شبكة الخداع المحلية

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

لا تكّف بعض القوى المحلية المعروفة من توجيه السهام على المقاومة. مضت بغلوها إلى حد الإشارة العلنية إلى أنّ ما تقوم به من عمل مقاوم ضد العدو «الإسرائيلي» مغامرة جديدة على النحو نفسه عندما وصفت السعودية عملية الوعد الصادق عام 2006 بـــ المغامرة أيضاً. صار الدفاع عن لبنان وتحرير أرضه خطوة في المجهول . منطق غريب بل مريب ضجرنا من سماعه ومن رداءته. ليس لهؤلاء الفهم الواعي لحقيقة العدو «الإسرائيلي» ومخاطره على لبنان اليوم وغداً. وليس لهم هذا الحرص على سيادة لبنان على رغم الادعاءات الكثيرة ولا المسؤولية الوطنية على رغم الشعارات الرنانة. ليس موقف هذه القوى من قبيل الرؤية غير الواقعية بل إنّه يصب في خانة الرفض لقبول الحقائق. إذ لا يصح أن يتحدث سياسي يزعم أنّ وطنيته كاملة وتامة بما نسمعه من عبث وخواء. نشفق على هؤلاء لأنّهم لا يمتلكون الموارد اللازمة للحفاظ على توازنهم الأخلاقي والوطني والسياسي. فهم من تأرجح إلى تأرجح بلا احتشام يواري سوءة الضعف والخوف والتبعية وتحجر المشاعر والأفكار. وماذا يقول هؤلاء بحق التكفيريين الذي أرادوا استباحة لبنان ووقف الجيش اللبناني وحزب الله والأهالي في وجههم؟. الجملة نفسها تتكرر: حزب الله هو المسؤول !. لا بأس. خلال الحريق يجب أن ينشغل الإطفائيون بالإخماد لا مشاهدة النيران وسماع أصوات المثرثرين. هذا بالضبط ما يجب أن يقوم به جميع المحبين والمخلصين والمضحين الذين يعرفون أن حماية لبنان تكون بالتضحيات وحدها.

في مشهد الأيام الماضية حاولت الجماعات التكفيرية الدخول على خط لبنان باختراق الحدود، في محاولة عبثية لفتح ثغرات من الجهة اللبنانية تكون متنفساً لها بعد أن دقَّ الشتاء أبوابها. وما حصل في جرود بريتال شديد الإيحاء إلى اختناق الإرهابيين وحظوظهم المعدومة في الوصول إلى البلدات اللبنانية.

وعلى رغم امتلاء الساحة بالتلفيقات والأكاذيب السافرة، فإن إمكانية أن يلجأ داعمو هؤلاء الإرهابيين لتغيير التوازنات والضغط على المقاومة وتشتيت جهودها وقوتها وصرف أنظارها عن الجبهة مع العدو «الإسرائيلي»، باء بالفشل. فقد جاءت عملية المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا لتؤكد أنّ المقاومة ماضية في مقارعة العدو «الإسرائيلي» وأن أي ظرف مهما كان عصيباً لن يمنع المقاومين من تحرير مزارع شبعا ومجابهة الاحتلال «الإسرائيلي» بكل الوسائل الممكنة.

بالطبع، إن المقاومة أرادت أن تُفهم العدو أنها غير غافلة ولا ضعيفة وأن أي حرب على لبنان ستكون نهائية ومصيرية وحاسمة بكل المقاييس. لكن تبقى الأصوات المنتدبة من الخارج عاملة على خط التشوش على كل عمل تقوم به المقاومة. فهذه الأصوات كما أسلفنا، ما عهدناها إلا أمينة على مصالح أسيادها فيما لا تفعل شيئاً دفاعاً عن سيادة لبنان ووحدته، وإنما تمضي تخريباً في العلاقات الداخلية وتطلق من حين لآخر مواقف شائنة ومضللة أكثر ظلماً وقساوة من أن تأتي من الجهة المعلنة العداء للمقاومة كـ«إسرائيل» وأميركا.

إنّ الإرهاب التكفيري والصهيوني وجهان لمشروع يهدف إلى تقسيم المنطقة وتعميق الخلافات بين كل المكونات الاجتماعية والدينية والسياسية. لكن ما يهم أن يعرفه الجمهور اللبناني اليوم أو لاحقاً، أن أكثر الأكاذيب فضائحية وإثارة للتقزز هي التي تصدر عن جهات تدعي انتماءها للبنان بأسلوبها المخادع، ولكن هي في الحقيقة تنتمي إلى شبكة الخداع الإقليمية والدولية التي لم تر الشعوب منها إلا الفتنة والفوضى والدمار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى