العدالة… بين الأدلة الكاملة والملف الناقص

معن حمية

الذين ينتظرون من المجلس العدلي أن يُصدر حكماً مبرماً بشأن مقتل بشير الجميّل، لتبييض صفحة سوداء في تاريخ لبنان الحديث، دعوا إلى التجمّع في العشرين من الحالي، للاحتفال بالحكم قبل أن يصدر، وهذا بحدّ ذاته فِعل تدخل وترهيب بوجه القضاء اللبناني لكي يبتّ في قضية لا يزال ملفها القضائي ناقصاً.

بمجرد الدعوة المسبقة للاحتفال بحكم قضائي قبل أن يصدر، معنى ذلك أنّ الجهة الداعية للاحتفال، إما أنها تعلم مسبقاً بنتيجة الحكم. وهذه فضيحة، وإما أنها مارست ضغوطاً توصل إلى هذه النتيجة، وهنا الطامة الكبرى، لذلك، فإنّ أيّ حكم يصدر قبل أن يكتمل الملف القضائي، يشكل وصمة عار على جبين العدالة.

وعدا، عن أنّ الملف القضائي ناقص ومجتزأ في هذا الخصوص، هناك أدلة كاملة تثبت فعل العمالة للعدو الصهيوني وخيانة لبنان من خلال مساعدة العدو على فوز قواته، فأيّ عدالة يمكن أن تتجاهل هذه الأدلة المثبتة بالكتب والصور والتصريحات والمواقف؟

في هذه القضية البالغة الخطورة، لا بدّ من العودة الى المربّع الأول. ففي العام 1982 اجتاح العدو الصهيوني مناطق واسعة من لبنان، وصولاً حتى العاصمة بيروت، وذلك بتحريض من بعض القوى والشخصيات اللبنانية، كما تبيّن المواقف والوثائق، وقد استعان العدو الصهيوني بالذين حرّضوه على اجتياح لبنان، وارتكب بمؤازرتهم الجرائم والمجازر بحق اللبنانيين. فما كان من طريق أمام الوطنيين والشرفاء في لبنان، إلا طريق مقاومة الاحتلال، ولذلك فإنّ فعل المقاومة لا يتجزأ.

«جبهة المقاومة الوطنية» التي قاومت الاحتلال الصهيوني، أكدت في أحد بياناتها قبل عقدين ونيّف من الزمن أنّ الأمين حبيب الشرتوني بطل، وأنه أحد الرموز المتميّزين في المقاومة، وتصف فعله «بمثابة تنفيذ حكم الشعب وتطبيق نصوص الدستور والقوانين في حالة غياب سلطة الدولة وعجز أجهزتها عن ملاحقة ومقاضاة العملاء والخونة». وهذه المقاومة الوطنية سبق أن طالبت السلطة القضائية «بأن تنطلق من قضية الشرتوني لتحاكم رموز الخيانة كلّهم الذين سهّلوا اجتياح العدو الصهيوني للبنان في العام 1982 وكانوا له أعواناً وأدلاء».

اليوم، لبنان المقاومة والكرامة، بحاجة إلى تحصين فعل الكرامة والتحرير، وتعزيز روح التضحية في سبيل الدفاع عن أرض الوطن في مواجهة عدو محتلّ وغاشم.

اليوم، العدالة هي التي تحصّن لبنان وتنأى به عن تكرار أفعال العمالة والخيانة. والعدالة تمتلك أدلة كاملة ومثبتة بالتقارير والصور في هذا الشأن. أما الخطيئة الكبرى فهي الاستناد إلى ملف قضائي ناقص ومجتزأ لتبرئة الخونة والعملاء وإدانة المقاومين الشرفاء.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى