غزوان الزركلي… أيقونة سورية عالمية في العزف والتأليف
رشا محفوض
عازف محترف وبروفسور في تعليم العزف، ومن جيل الموسيقيين المخضرمين في سورية، حيث غدا الموسيقيّ السوريّ العالميّ غزوان الزركلي محكّماً دولياً في مسابقات العزف، إضافة إلى تمثيل وطنه في أكثر من 27 بلداً كعازف منفرد على البيانو.
الزركلي الذي تحتفي به الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون اليوم في افتتاح مهرجان العزف المنفرد بنسخته الثالثة، والذي ولد في دمشق عام 1954، درس العزف على البيانو منذ أن كان طفلاً في المعهد العربي للموسيقى على يد الأستاذة سينثيا إيفرت زوجة الموسيقار الراحل صلحي الوادي.
وفي عام 1963 أقام المعهد العربي للموسيقى حفلته السنوية على مسرح الحمراء في دمشق، وفيها قاد غزوان طفلاً، الفرقة الموسيقية ببساطة متناهية بعد أن رُفع على منصّة عالية ليتمكّن أفراد الفرقة من رؤيته وتتبّع إشاراته، وقد أثارت تلك الحفلة موجة من الحماسة لهذه الموهبة المتفتحة.
رافق الزركلي أثناء دراسته فرقة موسيقى الحجرة التابعة للمعهد في حفلات موسيقية عدّة بحسب المرجع العلمي الموسيقي في سورية الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، وقاد هذه الفرقة بنجاح في حفل في بيروت عام 1971 ليسافر بعد تخرّجه من المعهد العربي للموسيقى إلى ألمانيا لمتابعة الدراسة وينال من المدرسة العليا للموسيقى هانس أيسلر في برلين شهادة ليسانس ثم شهادة دبلوم وماجتسير، أتبعها بشهادة مساعد بروفسور دكتوراه من كونسرفاتوار تشايكوفسكي في موسكو.
وخلال دراسة الزركلي في ألمانيا، عزف عدداً من الأعمال المهمّة مع فرق مشهود لها بالباع الطويل من كونسرفتوار برلين وأوركسترا الدولة في مدينة نوي براندنبرغ. كما عزف على آلة البيانو في قاعة الاحتفالات في المعهد الذي درس فيه أمام جمهور كبير، أعمالاً لباخ وبارتوك ما دفع إدارة المعهد لأن ترشّحه للعزف في مسابقة مهرجان ليزت بارتوك الدولية في بودابست في هنغاريا.
وعبر سنوات عدّة، سجّل الزركلي حضوراً قوياً في كلّ المسابقات الدولية للعزف على البيانو التي شارك فيها. ومثّل بلاده خلالها، حتى تلك التي لم يفز بها من مسابقة فياتا داموتا في البرتغال التي جاء فيها سادساً، ومسابقة بالوما أوشيا الدولية في إسبانيا أحرز فيها الجائزة التقديرية الخاصة التي تُمنَح للعازفين المتفوقين، بينما جاء أوّلاً في مسابقة لبنان الدولية في بيروت وحصل على شهادة تقديرية من مهرجان ومسابقة خريف براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا.
وفضلاً عن مشاركاته المتعدّدة الدولية، للزركلي مساهمة كبيرة في مجال تدريس الموسيقى داخل سورية وخارجها، حيث سُمّي أستاذاً في كونسرفتوار فايمر ألمانيا منذ عام 1988، وعمل في مجال التدريس وبرلين وأوستابروك في ألمانيا، ونظّم عدّة ورش عمل في الجزائر ولبنان والإمارات العربية المتحدة، وكان عضو تحكيم في عدد من مسابقات العزف على البيانو في الإمارات والمغرب وروسيا.
عُيّن الزركلي وكيلاً ورئيس قسم البيانو في المعهد العالي للموسيقى في دمشق، وأسس فيه صفّاً خاصاً للأداء.
للزركلي تسجيلات عدّة، في العزف أربع أسطوانات، وفي التأليف أسطوانتان، كما أنّه ناشط في مجالَي الكتابة والترجمة، فله كتابان في الموسيقى هما «شذرات في الموسيقى» و«علم الجمال الموسيقي»، وثلاثة كتب مترجمة عن اللغة الألمانية منها رواية «الملاك الأبيض».
الزركلي الذي يقيم في ألمانيا للتدريس حيث أسّس هناك مدرسة لتعليم العزف على البيانو، ما زال خلال سنوات الحرب على سورية يزورها باستمرار ليقيم حفلات عزف منفرد وثنائي في دار الأوبرا في دمشق وفي مهرجان مشتى الحلو. وعن ذلك قال: لم أتردّد أبداً في إحياء هذه الحفلات لكوني احترمت الحماسة والجدّية والعمل لأجل الموسيقى في أيّ مكان في سورية. وخلال الأحداث التي تمر بها البلاد تأتي هذه الأمسيات تأكيداً منّا على بناء الإنسان بطريقة سليمة من خلال التثقيف والتوعية والتطلّع إلى حياة بلا عنف وإلى مستقبل وطن حرّ وسعيد.
وجاء في تصريح الزركلي: أنا من الجيل الذي تربّى على القيم. فالوطن لي ليس فقط. المكان الذي نعيش فيه مع أهلنا ولغتنا وذكرياتنا هو بالنسبة إليّ المكان الذي نعيش فيه بسعادة من خلال العطاء. وسعادتي اليوم عندما أقدّم معلومة لطالب يحتاجها. سأعود إلى وطني وإلى صفّي التدريسيّ في المعهد العالي للموسيقى قريباً.
حاز البروفسور غزوان الزركلي على جائزة الدولة السورية التشجيعية في عام 1969 إضافة إلى عدّة جوائز موسيقية تقديراً لعطائه الفنّي من لبنان وروسيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا ووسام الجزائر عاصمة الثقافة العربية عام 2007.
إعلامية سورية