قلق…
بلال شرارة
بصراحة أنا ملبّك قلقان وخائف من كلّ ما أفكر بالكتابة عنه، فأنا لم أعد أعرف كوعي من بوعي وسط التدخل العسكري التركي سواء كانت حدوده متفقاً عليها من رعاة أستانة، أم أنّ – التدخل – قد تجاوزها. فأنا برأيي وفي الواقع فإنّ هذا التدخل هو احتلال، وليس هناك احتلال لطيف ومقبول ومنسّق أو بالمنيح أو بالرّدي أو احتلال خشن، ولا يمكن لنا هضم هذه الخطوة التركية بسبب أولويات الحرب على الإرهاب. وتركيا هي إحدى أكبر رعاته، وما تفعله الآن هو تحقيق ثمن مقابل السلام السوري، و«إسرائيل» تحاول أن تحقق عائداً من السلام السوري ليس أقله إبعاد الخطر الإيراني وتحالفاته عن حدود احتلالها مسافة 50 كلم.
وفي المشهد السوري أصبح عند أميركا 8 قواعد عسكرية في سورية، وطبعاً عندها قوات قسد ، والروس عندهم عدا قواعدهم العسكرية بوليس حربي يحرس مناطق خفض التوتر، وإيران عندها عسكر وخبراء وتُعلن على رؤوس الأشهاد أنها موجودة بعسكرها وخبرائها إلى جانب النظام. والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لديه أشكال وألوان من الطائرات الحربية ومفارز المخابرات العاملة على الأرض، وهناك غرفة عمليات موك في الأردن عدا عن غرف عمليات مستقلة لكل دولة. وفي العراق ترتفع وتيرة لعبة عسكر وحرامية، والحرب النظامية والشعبية قايمة قاعدة على الإرهاب عدا عن الكيان الكردي الناشئ «المستقلّ» من طرف واحد. أما عندنا في لبنان فالحروب الكلامية الداخلية والخارجية النزعة إلى تصاعد وترسم يوماً بعد آخر مناطق حكم ذاتي بعناوين بلديات واتحادات بلدية، وقد أصبح لكلّ بلدة مولداتها الكهربائية الخاصة، والآن المطروح تركيب عدادات مياه منشان هيك كانت إدارات الميّ الرسمية تعوّفنا الله . وبالتأكيد كلّ جغرافية عندها أمنها الخاص. إلا أننا وبالرغم من هذا المشهد عندنا جيش موحّد وأجهزة أمنية مركزية تتصرّف برضانا وعندنا سلطة تشريعية وتنفيذية موحّدة!
طبعاً المشهد اليمني ليس أقلّ سوءاً وهو يقطّع القلب ، وإلى جانب اليمن يقوم الصراع الخليجي الذي جعل جميع الأطراف تقف ووجهها إلى الحائط. وفي المغرب العربي لا تزال تطغى الوقائع الليبية ولا يزال السلاح والمسلحون العابرون للحدود يتلجلجون من مدينة إلى مدينة ومن بلد إلى بلد. والسودان لا زال منقسماً نحو جهاته وحكومته تستغرق اليوم في الوقوع تحت وطأة محاولة تبييض صفحتها أمام واشنطن. ولا يبقى إلا مصر التي تجري محاولة لإخضاعها بالتجويع، فيما أخذت تستعيد أدوارها الخارجية.
طبعاً المشهد الجغرافي – السياسي العربي مراقب من الطائرات دون طيار 24 / 24، والفرحة تعمّ بعض الأقطار العربية ، بسبب موقف الرئيس ترامب من الملف النووي الإيراني الذي عاد ليضغط طهران، والموقف «الإسرائيلي» يتطابق مع موقف الرئيس ترامب إزاء طهران ويتطابق الموقف نفسه في رسم معالم صفقة العصر وعلى إعطاء شرعية للاحتلال وزيادة الاستيطان رغم قرارات الشرعية الدولية ومصادرة الأراضي واعتقال المزيد من الفلسطينيين.
نسيت أن أقول إنه عندنا وبعد قوانين الانتخابات والسلسلة والضرائب ننتهي الآن من قانون الموازنة بعد 12 عاماً على تعليق إنجازها وإرسالها من الحكومة إلى المجلس.
رغم كل الذي قلته، أنا مربك وقلق وخائف ولا أدري عن ماذا أكتب بالتحديد…؟