم الأكبر من العاملين فيها.
وفي سابقة منذ 2009، انضمت حوالى عشر نقابات للعاملين في المستشفيات أطباء وصيادلة وأطباء أسنان إلى الدعوة الموجهة إلى قطاع المهن شبه الطبية ممرضون ومساعدون طبيون .
وقال رئيس الوزراء إدوار فيليب أول أمس، إنه «يتحمل بالكامل مسؤولية الإجراءات التي اتخذت»، مشيراً إلى أنّ الموظفين «لم ينتقص اعتبارهم إطلاقاً، بل هم أساسيون في سير العمل في بلدنا».
في المقابل قال زعيم الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل لوران بيرجيه الذي لا يعتبر من الأشد انتقاداً للحكومة، في مقابلة نشرتها صحيفة «ليزيكوه» إنّ «الحكومة لا تدرك على ما يبدو حجم القلق العميق الذي يصيب الموظفين».
وأضاف أنّ الموظفين «يعانون من اعتبارهم مجرد رقم في الميزانية وليس ثروة».
وهو رأي يشاطره فريديريك دابي من معهد «إيفوب» لاستطلاعات الرأي إذ يقول إنّ «موظفي الدولة يشعرون أنهم يحملون وصمة وأنهم يدفعون ثمن سياسة الحكومة».
ووعد وزير الحسابات العامة جيرالد دارمانين أمس، بأنّ «أي موظف في القطاع العام لن يخفض أجره»، معلناً أنه سيستقبل نقابات موظفي الدولة في 16 تشرين الأول.
ويعقب يوم التعبئة هذا عدة تحركات جرت في الأسابيع الأخيرة احتجاجاً على مشاريع للحكومة، من غير أن تنجح في إرغامها على مراجعة خططها.
وباستثناء تعبئة سائقي الشاحنات، لم تفض التظاهرات ضدّ المراسيم القاضية بتعديل قانون العمل ولا احتجاجات المتقاعدين على زيادة ضريبية تطالهم، إلى نتيجة.
وعقدت جميع النقابات الوطنية اجتماعاً أول أمس لأول مرة منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة، لمحاولة تنسيق تحركاتها لزيادة الضغط على الحكومة، لكن الخلافات بينها تبقى قوية. ومن المقرّر عقد اجتماع جديد في 24 تشرين الأول.
وقالت مسؤولة في الكونفدرالية الديمقراطية للعمل فيرونيك ديكاك في ختام الاجتماع «لم يكن هناك رؤية مشتركة للتحركات الواجب القيام بها للتأثير على الأحداث الجارية أو المستقبلية».
غير أنّ نقابات عدة تواجه مطالب من قاعدتها للقيام بتحركات أشدّ حزماً، والضغوط تتصاعد بهذا الصدّد.
وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد هاريس إنتراكتيف ونشرت نتائجه الاثنين أن 57 في المئة من الفرنسيين يؤيدون الإضرابات والتظاهرات ضدّ مراسيم إصلاح قانون العمل التي تزداد معارضة الفرنسيين لها.