حق الحياة…
بلال شرارة
أعتقد أنّ الوقت بات مناسباً لوضع سياسة مالية للبنان، فلا نعود نسقط في الفوضى ولا نستمرّ في خدمة الدين العام.
أقول ذلك بمناسبة القلق المرافق لصدور قانون السلسلة وشبكه بطريقة عجيبة غريبة بالقانون الضريبي ثم طلب الحكومة إلى المجلس النيابي تعليق قانون السلسلة، ولو أنّ الأمر لم يتمّ ولم يطابق حساب بيدر المصارف مع حقل الناس.
ندعو إلى رسم سياسة مالية للبنان لنعرف كوعنا من بوعنا ولا نبقى مضروبين على رأسنا ولا نعرف أو نفهم ما يجري، وندعو إلى ذلك حتى لا تبقى الحكومة تمارس علينا سياسة لعّبتك لعّبتك بطّلتك بطّلتك ويبقى مَن في الدولة يعتقد أنه أذكى منا نحن الجمهور وأنه يستطيع أن يلعب بنا.
حتى الآن لا نعرف نحن جمهور الناس ما هو حجم الدين العام على لبنان؟ أقصد الدين الداخلي والخارجي، يعني كم استدانت الحكومات على مستقبل أولادنا؟ وكم هو المبلغ المستحقّ على كلّ فرد منا؟ على كلّ واحد من أحفادي وهم حتى تاريخه لا يستهلكون كهرباء ولا ماء ولا أمن أو أمان؟ وكم هي الفترة المقرّرة لسداد الدين الجدول الزمني ؟ إذ لا أحد سألنا نحن الناس إذا كان حلّ الأزمات هو بالاستدانة و… الاستدانة إلى ما لا نهاية. وقد تصرّفت الحكومات على رأسها ولم تلتفت للاستماع إلى احتجاجاتنا!
نحن، أنا على الأقلّ لا أفهم ما هو المقصود بقطع الحساب؟ أعرف أنّ الإبراء عن المبالغ التي تبخّرت سوف يكون ممكناً بعد قليلٍ من الآن بسبب تفاهمات سياسية، وأنّ الدولة سوف تتفق مع بعضها علينا، وكأنها دولة احتلال!
– 2 –
لا أعرف ماذا يُقصَد بخدمة الدين العام وكيف سنخدمه؟ وما هو واجبنا بالتحديد؟ هل نمسّح له جوخاً؟ هل نركع أمامه؟ ماذا ترانا سنرهن بعد لنسدّ الدين العام غير الأملاك البحرية؟ ربما الموارد البحرية؟ أعتقد انه يجري دفع ثمن الاستقرار المالي والأمني من جيوب المواطنين وحياتهم وأعصابهم، وأنّ هذا الأمر سيستمرّ أشهراً بعد إلى الأمام بانتظار ترسيم المنطقة… تقسيمها أو إنشاء فيدراليات وكونفدراليات وإنشاء نظام أنموذج لتكون جمهورياتنا أو متصرفياتنا على غراره. وبالتالي سوف لا تعود عناوين الجلسة النيابية أول هذا الأسبوع والمتضمّنة مشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم 1470 ومشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم 1469 ومشروع القانون المعجّل الوارد بالمرسوم 1470، سوف لا تعود ذات أهمية إذا لم يعُد من الأهمية بمكان إيراد الأسباب الموجبة لصرفها، فنحن نعتبر أنها لا زالت موضع أخذ وردّ لأسباب المصارف وأنّه من غير المجدي مقاومة شارع المصارف ومافياته من احتكارات وجمعيات تجار يوعزون إليها برفع قيمة كلّ شيء.
ربما لا ينسى اللبنانيون أنه سبق لأصحاب الوكالات الحصرية في هذا البلد الديمقراطي أن هزموا الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأجبروا لبنان بواسطة فخامة الرئيس آنذاك على ردّ مشروع القانون الذي ورد بالمرسوم رقم 7484 والرامي إلى تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 34/67 والمتعلق بالتمثيل التجاري، كما عدّلته لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط مع أسبابه الموجبة وتقرير اللجنة المذكورة.
حتى الآن لم يتكوّن النظام الأنموذج في «الشرق الأوسط»، وستبقى كلّ الأمور في المنطقة ومنها لبنان لا معلّق ولا مطلّق حتى ذلك الحين بانتظار جغرافيا الشرق الأوسط المقبلة والدول التي ستنتدب عليها والأعراق والطوائف والمذاهب والعشائر والقبائل، وما إليه التي ستتنافس عليها.
– 3 –
كلّ ما يحدث الآن على رأس التشكيل السياسي لمختلف أنماط السلطات العربية ومعارضاتها ونقاباتها وأحزابها يتصل بأشخاص الأمس، وبرأيي فإنّ الأشخاص غداً لا يزال أمامهم وقت حتى يبرزوا وحتى تصدر التعليمات بنشرهم. وهذا الأمر يتّصل باعتبار أنّ التغيير مهمة امبريالية وبأننا قبلنا من قبل أن تسيطر مختلف أنواع الإمبرياليات على مواردنا البشرية والطبيعية.
دافعي لهذا الكلام شخصي، وهو طلب الحكومة ولو أنه سقط برلمانياً بتعليق دفع السلسلة إلى إشعار آخر في وقت لم يتمّ فيه تأجيل رفع علاوات الأسعار والفواتير المختلفة وإطلاق مراقبي الأسعار لمعرفة ماذا يجري… ووضع تسعيرة رسمية ملزمة للمواد الاستهلاكية الأساسية، فأنا أؤيد ما ذهب إليه المجلس من رفع لبعض الضرائب على المشروبات والتبوغ وما إليه، ولو أنني أتمنى إعادة بسط خريطة لبنان وقراءة أسماء أصحاب العقارات وواضعي اليد على المشاعات من أيام تركيا وفرنسا إلى اليوم، ورفع احتلالهم أو تدفيعهم الرسوم على الملكيات. وهو الأمر الذي أوقعني وعائلتي ومثلي ما يزيد عن ثلاثمئة ألف عائلة تحت العجز والمطالب والمزيد من الديون.
يحق لنا بعد كلّ هذا التلاعب بتعبنا وحقوقنا أن نقول أليس هذا الأمر حقاً من حقوقنا؟ أليس لنا حق التعبير وكذلك حق الحياة…؟