حالات هروب غير معلنة وسطو على الأسلحة

يوسف المصري

هناك توافق في التقدير على أن حالات الفرار الفردية الضئيلة العدد التي شهدها الجيش اللبناني منذ بدء الحرب الإرهابية على لبنان، لا تمثل ظاهرة أو حتى أنها لا تقدم أية إشارة خطر على هذا الصعيد. فالفرار الفردي من الجيش يحصل في أهم جيوش العالم وذلك في حالات السلم والحرب، وأسبابه تختلف بالعادة ومنها الأسباب الأيديولوجية. ولكن حالات الفرار تصبح ذات معنى خطر إذا حصلت على مستوى ألوية أو كتائب وجرت بوتيرة بنيوية.

وتكشف مصادر مطلعة لـ«البناء» أن هناك لدى «النصرة» و«داعش» إضافة لبيئات مشيخية لبنانية متعاطفة مع الفكر التكفيري، اتجاهاً قديماً لإدخال مؤسسة الجيش اللبناني في أتون الفتنة المذهبية بغية تفتيته من داخله، لكن كل هذه المحاولات تكسرت على صخرة المناعة الوطنية لهذه المؤسسة.

وتسرد المصادر عينها وقائع حالات الهروب الفردية التي حصلت داخل الجيش منذ بدء حرب عرسال حتى الآن، حيث أن بعضها لم يكشف عنه النقاب حتى الآن. وأبرز حالات الفرار التي ظلت بعيدة عن الإعلام هي اثنتان: الأولى حصلت قبل نحو شهرين وتمثلت بإقدام الجندي م. ف، وهو من وادي خالد، على الهرب من موقعه في شبعا إلى منطقة بيت جن السورية المقابلة، وهي تبعد عن شبعا مسافة سبع ساعات سيراً على الأقدام. والتحق هناك بـ»جبهة النصرة».

بعد ذلك حدثت محاولة الهروب الثانية، وقام بها جندي من طرابلس من آل الضناوي. وحدثت وقائع هذه الحادثة عندما أقدم الجندي المذكور بطلب استقالة من الجيش، وعندما سئل عن السبب أعلن أنه متعاطف مع الجماعات التكفيرية. وجرت محاكمته.

والواقع أن حالة الهروب الأخيرة في الجيش التي قام بها الجندي عبد الله أحمد شحادة، وهو من بلدة مشحا في عكار شمال ، لم يتم النظر إليها من زاوية مجرد حصولها، بل لما تضمنته من قيامه بالفرار من موقعه في محلة وادي الرعيان في محيط عرسال وبصحبته آليته العسكرية من طراز همفي الأميركية الصنع.

كما حمل شحادة معه بندقية رشاشة ومناظير ليلية، وقصد موقعاً لـ «النصرة» ما يشي بوجود تنسيق مسبق لا سيما أن عناصر النصرة استقبلوه بالتهليل.

ويبدو واضحاً أن ما قصدته «النصرة» من عملية فرار شحادة ليس مجرد انشقاقه، بل قيامه بتهريب أسلحة إليها من ترسانة الجيش اللبناني. وهو أمر يترك بنظر «النصرة تبعات» سلبية على الجيش أقله لجهة أن الجهات التي تسلحه سوف تصبح أكثر حذراً بتقديم سلاح نوعي إليه خشية وصوله إلى أيدي «النصرة» و«داعش».

وشحادة هو الجندي الرابع الذي يلتحق بــ «النصرة»، بعد عاطف سعد الدين ومحمد عنتر الذي اعتبر فاراً قبل أن تبث «النصرة» شريطاً حول التحاقه بها، إضافة إلى م. ف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى