النمسا: حزب الشعب يتقدّم على الاشتراكيين واليمنيين متعهّداً بإغلاق الطرق الرئيسية للمهاجرين إلى أوروبا
رجحت استطلاعات الرأي، بعد انتهاء الاقتراع في النمسا، فوز حزب الشعب المحافظ وزعيمه سيباستيان كورتز، في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس، متقدّماً على الاشتراكيين واليمينيين.
وأفادت القناة التلفزيونية العامة بأنّ «التوقعات تشير إلى نيل حزب الشعب المحافظ 30.2 في المئة من الأصوات، يليه حزب الحرية أقصى اليمين المناهض للهجرة بنسبة 26.8 في المئة، ومن ثم الاشتراكيين الديمقراطيين بـ 26.3 في المئة».
وفي حال فوز حزب الشعب في الانتخابات سيصبح زعيمه سيباستيان كورتز، وزير الخارجية الحالي، أصغر مستشار رئيس حكومة في تاريخ البلاد 31 عاماً .
ويحكم البلاد حالياً ائتلاف يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار الحالي كريستيان كيرن وحزب الشعب، ولكن كورتز دعا إلى إنهاء هذا التحالف عندما تولى رئاسة حزبه في أيار، مما أدى إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وتعهد كورتز، بـ «إغلاق الطرق الرئيسية للمهاجرين إلى أوروبا من خلال البلقان وعبر البحر المتوسط»، وسط شعور كثير من الناخبين بأن البلاد تعرّضت لاجتياح، عندما فتحت حدودها في 2015 أمام موجة من مئات الآلاف من الفارين من الحرب والفقر في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وسيشكل التحول نحو اليمين في النمسا، البلد الغني البالغ عدد سكانه 8.75 مليون نسمة، مصدر قلق للاتحاد الأوروبي، الذي يعاني من تداعيات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد وتزايد التأييد للقوميين في ألمانيا والمجر وبولندا وغيرها.
كل المؤشرات تدل على أن النمساويين ضاقوا ذرعاً بتدفق طالبي اللجوء، ويريدون للمرة الأولى منذ عشر سنوات استبدال الحكومة الوسطية المكبلة بحكومة أكثر تشدداً.
ومن المرجّح أن يشكل كورتز ائتلافاً مع «حزب الحرية» اليميني القومي المشكك بالاتحاد الأوروبي، والذي يتنافس مع الديمقراطيين الاشتراكيين على المركز الثاني مع نسبة 25 في المئة من أصوات الناخبين.
وأوشك حزب الحرية الذي أسسه نازيون سابقون على الفوز بالرئاسة في النمسا العام الماضي، وتصدر استطلاعات الرأي إلى أن تمكن كورتز من استمالة أصوات لصالح «حزب الشعب» الذي شهد تعديلات في الربيع.
من جهته قاد زعيم «حزب الحرية» كريستيان ستارخه 48 عاماً حملة مناهضة لطالبي اللجوء متعهداً الحؤول دون أن يتحول النمساويون إلى «أقلية في بلدهم»، بحسب ما قال الجمعة خلال حملة انتخابية.
في المقابل، قد ينتقل المستشار كريستيان كيرن 51 عاماً وحزبه الاشتراكي الديمقراطي الذي حكم البلاد على مدى عشر سنوات إلى صفوف المعارضة بعد حملة انتخابية شابتها أخطاء وفضائح.
وبين كيرن وكورتز عداوة كبيرة تجعل من تشكيل ائتلاف حكومي بين الرجلين احتمالاً غير مرجح.
وألقى كيرن، المستشار الاشتراكي الديمقراطي الذي تولى مهامه في أيار الماضي، بثقله في المعركة السبت محاولاً إقناع الناخبين بالوقوف بوجه انعطافة البلاد نحو اليمين، قائلاً إن «النمسا تقف عند مفترق طرق هو الأخطر منذ عقود».
ودخل حزب الشعب وحزب الحرية في ائتلاف حكومي بين عامي 2000 و2007. وأدّى هذا التحالف الذي قاده حينها يورغ هايدر مع اليمين المتطرف إلى نبذ النمسا.
إلا أن عودة هذا الائتلاف اليوم قد لا يكون له الوقع نفسه بعد التقدم الكبير الذي حققه القوميون في أوروبا.
وتمّت الدعوة للانتخابات المبكرة بعد أن تولى كورتز زعامة حزب الشعب في أيار، وقرر الخروج من الائتلاف الحاكم الذي كان يجمعه مع الاشتراكيين الديمقراطيين. وقام حوالى 6.4 ملايين ناخب باختيار نوابهم وفق نظام النسبية.
وتعهّد الزعيم الشاب بإعادة «الأولوية للنمساويين» مستقطباً إلى حزبه مرشحين من جيل الشباب من غير السياسيين.
ويقول كورتز «إن الفضل يعود إليه كوزير للخارجية في إقفال ما يُعرف بطريق غرب البلقان أمام المهاجرين في 2016، وهو ما يكسبه تأييداً في البلاد».
ويرفع كورتز عناوين اليمين المتطرف وهو ينوي وقف التقديمات للأجانب، وإقفال دور الحضانة الإسلامية. ويتفق كورتز وستراخه في مواضيع تخفيض الضرائب والبيروقراطية الشديدة في البلاد وإبقاء الاتحاد الأوروبي بعيداً عن الشؤون الداخلية للنمسا.
ويقول محللون «إنّ التحالف بين الرجلين من شأنه أن يجعل من النمسا معضلة للاتحاد الأوروبي».
وستتولى النمسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من 2018، بالتزامن مع المهلة المحددة لإنجاز مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد».
ويعتقد ستراخه أن «بريطانيا ستكون أفضل حالاً بعد بريكست» ويدعو إلى «تعزيز العلاقات مع دول أوروبا الشرقية والوسطى».
واعتبرت صحيفة «دير شتاندارد» المعيار إن «وجود حزب الحرية كشريك في الحكومة لن يعطي انطباعاً جيداً في أوروبا وكورتز يدرك ذلك. لكن السؤال المطروح هو هل سيكون هنالك التفاف حول ستراخه بعد هذه الانتخابات؟».