قرارات ترامب ومواقفه ضدّ إيران وحزب الله تبقى حبراً على ورق وجعجعة بلا طحن
أياد موصللي
النهج الأميركي الذي يرسم خطواته ومعالمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليس جديداً ولا مبتكراً، إنه تنفيذ لمشروع «إسرائيلي» متعدّد الأوجه…
وإذا تأمّلنا الخطوات الأخيرة التي ظهرت عناوينها بقرار ترامب عدم توقيع الاتفاقية النووية مع إيران والعقوبات الجامحة بحق حزب الله نرى فيها تطبيقاً لما قاله كيسنجر وزير خارجية أميركا الأسبق وحدّد فيه الأهداف والأبعاد… جاء ذلك في حديث أجراه مع صحيفة «ديلي سكويب» في 27 تشرين الثاني 2011 قال فيه:
إنّ إيران هي ضربة البداية في الحرب العالمية الثالثة.
وأضاف: لقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرون لاحتلال سبع دول في الشرق الأوسط نظراً لأهميتها الاستراتيجية لنا، خصوصاً أنها تحتوي على البترول وموارد اقتصادية أخرى، ولم يبق إلا خطوة واحدة، وهي ضرب إيران وعندما تتحرك الصين وروسيا من غفوتيهما سيكون «الانفجار الكبير» والحرب الكبرى التي لن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي «إسرائيل» وأميركا وسيكون على «إسرائيل» القتال بكلّ ما أوتيت من قوة وسلاح لقتل أكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الأوسط».
أضاف: انّ طبول الحرب تدقّ الآن في الشرق الأوسط وبقوة ومن لا يسمعها فهو بكلّ تأكيد «أصمّ». وأشار كيسنجر إلى أنه إذا سارت الأمور كما ينبغي، فسيكون نصف الشرق الأوسط لـ»إسرائيل». وقال: «لقد تلقى شبابنا في أميركا والغرب تدريباً جيداً في القتال خلال العقد الماضي وعندما يتلقون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك «الذقون المجنونة» فسوف يطيعون الأوامر ويحوّلونهم إلى رماد».
وأوضح كيسنجر أنّ إيران ستكون المسمار الأخير في النعش الذي تجهّزه أميركا و«إسرائيل» لكلّ من إيران وروسيا بعد أن تمّ منحهما الفرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة وبعدها سيسقطان وللأبد لنبني مجتمعاً عالمياً جديداً لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية «السوبر باور» وقد حلمت كثيراً بهذه اللحظة التاريخية.
فما خطط له ونفذ في سورية الشام والعراق ولبنان وأفشلته قوة الإرادة ووحدة الموقف بين الجيش والشعب في مختلف قواه المقاومة والتحالفات الإقليمية ودور روسيا وإيران فيها جعلت الإدارة الأميركية و«إسرائيل» تتخبّط في قراراتها خبط عشواء… دون تقدير وتدقيق. فتهديد كوريا الشمالية كفقاقيع بالونات في الهواء والإجراءات ضدّ حزب الله وإيران محاولات مماثلة. فالعداء الأميركي الإسرائيلي لإيران جاء بعد ان تحوّلت إيران من ذراع «إسرائيلي» في عهد الشاه إلى سيف ودرع ضدّها…
ويقول الكاتب اليهودي جوناثان كوك في كتابه «إسرائيل وصراع الحضارات»:
«ومن هنا، خططت الولايات المتحدة و«إسرائيل» لتفتيت المنطقة والزجّ بها في أتون النزاعات والحروب الأهلية كلما كان إلى ذلك سبيل. ويبرهن المؤلف بالوثائق والشواهد، على انّ الولايات المتحدة كانت على علم تامّ بما سيعقُب احتلال العراق من فوضى ونزاعات داخلية. ويقول، انّ «إسرائيل» والمحافظين الجدد كانوا يعلمون منذ البداية انّ غزو العراق والإطاحة بحاكمه، سوف يطلقان العنف الطائفي من عقاله، وعلى نطاق لم يسبق له مثيل، وقد كانوا يرغبون في هذه النتيجة . وعلى سبيل المثال، ينقل المؤلف بعض ما ورد في ورقة سياسية أعدّها مهندسو غزو العراق، ديفيد وورمسر، وريتشارد بيرل، ودوغلاس فيث، أواخر سنة 1996 والتي قالوا فيها: «بعد إسقاط صدام حسين، سوف يتفسّخ العراق بفعل سياسات زعماء الحرب، والعشائر، والأكراد، والعصابات، والطوائف، والعائلات الرئيسية».
العراق: نموذج للمنطقة؟
يورد المؤلف قول المحلل المختصّ بشؤون الشرق الأوسط كريس تونسينغ، قوله: «انّ الإدارات الأميركية المتعاقبة، جمهورية كانت أو ديمقراطية، ظلت على مدى عقود، تمارس ثلاثة أهداف أساسية في المنطقة، وهي: ضمان أمن «إسرائيل»، وتدفق النفط الرخيص غرباً، واستقرار الأنظمة المتعاونة».
وفي لغة واشنطن الجديدة يجري استبدال الاستقرار الإقليمي بسلسلة من الثورات الديمقراطية وهي رسالة تحاول إضفاء الشرعية على الأهداف التي تسعى لتحقيقها. فالإجراءات التي اتخذت ضدّ حزب الله وما يقرّر الآن بحق إيران جاء بعد فشل مخططات واشنطن و«إسرائيل» في المنطقة عادوا لإيقاظ المسألة الكردية التي توقظ دائماً عند الحشرة باعتبارها الجزء الأهمّ في عملية التجزئة والتفتيت وجميع المحاولات المماثلة التي جرت سابقاً تحت هذا العنوان فشلت وسقطت.
مسألة أكراد العراق هي محاولة بديلة عن المحاولات التي جرت في الشام والعراق وأجهضتها وحدة الإرادة والوعي… ففي الوحدة القومية تزول العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية التي تتكفل بإنهاض الأمة.
كتاب صراع الحضارات يكشف هذه المخططات بصراحة ووضوح حينما يشكك مؤلفه في صدق الأعذار الرسمية التي تبرّر بها الولايات المتحدة الشراسة التي تبديها إزاء كلّ من إيران وسورية ولبنان والمناطق الفلسطينية، ومن قبلها العراق. فلم يكن أيّاً من هذه الدول يشكل خطراً حقيقياً على الأراضي الأميركية، ولا كان لها ارتباط مع تنظيم «القاعدة»، كما لم تشكل تهديداً فعلياً لـ»إسرائيل» المدجّجة بالسلاح النووي.
أما في ما يتعلق بالعراق وإيران، فهنالك تاريخ طويل من تدخل الموساد الخفي، الذي يعود إلى عشرات السنين الماضية. وعلى سبيل المثال، بدأت السلطات اليهودية قبل قيام دولة «إسرائيل» تطوير علاقات مع الأكراد في العراق منذ عشرينات القرن الماضي .
وبنهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي، أصبحت «إسرائيل» المصدر الرئيسي للأسلحة والتدريب العسكري للأكراد في قتالهم ضدّ الحكومة العراقية المركزية. ورغم انّ التفاصيل الكاملة لم تكشف بعد، إلاّ أنّ الألوف من عملاء الموساد وأفراد الجيش «الإسرائيلي» كانوا يتمركزون في أرجاء شمال العراق تحت أغطية مختلفة مستشارين عسكريين، وخبراء زراعيين، ومدرّبين، وأطباء .
وقد لوحظت هذه الممارسة مرة أخرى بعد الغزو الأميركي للعراق، عندما أشارت تقارير الصحافي سيمور هيرش وغيره إلى وجود عملاء «إسرائيليين» في المناطق الكردية .
انّ محاربة إيران وروسيا وتحريض الأكراد على الانفصال هو جزء جديد مكشوف من قرارات التآمر على المنطقة.. وسيفشل كما أفشل شعبنا غيره من المخططات ودخول قوات تركية إلى منطقة إدلب جانبه المعلن المحافظة على المناطق الآمنة حسب الاتفاق مع روسيا وجانبه الآخر السيطرة على المناطق الكردية في عفرين وجبل الأكراد وتفتناز حيث الدعوة للفدرالية ترفع رايتها.
وكما قال سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعوا اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوّتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمّتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
انّ المحاولات التي تجري من أجل اثارة النعرات الطائفية والمذهبية… لتكون شرارة الفتنة لن تجد لها منفذاً وستفشل…